يقوم الوزير الأول عبد المالك سلال، اليوم وغدا، بزيارة رسمية إلى السعودية، في إطار اللقاءات الدورية للحوار والتشاور بين مسؤولي البلدين، بحسب ما أفاد به بيان لمصالح الوزير الأول، أمس. أكد ذات المصدر، أن “هذه الزيارة، التي تندرج في إطار اللقاءات الدورية للحوار والتشاور بين مسؤولي البلدين، ستسمح بدراسة وتقييم العلاقات الثنائية وكذا السبل والوسائل الكفيلة بتعزيزها في جميع المجالات”. في هذا الإطار، سيشارك الوزير الأول في منتدى اقتصادي مخصص ل “تشجيع المتعاملين بالبلدين على تطوير الاستثمار المنتج وتكثيف مبادرات الشراكة الكفيلة بتعزيز علاقات الأعمال القائمة”. من جهة أخرى، ستشكل هذه الزيارة فرصة للطرفين “لتبادل واسع لوجهات النظر حول عدد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك”. واختتم البيان، أن الوزير الأول سيكون مرفوقا خلال هذه الزيارة بوفد وزاري. علاقات متميزة وتطلّع نحو شراكة استراتيجية تسعى الجزائر والعربية السعودية، من خلال تكثيف تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين في البلدين، إلى تعزيز علاقاتهما المتميزة في ظل وجود رغبة مشتركة لدى الجانبين للدفع بوتيرة التعاون الثنائي والارتقاء به إلى شراكة استراتيجية مثالية تخدم مصلحة البلدين وتعود عليهما بالمنفعة المتبادلة. في هذا السياق، تأتي الزيارة الرسمية التي سيقوم بها الوزير الأول عبد المالك سلال إلى الرياض، بداية من اليوم، حيث سيجري محادثات مع كبار المسؤولين في المملكة حول سبل ووسائل تعزيز العلاقات الثنائية وترقية التعاون في شتى المجالات، بالإضافة إلى التباحث في المسائل والقضايا ذات الاهتمام المشترك، لاسيما منها الوضع في المنطقة العربية. وفي الشق الاقتصادي، سيشارك سلال، خلال هذه الزيارة، في منتدى اقتصادي، هدفه دفع المتعاملين الاقتصاديين من البلدين لترقية الاستثمار المنتج ومضاعفة مبادرات الشراكة والأعمال بين البلدين. وكان الوزير الأول قد أكد بهذا الخصوص، أن المملكة العربية السعودية “شعبا وقيادة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، لها مكانة خاصة في قلوب الجزائريين”، معتبرا أن العلاقات السياسية بين الدولتين “ممتازة في إطار تشاور وتنسيق مستمر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك في الفضاءات العربية والإسلامية والدولية”. وأبرز سلال تطلع البلدين للارتقاء بتعاونهما الثنائي إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية وذلك بالنظر - كما قال - إلى “الإمكانات وفرص التكامل الهائلة المتوفرة لديهما وكذا الإرادة السياسية القوية التي يتحلى بها كل من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود لتطوير وتنويع علاقاتهما الثنائية، بما يحقق تطلعات الشعبين الشقيقين”. وذكر على وجه التحديد، مجالات التعاون والشراكة التي يمكن بشأنها إقامة شراكات ومشاريع مشتركة، منها المحروقات والبتروكيمياء والفلاحة والصناعة واقتصاد المعرفة والسياحة، وهي كلها قطاعات تدعم الحكومة الجزائرية الاستثمار فيها بتسهيلات متعددة. كما ذكر بالإصلاحات التي باشرتها الجزائر منذ عشرية كاملة والتي تمخض عنها قطاع خاص قوي وطموح يلعب دورا هاما في عملية التنمية الاقتصادية، حيث تبين الإحصائيات أن هذا القطاع يساهم ب70 من المائة من النمو الاقتصادي السنوي خارج المحروقات وبأكثر من 60 من المائة من حجم الواردات الجزائرية. وجدد التزام الجزائر ببذل “كل الجهود” لتذليل العقبات التي قد تعترض المستثمرين السعوديين، مع الحرص على توفير “الظروف الملائمة” لترقية الاستثمار ورفع حجم المبادلات التجارية بين البلدين. كما أبرز سلال إمكانية تحقيق التفاعل المباشر بين رجال الأعمال في البلدين عبر آليات دائمة. وكان البلدان قد وقعا في ختام أشغال الدورة 11 للجنة المشتركة، التي انعقدت في ديسمبر 2015 بالرياض، على عدة اتفاقات تعاون تخص مجالات النقل البحري والأسواق المالية والتخطيط والاستشراف والإحصائيات. وقد تم التأكيد على أهمية تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية، خاصة الشراكة والاستثمار، إضافة إلى مجالات أخرى تمس التعاون العلمي والثقافي والموارد البشرية. كما تم وضع برنامج عمل مستقبلي من أجل تعزيز العلاقات القائمة بين البلدين في مختلف الميادين والقطاعات وكذا التنسيق والتعاون بين الجانبين، بما يستجيب لتطلعات وطموحات البلدين. من جانبه، ناقش مجلس الأعمال الجزائري - السعودي، المنعقد في دورته الثامنة في مارس المنصرم، بالجزائر، حوالي 12 مشروع شراكة بين متعاملين خواص من البلدين بقيمة (2) ملياري دولار. وقد تم التأكيد على ضرورة أن تكون المبادلات التجارية الثنائية في صالح البلدين، في إشارة إلى العجز التجاري الكبير الذي يسجله سنويا الميزان التجاري الجزائري مع السعودية. وقد سجلت التبادلات التجارية بين البلدين ما قيمته 619 مليون دولار في 2015، حيث بلغت قيمة الواردات الجزائرية ما يفوق 612 مليون دولار. وتوجد حاليا أربعة مشاريع شراكة قيد الدراسة بين البلدين، تخص إنشاء مستشفى طبي خاص ومشروع لتصنيع الضمادات الطبية وآخر لصناعة المشروبات، إضافة إلى مشروع شركة لصنع آلات ميكانيكية عالية الدقة. وبالنظر لفرص الشراكة المتاحة بين البلدين وتراجع العوائق التي تعطل إنجاز مشاريع الاستثمار، فإن قيمة مجموع المشاريع المؤكدة بين متعاملي البلدين تبلغ نحو ملياري دولار في مجالات العقار والصناعة، وهو رقم مرشح للارتفاع، على حد قول رئيس الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، محمد العيد بن عمر، الذي اعتبر أن الأوضاع الاقتصادية الراهنة، المتسمة بانهيار أسعار النفط، تفرض على البلدين “بذل المزيد من الجهود لإيجاد سبل جديدة لتنويع الاقتصاد والشراكة بهدف التقليل من الآثار السلبية التي قد تفرزها التحولات الاقتصادية العالمية على البلدين بشكل عام”. كما دعا رجال أعمال البلدين، إلى اغتنام هذه الفرصة لبحث سبل التعاون المشترك وتشجيع الاستثمار من خلال مشاريع شراكة مربحة للطرفين، مشيرا إلى أن مجالات الشراكة في الجزائر “متعددة وواعدة” مع ضرورة التركيز على القطاعات التي تمتلك المؤهلات مثل الفلاحة والصناعات التحويلية وصناعة الأدوية والصناعات البتروكيماوية والعديد من القطاعات والميادين الأخرى التي تتيح فرص الشراكة والتعاون.