تسليط الإعلام الضوء على امتيازات ممثلي الشعب نقل صورة خاطئة عنهم الفترة التشريعية الثامنة فرصة سانحة لاستعادة ثقة الشعب تباينت آراء النواب والمترشحين للانتخابات التشريعية المقرّرة في الرابع ماي الداخل، بخصوص الانتقادات الموجهة للبرلمانيين، ومدى تأثيرها على الناخب والمترشح، على حد سواء، وتقاطعوا في التأكيد أن الممارسات السلبية في إشارة إلى الغيابات عادة ما تكون مبرّرة، باستثناء أقلية غير ملتزمة، مشدّدين على أن البرلمان مؤسسة قوية لا تتأثر بها. ذهب البعض إلى أبعد من ذلك معتبرين أن تسليط الضوء على الهيئة بطريقة سلبية له خلفية سياسية محضة، هدفها ضرب المسار الديمقراطي. اعتبر النواب في تصريحاتهم ل «الشعب»، أن تركيز الإعلام على تناول مسألة أجور النواب والامتيازات، على حساب مهمتهم الأساسية ممثلة في نقل انشغالات المواطنين، ساهم في تشويه صورة ممثلي الشعب بالمجلس الشعبي الوطني، جازمين بأن الفترة التشريعية الثامنة فرصة سانحة لاستعادة ثقة الشعب وتعزيز الممارسة الديمقراطية. صديق شهاب: تسليط الضوء على نقائص البرلمان هدفه ضرب المؤسسات شدّد الناطق الرسمي ل «التجمع الوطني الديمقراطي» شهاب صديق، في رده على سؤال «الشعب» بخصوص الانتقادات الموجهة للنواب، خلال الفترة التشريعية وكذا ظاهرة التغيب، ومدى تأثيرها على المترشحين للفترة التشريعية الثامنة، على ضرورة التمييز بين الانتقادات المؤسسة على غرار تغيب أقلية من النواب، يقع على أحزابهم فرض الانضباط، وبين تسليط الضوء المفرط على البرلمان، الذي له خلفية سياسية هدفها ضرب الديمقراطية، ونزع المصداقية عن هيئة دستورية ممثلة في السلطة التشريعية. ذكر متصدر قائمة «الأرندي» في سياق تحليله للإشكالية المطروحة قائلا: «بالنسبة للحزب الذي أمثله، المشكل لا يطرح أساسا، إذ أن نواب التجمع يشاركون في كل الجلسات، سواء المخصصة للنقاش أو للمصادقة أو داخل اللجان، التشكيلة بعينها لديها برنامجا طموحا، كما أن الحزب معروف بالواقعية، والصراحة والصرامة في العمل». خلص إلى القول «كل إطارات الحزب، ينتهجون التعامل مع أمهات القضايا، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية بجدية كبيرة، وهم الأكثر انضباطا وحضورا، وحتى التغيب ناذر جدا، ويكون مبرّر. برأي صديق شهاب، لا ينبغي إعطاءه أكثر من حجمه، وانطلاقا من تراكم التجربة في الممارسة البرلمانية، وبحكم كونه برلماني دولي، تنقل وشارك في عديد فعاليات البرلمانات الدولية والإقليمية، أكد أن ظاهرة التغيّب ليست استثناء في الجزائر. أما بخصوص النواب الذين لا يأخذون على محمل الجد المهام الملقاة على عاتقهم، أي تمثيل الشعب ونقل انشغالاته، ويخدمون مصالحهم، فإنهم قلة قليلة، والأغلبية تقوم بعمل دؤوب، مع الحرص الدائم على نقل انشغالات المواطنين. معالجة الظاهرة يتوقف بحسب شهاب على مراجعة القانون الداخلي لتكييفه مع التعديل الدستوري الأخير، والأهم