شرشال مدينة ساحلية، تقع على بعد 100كم، غرب الجزائر العاصمة، يحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط، جنوبا جبال الظهرة، شرقا جبل شنوة، غربا مرتفعات تنس، وبفضل موقعها الجغرافي اكتسبت شرشال أهمية استراتيجية مكنتها من اكتساب مكانة تاريخية هامة في البحر الأبيض المتوسط. كانت شرشال منطقة آهلة بالسكان منذ فترات ما قبل التاريخ، منها الانسان الابيرومغربي حوالي 30000سنة، والانسان القفصي حوالي 6000 سنة وقد وجدت آثار لصناعات حجرية بمنطقة شرشال في موقعين الرأس الأحمر و الرأس الأبيض، ومع وصول الفنيقيين حوالي القرن الرابع قبل الميلاد، اتخذوا شرشال كمحطة تجارية لهم، وأقاموا فيها مبادلات مع الأهالي. أطلقوا عليها اسم «أيول» وبفضل هؤلاء البحارة و التجار، شهدت أيول ازدهارا كبيرا لعدة قرون حتى وصول الرومان. بعد سقوط قرطاجة سنة 146ق.م، أصبحت أيول تحت حكم الملك مسيبسا، ثم حكم بوخوس الثاني بعد وفاة هذا الأخير،الذي ضم مملكة الماسيسيل الى مملكة موريطانيا، و زحف نحو الشرق الى مملكة الماسيل، أين تحالف مع الامبراطور الروماني يوليوس قيصر ضد يوبا الأول (ملك الماسيل) الذي تحالف بدوره مع بومبي في حرب «تابسوس» سنة 46 قبل الميلاد التي انهزم فيها يوبا الأول ثم انتحر و أخذ ابنه يوبا الثاني كأسير حرب الى روما وهو في الخامسة من العمر، وهناك تلقى تربية وتعليم على أسس يونانية رومانية. في عام 33 قبل الميلاد، توفي بوخوس الثاني الذي لم يكن له وريث، فتولى الامبراطور أغسطس في 27 قبل الميلاد زمام الحكم في موريطانيا القيصرية. في 25 قبل الميلاد عين يوبا الثاني حاكما للمملكة، واتخذ أيول عاصمة له وغير تسميتها الى القيصرية تكريما للامبراطور قيصر. تزوج يوبا الثاني كليوباترا سيليني، ابنة مارك انطوان، وكليوباترا السابعة وأنجبت له بطليموس ودروسيلا. أثناء حكم يوبا الثاني جهزت القيصرية بمنشآت معمارية هامة ذات عناصر فنية منها المسرح، المدرج، الحمامات، الساحة العمومية، القناطر المائية والسور المحصن للمدينة…زينت بتماثيل ولوحات فسيفسائية ذات ذوق رفيع مع العلم أن يوبا الثاني كان مولعا بالفنون، وكان يستدعي أحسن النحاتين و أفضل المواد، ففي عهده عرفت القيصرية قمة ازدهارها. دام حكمه الى غاية سنة 23 بعد الميلاد حين توفي. وقد استلم ابنه بطليموس الحكم من بعده حتى عام 40 بعد الميلاد حين قتل غدرا في ليون على يد الأمبراطور كاليقولا بدافع الغيرة، كان بطليموس يتبع سياسة أبيه في تسيير شؤون المملكة. ضمّت المملكة الى الأمبراطورية الرومانية وقسمت الى ولايتين موريطانيا الطنجية (المغرب) وموريطانيا القيصرية (شرشال). لكن رغم ذلك لم تفقد من أهميتها، بل زادت ازدهارا خاصة نهاية القرن الثاني (235-193). في سنة 371م، قام الملك الموريطاني فيرموس بحصار مدينة شرشال بنحو 20 ألف جندي و شدّد عليها الخناق الى أن فتحها ثم قام باحراقها. في القرن الرابع للميلاد شهدت المدينة زحف الوندال، حيث تعرضت مرة أخرى الى الحرق والتخريب. كما عرفت وصول البزنطيين ورثة الرومان في سنة 533م. كما عرفت المدينة مختلف الفتوحات الاسلامية ففي عام 987م،سيطر الأمويين عليها، كما أنها أنشأت كرباط في عهد الدولة المرابطية، وفي عام 1144م كانت هناك محاولة فاشلة للنورمان على الاستيلاء على المدينة. في نهاية الحكم الموحدي، بسط بنو منديل نفوذهم على شرشال مقيمين فيها الدعوة الحفصية. وفي عام 1298م فتحت شرشال وغيرها من المدن على يد يوسف بن يعقوب المريني. سنة 1348م استولى ابن راشد أل ثابت بن منديل المغراوي على ما كان لسلفه من ملك منها مدينة شرشال. وتجمع شرشال بين ثلاثة أشياء زرقة البحر والمناظر الطبيعية، من أشجار وجبال خلابة محيطة بها، والآثار الرومانية كشاهد على حقبة تاريخية قديمة، ويرى الزائر في المدينة المتحف الأثري المفتوح الذي يقع وسط غابة من الأشجار والحجارة الضخمة التي تعود إلى عهد الرومان. وفيه يكتشف السائح المعالم الأثرية بالمدينة، حيث يرى المدرج الروماني أو كما يسمى (الميدان) الذي كانت تتدرب فيه الأسود وتستعرض فيه مبارزات الفرسان، بالإضافة إلى العروض المسرحية