فرنسا أمام محاكمة تاريخ الإنسانية جند الاستعمار الفرنسي كل ما يملك من وسائل من أجل استمرار احتلاله الجزائر. حاول من وراء المجزرة التي ارتكبها في 08 ماي 1945، بعد الحرب العالمية الثانية ابادة من انتفض ضد المشروع الاستيطاني المتنكر لوجود امة جزائرية عبر التاريخ متنكرا لوعوده الخاصة بمنح الجزائريين الحرية والاستقلال اذا وقفوا ضد المانيا الهتلرية. قدم النازيون للشعوب المستعمرة الضعيفة خدمة جليلة من حيث لا يشعرون فقد أذاقوا دول أوروبا كل ألوان العذاب، وافهموهم جيدا قيمة الاحتلال الأجنبي وقساوة المستعمرين، ونعمة الحرية والاستقلال. وفهم الأوروبيون معنى الاستعمار جراء احتلالهم للشعوب الضعيفة واستعبادها. لقد صدقوا على ميثاق المحيط الأطلسي، أولا ثم على ميثاق الأممالمتحدة في سان فرانسيسكو، والتي تحول لكل شعب حقه في الحرية والاستقلال. ان قادة أوروبا الاستعمارية وساستها كانوا ينوون خيانة العهود بمجرد نهاية الحرب، والعودة إلى تركيز نفوذهم من جديد، وفي أيام النصر 8ماي 1945 قامت فرنسا بمؤامرة عظمى، لتبطش شعب وعدته عند النصر على النازية بالاستقلال. مجازر 08 ماي 1945 رهيبة، اقترفتها فرنسا، ضد الشعب الجزائري الذي كان يحتفل بالانتصار للحرية والاستقلال. 08 ماي مازال يكتنفه الغموض ، كتب الكثير من المؤرخين عن هذه المجازر تنوعت مضامينها ومصطلحاتها ، يقولون البعض أنها حادثة، ويعتبره الاخر انتفاضة. وإذا دققنا في التحليل العميق، كيف كانت انطلاقة المجزرة التي تعد بحق مؤامرة دبرتها فرنسا بالتعاون مع المعمرين الحاقدين على الشعب الجزائري. لقد برهنت الانتفاضة عن تلاحم الشعب وتعاونه، لقد عمت الأحقاد والكراهية ضد العدو الفرنسي المتنكر للوعود التي وعد بها أبناء الجزائر. الذين ماتوا في الدفاع عن فرنسا. الانتفاضة كان لها طابع وطني وتم التعبئة للثورة التحريرية التي كانت الاجابة الفاصلة للمستعمر واللغة التي يفهمها. استشهد 45 ألف شهيدا، اعتقل 4560 وحكمت المحاكم العسكرية على 577 شخص بعد سماع الدعوى. أصدرت 1307 الحكم منها 99 بالإعدام و66 بالأشغال الشاقة مدى الحياة و329 بالأشغال المختلفة والإفراج عن البقية، وعندما رفع الراية بالاستقلال، كانت مجزرة 8ماي 1945، استخدم العدو الفرنسي الأسلحة المشاة والطيران والبحرية، ضد شعب أعزل من السلاح، اندفع للتغيير عن فرحته عن السلام بعد حرب عالمية هزت المعمورة. لقد زادت الجراح عمقا والهوة اتساعا وفجرت العداء والأحقاد الكامنة في الأعماق. بادر الشعب الجزائري إلى الخروج إلى الشوارع والمطالبة بالاستقلال والحرية، لكنه قوبل بالقمع والقتل، كانت الحصيلة ثقيلة جدا 45 ألف شهيد، وهذه الحوادث بينت للشعب الجزائري جرائم لاحتلال الفرنسي وسياسته الجهنمية انطلق العمل النضال من أجل التحرر في 1946 إلى تأسيس حزب جديد، حركة الانتصار للحريات والديمقراطية بديلا لحزب الشعب ، وشكلت منظمة عسكرية سرية خلال المؤتمر الأول للحزب 1947 وحددت اسس