من ذلك، أن الأحزاب تتحمل مسؤوليتها، من خلال إلزام الكتلة البرلمانية بالانضباط، وإلزام النواب بالحضور. نعمان لعور: التكوين السياسي يشكل الفارق بين النواب أكد النائب نعمان لعور عن حركة مجتمع السلم «حمس»، نائب رئيس الحركة، أن البرلمان أهم مؤسسة تشريعية في الدولة، بحكم أن باقي الهيئات في الدولة من حكومة وعدالة وغيرها من السلطات تطبق ما يشرع له المجلس الشعبي الوطني، ولم يخف تأسفه لمحاولات تشويه صورة الهيئة لاعتبارات متعددة، البعض منها فقط واقعية لا يمكن الهروب منها، لافتا إلى أن التكوين السياسي يشكل الفارق بين النواب عموما. نعمان لعور الذي ترشح لعهدتين نيابيتين متتاليتين، ورفض الترشح مجددا للطبعة الخامسة من الانتخابات التشريعية المقررة في 4 ماي 2017 تكريسا للتداول، ذكر بالانتقادات الموجهة للبرلمان من حيث النتائج، وصلت إلى حد الطعن في تمثيله، لافتا إلى أن الانتخابات الشفافة والنزيهة وحدها الكفيلة، وحدها تعيد الهيبة للمؤسسة، لأنها تضمن تشكيلة تمثل الشعب وتكون في المستوى. الى ذلك لعور توقف عند مؤشر آخر لا يقل أهمية، ويتعلق الأمر بمستوى النواب مذكرا في السياق أن 50 بالمائة من المترشحين للانتخابات الوشيكة ليسوا جامعيين، أما بخصوص الغيابات نبّه إلى أن سببها عادة ليس اللامبالاة، وإنما الأمر برأيه لا يعدو أن يكون سوء تفاهم، لأن عمل النائب لا يختصر في الحضور في الجلسات، ففي المناقشات العامة بمجرد تقديم المداخلة يمكن للنائب المغادرة لأنه ليس ملزم بالاستماع، على عكس جلسة التصويت التي يشترط فيها الحضور، وعادة من يكون في العمل في الكواليس بالنسبة للمعارضة. بعد ان أشار إلى أن الدستور في طبعته الأخيرة عالج إشكال الغيابات، الذي لا يطرح على الأرجح في الفترة التشريعية الجديدة، نبه إلى أن الإعلام أثر سلبا على صورة النائب، بعدما سوّق فكرة مفادها أن النائب يبحث فقط عن الامتيازات وترقية اجتماعية، على حساب العمل البرلماني وتمثيل الشعب. الدكتور مراح: برلمان قوي يساوي دولة قوية أكد المترشح الدكتور مراح عن حركة الإصلاح الوطني، أن التشكيلة التي يمثلها تراهن على استرجاع الدور الحقيقي للبرلمان، التي تساهم في تكريس استرجاع مصداقية البرلمانيين على مستوى العمل النيابي المكرس دستوريا، والغائب في الميدان، لافتا إلى أن قوة البرلمان قوية بتشريعها وإطاراتها، والبرلمان القوي يساوي في نهاية المطاف دولة قوية. أفاد الدكتور في السياق: «استبشرنا خيرا بدستور 2016، على اعتبار أنه حدد مهام البرلماني بكل دقة، إذ يفترض على الأقل أن يكون ملما بتخصّص التشريع، لاسيما وأن مهمته ليست سهلة لأنها تتعلق بالتشريع والرقابة على الحكومة والوزارات، ما يقتضي كفاءة ومثابرة، والى ذلك فإن البرلماني دبلوماسي، للدفاع عن الجزائر ونقل أحسن صورة عنها لأن العالم أصبح قرية.» أضاف الدكتور: «إن دور البرلماني غاية في الأهمية لأنه يقوم بنقل الانشغالات