قبل ظهور النقد غير المباشر للأوضاع في الفنون والآداب والابداع الدرامي في المسرح والسينما والتلفزيون، لجأ الأقدمون إلى النقد غير المباشر للأوضاع على ألسنة الحيوانات وتوجيه الرسائل بطريقة غير مباشرة إلى الحكام والمحكومين على حد سواء. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن الموضوع بالتفصيل، ولكن من المفيد تقديم النماذج التالية: 1 زعموا أن ثعلبا ذهب إلى ربوة فيها طبل معلق إذا هبت الريح حركت الأغصان وتضرب الطبل فيصدر عنه صوت ضخم، ولما وصل وجد الطبل ضخما فأيقن في نفسه بكثرة الشحم واللحم فشقه فوجده أجوف لا شيء فيه وعندما قال: لا أدري لعل أقل الأشياء قيمة أجهرها صوتا وأعطها جنة البعض يستكبر الشيء ولكنه يستصغره عندما يجربه. 2 أراد أسد أن يفترس ثورا فلم يستطع فذهب إليه وقال له منافقا: قد ذبحت خروغا سمينا واشتهي أن تأكل منه لأنك ضيفي الليلة فقبل الثور الدعوة، فلما وصل إلى عرين الأسد فوجد أنه قد أعد حطبا كثيرا فولى هاربا فقال له الأسد: لماذا رجعت فقال الثور: عندما رأيت كمية الحطب علمت أن الاستعداد لما هو أكبر من الخروف والمغزى أنه ينبغي للعاقل ألا يصدق عدوه في جميع الأحوال. 3 تقول إحدى الروايات أن ثعلبا ذهب إلى بئر وعليها رشاء في طرفيه دلوان فقعد في الدلو العليا فانحرت إلى أعماق البئر فشرب فجاءت الضبع وأبصرت القمر في الماء منتصفا والثعلب في أعماق البئر وقالت: ماذا تصنع؟ فقال: إني أكلت نصف الجبنة وبقي نصفها لك فانزلي وكليها فقالت الضبع وكيف أنزل: فقال الثعلب: تقعدين في الدلو فقعدت واغورت الى أعماق البئر وارتفع الثعلب في الدلو الأخرى وبقيت هذه القصة مثلا عند العرب في المختلفين. 4 تلقى كلب دعوة إلى وليمة فخرج إلى السوق فلقى كلبا آخر فقال: عندنا اليوم دعوة فمضى معه فدخل به إلى المطبخ قبض أحد العاملين في المطبخ على ذنبه ورمى من الحائط خارج الدار فوقع مغشيا عليه فلما رآه أصحابه إننا نراك خرجت اليوم ولا ندري كيف الطريق، والمغزى أن المتطفلين يخرجون مطرودين بعد الهوان والاستخفاف بهم. 5 شكى الثور أمره إلى الحمار وقال له: هل لك أن تنصحني بما يريحني من التعب الشديد؟ فقال له الحمار: تمارض ولا تأكل علفك عمل الثور بنصيحة الحمار: ترك صاحبهما الثور وأخذ الحمار بدله وحرث عليه كل اليوم حتى كاد يموت تعبا عند عودته قال له الثور كيف حالك يا أخي؟ قال الحمار: سمعت صاحبنا يقول إذا بقي الثور على هذه الحال يجب ذبحه لئلا نخسر ثمنه قام الثور في الحال إلى علفه فأكله عند ذلك ضحك صاحبهما الذي يفهم بلسان الحيوانات والنتيجة أن الغبي يقدم الرأي الذي تكون عاقبته وبالا عليه.