يحلّ وفد من رجال العمال الأمريكيين بالجزائر اليوم في رحلة للبحث عن فرص استثمارية هي موجودة على أرض الواقع في ظل الإنفتاح الإقتصادي على العالم، ضمن الضوابط القانونية التي تهدف إلى ضمان الشفافية، وهي المسألة التي يعوّل عليها في تكريس مناخ استثماري جذّاب وتنافسي يخضع لمعايير الجودة والإلتزام بالآجال. ويعوّل على هذا الموعد لإرساء شراكة ملموسة خارج ميادين قطاع الطاقة التقليدية من غاز وبترول، وامتلاك الجرأة لولوج قطاعات أخرى تعد بالكثير للبلدين وللأسواق الإقليمية. حلول الوفد الإقتصادي الأمريكي الذي يرتقب أن يكون في مستوى تطلعات الموقف الإقتصادي للطرفين، يأتي في سياق الأزمة المالية العالمية التي أخلطت أوراق كبريات الشركات وأقوى المتعاملين بما فيهم الأمريكان، الذين يسعون إلى تدارك الأمر تفاديا لما سينجرّ عن طول أمد الركود الإقتصادي، وهو ما لا يطمئن أكثر من شركة عالمية وأغلبها تنشط في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبلا شك أن اختيار وجهة الجزائر ليس قائما على عاطفة أو مشاعر حسن النية، بقدر ما هو قائم على دراسة عميقة للوضع الإقتصادي والمالي الذي يطلق مؤشرات نمو قوية لا تتوفر حاليا في ساحات اقتصادية أخرى، ممّا يتطلب الإمساك بأوراق التفاوض حول المشاريع المحتملة، والتي ينبغي أن توجّه للقطاعات الاستثمارية خارج إطار المحروقات، وهو ما ينبغي أن يقتنع به الشركاء الضيوف تجسيدا لشراكة متبادلة المنافع، وتنعكس على البلدين من حيث التنمية الشاملة. وللإشارة، تعد الولاياتالمتحدة أول زبون للجزائر السنة المنصرمة بحجم مالي يقدر ب 9,62 مليار دولار، وهي سادس مموّن لها بحجم يقدّر بحوالي 2 مليار دولار. وفي هذا الإطار، يقع على عاتق الطرف الجزائري المكلف بتنمية المعاملات الاستثمارية وبالذات غرفة التجارة والصناعة أن يقنع الوفد الاقتصادي الأمريكي المشكّل من 24 مسؤولا بشركات أمريكية تنشط في مجالات النقل والاتصالات والكهرباء والمياه والسكن بأولويات الاقتصاد الجزائري ضمن الاطار الاستثماري، بعيدا عن أيّ ربط بمسائل أخرى غير اقتصادية، والإحتكام إلى معادلة الكل يربح وفقا لقاعدة تقاسم الأعباء والمخاطر. إن الاستثمار الذي يمكن الرهان عليه يجب أن يوجه إلى قطاعات الفلاحة والبناء والصناعة التحويلية وانتاج المعرفة التكنولوجية والسياحة، وليس التركيز فقط على قطاعات المحروقات المختلفة. وهنا من الطبيعي أن يتساءل المتتبعون عن مدى جدية المتعامل الأمريكي في الدخول إلى السوق الجزائرية كطرف منتج للقيمة المضافة، ولا يتخلف عن الدخول بما له من خبرات وإمكانيات يمكن من خلالها نقل التكنولوجيا والمرافقة في التأهيل والتكوين، علما أن للجزائر إمكانيات بشرية مؤهلة للإنخراط في سياق برامج استثمارية تشاركية اقتصادية بحتة، تأخذ في الاعتبار مصالح الطرفين بما تتطلبه من توازن من حيث كافة الجوانب. ويعلم المتعاملون القادمون من القارة الجديدة أن السوق الجزائرية أكبر وأهم سوق جهوية في المنطقة، والأكثر ضمانا للرأسمال بكل المقاييس. وقد أظهرت السنوات أن عدة متعاملين أجانب من مختلف جهات العالم حققوا في الجزائر ما عجزوا عن تحقيقه في بلدان أخرى، خلافا لشركاء تقليديين لا يزالون في مرحلة الترقب والانتظار، على غرار المتعاملين الفرنسيين الذين لم يتخلّصوا من أوهام الماضي ويستمرون في التعامل مع السوق الجزائرية بمنظور الإنتهازية والظرفية بالحرص على محور التجارة المباشرة. وهو ما لا يعتقد أن يسقط فيه المتعاملون الامريكيون لأنه رهان خاطئ من الأساس، وحتى لا يضيع وقت كثير على الجميع بينما فرص النمو والربح متوفرة، ويكفي فقط أن ينطلق الشركاء في إنجاز المشاريع ذات المديين المتوسط والبعيد.