لم تخل دعوات السيد عبد العزيز بوتفليقة خلال خرجاته الميدانية في انتخابات 9 أفريل من مطالبة الشعب الجزائري بالتشمير على السواعد.. ويعني بذلك العمل ثم العمل الموفر للثروة الحقيقية والقيمة المضافة المعروفة في سيرورة التنمية والاقتصاد. وهذه الدعوات الصادقة صادرة عن رجل يعي ما يقول في السياقات الحالية المتميزة بالصعوبات الناجمة عن تصدع المنظومة المالية الدولية وانهيارها كليا ''أدت ما أدت إلى كوارث ظاهرة للعيان اليوم كفقدان واختفاء مناصب الشغل خاصة. وفي الجزائر، فإن بوتفليقة ما فتئ يشدد خلال العهدتين السابقتين على التفكير جديا ومليا في البحث عن بديل للمحروقات في الاقتصاد الجزائري. ومثل هذا التفكير ينمّ عن إنسان واع بمخاطر المرحلة وفي كل مرة يدق ناقوس الخطر... ويلجأ إلى ما يعرف ''بالإنذار المبكر'' أو ''الإستشراف'' لزعزعة كل المشرفين على الاقتصاد الجزائري... ووضعهم في الصورة الحقيقية لمعرفة واقعنا وآفاقنا المستقبلية في حالة الاعتماد الكامل على مادة البترول... والأضرار الممكن أن تسببها للبلد في حالة التمادي في هذا التفكير. والخيارات اليوم في مرحلة التبلور لم يفصل فيها حتى الآن نظرا لتعقدها وتداخلها، وفي هذا الشأن، فإن التوجه الخاص بالاقتصاد المعرفي هو الذي يسعى لأن يكون بديلا لمصدر الآداء الاقتصادي الأحادي الجانب... ومثل هذا النقاش يجري حاليا على مستوى المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي الذي يترأسه السيد محمد الصغير بابس... إلا أن هذا الخيار يتطلب كثيرا من الوقت كونه يستدعي توفر آليات ثابتة لمعرفة النمط أو النموذج الاقتصادي المتبع.. حتى يتم مواكبته وفق هذه النظرة. من ناحية أخرى، فإن الحل الأكثر واقعية هو التركيز على الفلاحة لأن الجزائر بلد زراعي، ولم يكن في يوم الأيام يعتمد على المحروقات أو مصادر أخرى قصد بناء إقتصاده بطريقة عادية جدا... ولا نتصور أي خيار آخر ماعدا الفلاحة، لهذا فإن المرحلة القادمة تتطلب طرحا عمليات للاستراتيجية الوطنية للفلاحة، ولا تكون بالرؤية الضيقة ونقصد الإكتفاء الذاتي فقط وإنما تذهب إلى التصدير، يجب أن نقتحم هذه المعركة مهما كلف ذلك من ثمن، لأن هناك معطيات شائكة وتغيرات طارئة وحساسة في الجزائر منها خاصة: التطور الهائل في عدد السكان، هذا العامل يجب أن تواكبه نظرة صارمة لتسيير العملية التنموية، وقد أشار التقرير الصادر عن المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي مؤخرا إلى حركية الموارد البشرية في الجزائري والمعايير التي خضعت لها قصد التوقف عندها. وعليه، فإن إلحاح بوتفليقة على عنصر العمل نابع من هذا التصور العام لإيجاد البديل لمادة البترول للإنطلاق باتجاه أفق أخرى واعدة من كافة النواحي، إدراكا منه بأن التخلص من تراكمات هذا العنصر الحيوي ليس بالأمر السهل، نظرا لتفكك المنظومة المالية العالمية وتحولها إلى فضاء يصعب التعامل معه، إن لم تكون بحوزتك ''مادة استراتيجية'' تسمح لك بأن تحتل مكانة محترمة على الصعيد الدولي، وفي إطار منظمة ''الأوبك'' كذلك وتتفاوض حولها كطرف فعّال. لذلك، فإنه لابديل أمام الجزائريين إلا العمل ثم العمل والانضباط والصرامة، هذه القيم للأسف لا نجدها عند الجيل مابعد الاستقلال... لا ندري لماذا؟.. المهم أن المرحلة القادمة تحتم علينا الكثير من الجدية والسلوك الجيد واحترام المسؤول والتشاور والحوار.