المشاريع الكبرى المقرر إنجازها خلال العهدة الرئاسية الثالثة للرئيس بوتفليقة التي تنطلق رسميا اليوم بعد أدائه لليمين الدستورية، تتطلب استثمارات ضخمة تفوق 150 مليار دولار وتغطي قطاعات متعددة، البعض منها بدأ ينتعش والبعض الآخر يتطلب دفعا قويا بإعادة إنعاشها، وذلك قصد تدارك النقائص ورفع مستوى حركية النمو. المبلغ الضخم الذي يعتزم الرئيس بوتفليقة تعبئته كنفقات عمومية سيرافق تعبئة، رأس المال الوطني الخاص والاستثمار الأجنبي الذي قد يعرف نوعا من التباطؤ جراء الأزمة المالية الدولية التي لن تستثني الجزائر خاصة من حيث الموارد الخارجية بالعملة الصعبة التي ستتقلص هذا العام بعد تراجع أسعار النفط. والرئيس بوتفليقة الذي أعلن عن برنامج طموح بتمويل ليس بالهين يدرك أكثر من غيره أن المرحلة القادمة لن تكون سهلة وأن جهودا جبارة ينبغي أن تبذل في إطار تلبية جزءا من الحاجيات محليا، والأهم من كل هذا ضبط الإقتصاد والمحافظة على ميزان المدفوعات من خلال جملة من الميكانيزمات تمس أولا تثمين القدرات الفلاحية وتعديل الإطار التشريعي لاستغلال الأراضي، ومن أجل كل هذا فإن الاستثمارات في هذا المجال سترتفع لتصل إلى 1000 مليار دينار خلال الخمس سنوات القادمة ضمانا للأمن الغذائي. ومن جهة أخرى، فإن الرئيس ينوي الاستثمار في مجال إعادة تأهيل المؤسسات العمومية القادرة على البقاء من خلال منحها مساعدات مالية في شكل قروض وذلك بإشراك الرأس المال الأجنبي القادر على المساهمة في تحديث الأدوات الصناعية، وسيمتد الاستثمار المزمع توسيعه إلى تطوير المنشآت الأساسية للنقل بمختلف أنواعه وذلك ضمن تحديث الخدمات المرافقة للاستثمار الاقتصادي. واستنادا إلى سياسة تجنب تمويل الاستثمار عن طريق الاستدانة الخارجية كما كان معمول به خلال السنوات الطويلة الماضية والتي توقفت قبل عامين، فإن الرئيس بوتفليقة يعتزم خلال عهدته الثالثة الاستمرار في نفس السياسة بالإعتماد بالدرجة الأولى على تعبئة الموارد المالية الهامة المتوفرة محليا والتي جاءت بفضل إيرادات النفط الخارجية وسياسة عدم المخاطرة بها. وتعبئة الأموال المحلية الموجهة للإستثمار الذي أنشأ نهاية شهر فيفري الماضي والذي يفترض تزويده برأس مال عمومي لا يقل عن 150 مليار دينار بإمكانه تقديم تمويلات تفوق 1000 مليار دينار في المرحلة القادمة، كما يتوقع أن يعرف الجهاز المصرفي استحداث آليات أخرى تسمح بتوفير منتوجات مالية توجه بالأساس لتمويل استثمارات في إطار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قصد استحداث ما لا يقل عن 200 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة. برنامج الاستثمار المزمع تطبيقه في الخمس سنوات طموح ويحمل أهدافا محددة قد تغير الكثير من واقع قطاعات ظلت لسنوات عديدة تعاني الركود، وقد لا يأتي ذلك ما لم تتكفل الجهات المعنية بإزالة العراقيل التي لا تزال تميز بعض القطاعات والتي كانت السبب في عدم إحراز التقدم المنتظر وهي المهمة التي ستقع على الحكومة القادمة بقيادة السيد أحمد أويحي إن وافق الرئيس على تجديد الثقة فيه اليوم أو تعيين من يخلفه في أداء مهام الحكومة المقبلة.