الثورة التحريرية ومبادئها ونظرتها الى الاستقلال. قامت بالإعداد والتحضير لثورة أول نوفمبر 1954 المسلحة . شكل تاريخ 08 ماي 1945 نقطة التحول الجوهري من مرحلة المقاومة للاحتلال الفرنسي دفاعا عن الكيان الجزائري، ففضائح 08 ماي التي هزت الوجدان الجزائري من الأعماق وحمامات الدم تلك التي عملت على تغذية العاطفة الوطنية وضاعفت بشكل كبير من ذي قبل على زرع الكراهية للعدو الجاثم فوق الأرض والرابظ على الصدور.فإن مجازر 08 ماي تعتبر جهاز التفجير الذي زودت به القذيفة التي لعلع أزيزها، ونتأمل أن موقف الجزائري، الذي تأثر كثيرا بهذه الحوادث، كان غليان الطوفان الهستيري لميزات الانفعالية التي برزت من بين أنقاض المأساة ، جعلت الجزائريين عن بكرة أبيهم أكثر عدائية لسلطة المحتل، وأشد تحفيزا لتحطيم الأكبال التي تشد وثاقهم وتطوق أعناقهم، فعند هدوء بركان الغيظ الاستعماري إلى حين توقفه عن قذف حممه من الممارسات القمعية وحملات الاعتقال والأبعاد ، فإن هؤلاء الوحوش الأوغاد الذين لا يمثلون الكائن الحي الإنساني . كانت 08 ماي أقاصيص تدار على السنة الشيوخ تلوكها في جلوسهم. وكنا كثر نضع حلقات الشباب في الكتاتيب نسمع إليهم بصور تأثر ونكثر السخط على وجوههم بنارية لغضب دفين يغلي في الصدور. إنها حقائق شاهدة ناطق على قوة الرصاص المعتدين. كانت جذوة الثأر توقد بالوطنية وذلك نتذكر بنداء متصل دائما بالجرح الغائر العميق، الذي أجاب أبناء الجزائر، لقد نفذت فرنسا في 08 ماي 1945 مذابح كونية. ناحت لها الثكالى وان لها اليتامى، ولكن أنامل نوفمبر عرفت كيف ترد المكيال مكيالين. فكانت أنشودة تحيا الجزائر في 62، فهذه الحوادث هي التي جعلت الجزائريين يقتنعون أكثر من أي وقت مضى بأن الكفاح المسلح هو الحل وأكثر من ضرورة، لان القتل والقمع والإبادة وارتكاب مجازر رهيبة بقيت وخمة عار في جبين تاريخ فرنسا، التي تتشدق بشعارات الحرية والمساواة. كانت سلطات الاحتلال تنتظر أن يحدث تقهرقر من أوساط الجزائريين كنتيجة حتمية للوسائل القمعية التي استخدمتها فرنسا لإخماد الحركة الوطنية. إن الوعي السياسي للشعب الجزائريين الذي بلغته الشبيبة الوطنية أبعد جميع الحلول اليائسة، فكان أن شاهد العالم في دهشة الشعب الجزائري يسير بشجاعة منظمة عن طريق الثورة. كان هذا العمل في الواقع ثمرة حقيقية لمقاومة مهما طال الزمن. استطاعت الحركة أن توقظ الشعب وتكونه تكوينا سياسيا وثقافيا واعيا ومن هنا كانت النهضة التي قادها علماء الجزائر. وعرف كيف يدافع عن كيانه ورمز شخصيته، فالشعب الجزائري لا يرضى بغير الحرية الكاملة والاستقلال التام. وقد ظهر آنذاك بوعي قومي وطموح للحرية ورفض التجنيس، وكان من خلال ذلك يؤكد عزته الوطنية وإرادته في التخلص من العبودية والقمع والاستغلال. وكانت تعبيرا عن الحرية والاستقلال، حيث دعمت مبادئ الوطنيين وهزت نفوس الجامدين وشجعت طموح المناضلين ونزعت عقد الخوف من المتمردين لكسر قيود الاحتلال الفرنسي.