المعبر عنها من قبل المواطنين، إلى الجهات العليا في البلاد، ما يساهم في رفع الغبن عنهم، مذكرا بأن الدور الأساسي للبرلمان إعداد قوانين تنظم وتسير المجتمع، ولذلك الأحزاب مطالبة بتقديم أكفأ الإطارات، القادرين على أداء التشريع لمساعدة الحكومة.» ولم يفوّت الفرصة، بالأهداف التي حددها المؤتمر الوطني لحركة الإصلاح الوطني، بينها مبدأ المشاركة في الانتخابات، لنكون ثاني تشكيلة سياسية أكدت مشاركتها في شهر أوت 2016 ، وتم وضع إستراتيجية قائمة على تطبيق برنامج، والبرلمان شابه نقائص وعوض أن يكون جسر بين الشعب والسلطة الحاكمة، أصبح عكس ذلك، بسبب عدم الحضور، ما انعكس سلبا على دور المؤسسة عموما. محمد كاديك: الانتقاد سببه الخلط بين العمل التشريعي والتنفيذي من جهته، المترشح لعهدة نيابية في قائمة حزب جبهة التحرير الوطني بالمدية محمد كاديك، أفاد في السياق: «أعتقد أن ما يوّجه إلى نواب المجلس الشعبي الوطني من انتقادات، يعود بالدرجة الأولى إلى الخلط بين العمل التشريعي والعمل التنفيذي، ولعل النواب، في عمومهم، لم يبذلوا جهدا في توضيح هذا الفارق للمواطنين لأسباب تبدو لي موضوعية، ولا علاقة لها بالتقصير في المهام». بعدما ثمن العهدة البرلمانية ل «الأفلان»، معتبرا أنها كانت «مثمرة جدا»، وهو أمر منطقي حسبه كونه يتحمّل أمانة تطبيق برنامج رئيس الجمهورية، أكد أن القوائم تحسبا للانتخابات التشريعية للرابع ماي «تعتمد على أسس صلبة، ويكفل لنا اليوم كمترشحين أن نعمل بأريحية كاملة لأجل تحقيق طموح المواطن الجزائري». في رده على سؤال، يخصّ الورقة الرابحة ممثلة في إقناع الناخبين، التي سيتم اعتمادها، نبه كاديك إلى أنها «ستكون الخطاب الصادق»، مستطردا في سياق موصول «نراهن على منجزات الجزائر ونقدم رؤى وتصورات حزبنا، فنحن أمام مسؤولية تاريخية تجاه الوطن». بخصوص الغيابات التي تداولت الحديث عنها الصحف، اعتبر الرقم الثاني في قائمة الحزب العتيد بالمدية، أن «المسألة لا تطرح بالنسبة لنواب حزب جبهة التحرير الوطني، لأن حزبنا هو الذي رفض هذه التصرفات، وهو الذي وضع لها آليات واضحة لتجنبها في المستقبل». بالنسبة للنقد الموجه إلى المؤسسة التشريعية، ليس القصد منه ضرب المؤسسات وفق ما أكد كاديك ذلك أن النقد في طبيعته يميل إلى الكشف عن السلبيات، متوّسما أن يكون «النقد بنّاء يسهم في بناء مؤسسات الدولة»، كما أن»الإعلام الوطني، لا يتحمّل أية مسؤولية في حسن صورة النائب، ولا في سوئها، فالنائب يتحمّل مسؤوليته كإنسان كامل الوعي بمتطلبات بلاده وطموح مواطنيه، ورسالة الإعلام تقتضي ممارسة النقد البنّاء». لا يمكن للإعلام وفق طرح كاديك السكوت على «ممارسات سلبية يتحمل مسؤليتها من يقوم بها وحده، ولا تمسّ بالمؤسسة في شيء»، في إشارة إلى مسألة «أجور النواب»، التي لا تعدو أن تكون «مجرد مبالغة أو مزايدة لا تؤثر في شيء على النواب المقبلين وحملتهم الانتخابية».