أيدت قراءات العديد من المتعاملين والشركاء بما فيهم الأجانب على غرار الفرنسيين على لسان مسؤولة منظمة الباترونا الفرنسية زالميدافس في زيارتها الأخيرة أن مناخ الاستثمارات في الجزائر لا يزال جذابا ومثيرا للاهتمام، خاصة في عز الأزمة المالية العالمية التي دكت حصون كبريات الشركات والبنوك كما هو الشأن في أزمة شركة دبي العالمية. المؤشرات بالنسبة لمن يجيدون قراءة المعطيات الاقتصادية تطلق الضوء الأخضر، وهذا منذ حوالي عشرية كاملة مفتوحة على آفاق رحب على صعيد ضمان الدولة لبرنامج استثماري عمومي مندمج يسيل لعاب المتتبعين للساحة الاقتصادية بما يكذب قطعا ما يحاول البعض الترويج له من أن الوضع تغير، لا لشيء سوى أنهم لم يميّزوا بين الطابع الاقتصادي والإنتماء لبلدهم بل والانتصار لحملة فيها من الجور والظلم ما يندى له الجبين وبالطبع ربما للتغطية على مخطط للتقويم الضريبي. قانون المالية الجديد الذي حمل إلزامية العمل بالقرض المستندي لم يجد عند المتعاملين الاحترافيين ما يدعو للقلق بشكل يتجاوز إطار البحث عن إجابات حول آليات وميكانيزمات ذلك، وقد أعلنت مسؤولة الميداف الفرنسية وكثير من الخبراء أن ليس في الموضوع ما يهدد المبادرة الاستثمارية وحرية تنقل الرأسمال الجاد وإنما كل ما في الأمر هو التوصل إلى إحاطة حركة الرأسمال بما يلزم من الشفافية والوضوح. وفي سياق السهر على إنهاء أي فجوات محتملة يلعب عليها منتهزو الفرص وجدوا في السوق الجزائرية ما يوصف بمنجم ذهب مضمون الربح وبتكلفة قليلة من الطبيعي أن لا تتوانى السلطات العمومية المختصة في إلزام كل متعامل يرغب في تغيير وجهته إشعار الحكومة بذلك، لتتولى الأمور و منع أي صفقة محتملة مع أطراف أخرى كما حدث في صفقة أحد مصانع الاسمنت بعد أن تحايل متعامله مستفيدا من تحفيزات ومزايا ضريبية ساعدته على تحقيق أرباح هائلة. من حق بل من واجب السلطات العمومية أن تُقحم نفسها بصفة ضابط الساحة الاستثمارية لمنع أي تلاعبات هنا أو هناك على حساب المجموعة الوطنية، خاصة وأنها وضعت للمتعاملين ما يضمن نجاحا لمشاريعهم الاستثمارية وهي حقيقة يقر بها من لم يصبه الجحود أو اللؤم، ويوجد أكثر من مثال لنجاح مستثمرين قدموا بدريهمات وساعدتهم السوق في بلوغ أحلامهم، ما جعل المتعاملين الفرنسيين أنفسهم يقتنعون اليوم بأن السوق الجزائرية واعدة ومضمونة لمن يلتزم بالمعايير الاستثمارية من شفافية وارتباط بالسوق على المدى البعيد، وانخراط في الديناميكية التنموية الشاملة بكل ما يعنيه الأمر من إنتاج للقيمة المضافة، وإعادة استثمار جانب من الأرباح في مشاريع إنتاجية في قطاعات الصناعة والفلاحة والتكنولوجيات الحديثة والسياحة وغيرها.