قبل ظهور التعبير الرمزي غير المباشر في رسوم الكاريكاتور والأعمال الدرامية في المسرح والسينما والتلفزيون كان المبدعون في العصرالقديم ينتقدون الأوضاع بالقصص الرمزية على لسان الحيوانات، وأشهر هؤلاء المبدعين عبد الله بن المقفع في كتاب كليلة ودمنة الشهير. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن الموضوع بالتفصيل، ولكن من المفيد تقديم النماذج التالية: 1 تروي الأساطير في قديم الزمان أن فأرا صغيرا ذهب ذات يوم إلى الأسد وقال له: أيها الأسد العظيم لقد جئت أتحداك وأدعوك إلى المبارزة، فتح الأسد عينيه بعد أن كان ينعم براحة أفسدها عليه هذا الفأرالمتهور وبدأ الأسد يتثاءب فلمعت أنيابه في الضوء واقتنع الفأر أن هذه الأنياب لو انطبقت على رأسه سوف تهشمه. 2 عاد الفأر يتحدى الأسد: لماذا لا ترد أيها الأسد؟ هل أنت خائف؟ عاد الأسد يتثاءب ويقول: إذهب عني أيها الفأر المهرج ليست لي رغبة في المزاح... ازداد الفأر انتفاخا وقال للأسد: من الذي ألقى في روعك أنني أمزح، إنني ادعوك للنزول حقيقة لا مزاحا، قال الأسد للفأر هل أكلت عصير العنب المخمر فسكرت؟ هل جننت.. إذهب عني.. وانجُ بجلدك فلن أمازحك، قال الفأر: لماذا ترفض المبارزة؟ قال الأسد: لأنني حكيم. قال الفأر: أيها الأسد دعني أستفيد من حكمتك وأجلس مجلس التلميذ أمامك، لماذا رفضت أن تنازلني؟ قال الأسد: الحكمة ثمرة من ثمرات العقل التي يؤتها الله لبعض عباده، وانني لا أعرف من خبايا الأمور ما لا يعرفه الكثير من المتهورين، فلو نازلتك وصارعتك وقاتلتك فأي شرف لي في ذلك، ولو غلبتني تكون مصيبة المصائب، إذهب عني ودعني أرتاح قليلا في أحضان حكمتي. 3 مؤلف كتاب كليلة ودمنة أصله من بلاد فارس ولد في عام 724 م وكانت وفاته في عام 759 م، ولما اعتنق الاسلام سمي عبد الله أما لقب إبن المقفع فيرجع إلى أن أباه كان قد ولاه الحجاج بن يوسف خارج فارس فاختلس بعض المال فأمر الحجاج بالضرب على يديه فتقفعتا فحصل بعد على لقب المقفع. 4 حين تولى سفيان ابن معاوية البصرة لأبي جعفر المنصور كان ابن المقفع يسخر من كبر أنفه فوشى به إلى المنصورالذي أمربقتله بتهمة الزندقة وهو منها بريء لأنه ليس في آثار ابن المقفع ما يدل على ذلك.