أبطال من حديد كتبت أسماؤهم بالدماء أنجبت الجزائر بلاد المليون والنصف مليون شهيد، أبطال لن يكررهم التاريخ أمثال العربي بن مهيدي ورابح بطاط وديدوش مراد وغيرهم من الاسامي المدوية التي حيرت حتى الاستعمار الفرنسي الغاشم الذي حاول بكل ما أتيح له من قوة أن يسلخ المواطن الجزائري من هويته وأصالته ودينه الإسلامي ولغته التي هي وعاء فكره ليخرج المجتمع الجزائري، في وجه العدو الفرنسي الذي لا يفهم لغة الحوار و المظاهرات السلمية ، و ليؤكد بهذه المجزرة التي تعد نقطة سوداء في جبين فرنسا أن ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة، و كانت هي المحرك والخطوة الأولى التي مهدت للثورة التحريرية ،ومسار لتنطلق المظاهرات من سطيف العالية التي كانت منشأ الثورة الأوريسيا ( سطيف) .... صانعة الأمل و التاريخ مظاهرات ومجازر 8 ماي 1945 شملت معظم أرجاء الجزائر ومن أهم المناطق هي سطيف (عين الفوارة) والمسيلة (المعاضيد وأولاد دراج) كانت هذه المجازر القطرة التي أفاضت الكأس وتيقن الجزائريون أن المستعمر الفرنسي.وكانت أكثر المدن تضررا سطيف, قالمة, وخراطة.إذ في الوقت الذي كان يحتفل فيه الحلفاء على النازيين كان الجزائريون يدفعون في دمائهم من أجل الوطن والعلم والشعب الجزائري . "سطيف عاصمة 8 ماي 45 لن تنسى لك جرائمك يا فرنسا " ، ، لكن كل عجائز و شيوخ مدينة سطيف يسردون حكاية 8 ماي 45 على الأحفاد و يروون حكاية البطل "سعال بوزيد" و يبكون على أرواح الشهداء التي راحت في سبيل الحرية، ، مدينة سطيف التي أخذت أرواح أبنائها غدرا لا لشيء سوى أنهم طالبوا بالعدل و المساواة و الأخوة، مدينة عين الفوارة التي تفرجت كل عيونها في ذاك اليوم دماء و دموعا حزنا على أولادها، مدينة الشهداء. مدينة سطيف أو عاصمة الثامن من ماي نظرا للتضحيات الجسيمة التي قدمتها على مذبح الحرية، مدينة سطيف تفتخر بأن تكون بيت الشهداء و منزل سعال بوزيد، مدينة سطيف تكتب تاريخ الجزائر بدماء أبنائها، لتصبح سطيف وكل قطر في الجزائر يحمل رائحة الشهداء الزكية . الثلاثاء الأسود يوم 8 ماي 1945 وانتهاكات تثبت بشاعة المستعمر عند انتصار الحلفاء على النازية، خرج الشعب الجزائري في كامل التراب الوطني للتعبير عن فرحته بتنظيم مسيرات سلمية مرخصة من قبل السلطات الاستعمارية مطالبا فرنسا بتحقيق الوعود الكاذبة و المتمثلة في إعطاء الحكم الذاتي للمستعمرات الفرنسية بعد الحرب. و أمام رغبة و إلحاح الشعب الجزائري في الانفصال عن فرنسا ظهرت النوايا الحقيقية للمحتل الغاشم إذ توج الوعد الزائف بخيبة أمل و مجازر رهيبة تفنن فيها المستعمر في التنكيل بالجزائريين و شن حملة إبادة راح ضحيتها ما يناهز 45 ألف شهيد. ولا زالت إلى يومنا هذا الشواهد على همجية المحتل الذي مارس سياسة الاستعباد والإبادة جند فيها قواته البرية و البحرية و الجوية . ياسف سعدي ل"الاتحاد": فكرة التظاهر جاءت يوم 1 ماي بعد انتصار الحلفاء أجرت الاتحاد حوار مع " ياسف سعدي" الذي بدأ نشاطه السياسي مبكرا إذ شارك في المظاهرات التي نظمها حزب الشعب الجزائري في 1 مايو 1945 حيث صرح أن عمره كان 14 سنة آنذاك وجاءت فكرة التظاهر يوم 1 ماي بعد انتصار الحلفاء على النازيين. وكان الجزائريون قد شاركوا مع فرنسا ضد الألمان وانتصرت فرنسا لذا فكرنا في الخروج والمطالبة بحقوقنا في الحرية والعيش الكريم حيث دعا حزب جبهة التحرير كل المواطنين للخروج والتظاهر حيث خرج سكان حي بلكور بالجزائر العاصمة وحي نهج العربي بن مهيدي والقصبة وقررنا الاجتماع في ساحة أول ماي للتظاهر ورفعنا إعلام الجزائر وطالبنا ب "تحيا الجزائر"لكن سقط الكثير من الضحايا وقامت قوات الأمن بقمعنا وقامت قوات الأمن بكتابات على الجدران وتوزيع منشورات بالعربية والفرنسية وطالبو فيها الجزائريين بعدم الخروج للتظاهر وإلا ستتخذ القوات الفرنسية إجراءات في حق المتظاهرين لكن يضيف ياسف سعدي أن هذا الأمر لم يمنع الجزائريين من الخروج والدفاع عن مطالبنا المشروعة في التحرر لتنتشر المظاهرات إلى باقي ولايات الوطن في الثامن من ماي 1945،لإسماع صوتنا في العالم بمطالبتنا في الحرية لكن قبل الشعب الجزائري بمجازو يدنى لها الجبين وأظهرت فرنسا عن وجهها الحقيقي القبيح تجاه شعب خرج متظاهرا مطالبا الحلفاء بتحقيق الوعد بالتحرر لكن نتج عنها مجازر راح ضحيتها أكثر من 45 ألف شهيد " وحول تجريم الاستعمار أضاف" ياسف سعدي" المجاهد قال إن الاستعمار لا يمكنه ان يعترف بجرائمه التي ارتكبها وأعتقد ان فرنسا لن تتعترف بجرائمها في الجزائر لكن كل ما نطلبه هو المطالبة باسترجاع الأرشيف والوثائق والكنوز التي استولت عليها فرنسا اثر الاحتلال ،اذ يستحيل على المجرم الاعتراف بجريمته لكن علينا العمل لاعتراف فرنسا بجرائمها لأكثر من 130 سنة " . وللإشارة فان ياسف سعدي شارك في الثورة الجزائرية بصفته قائدا لمنطقة العاصمة. ففي عام 1955 أرسل إلى سويسرا للاتصال بممثلي أحمد بن بلة هناك وألقي عليه القبض لكن أطلق سراحه أربعة أشهر بعد ذلك. بعد عودته واصل نشاطه في سرية إلى غاية عام 1956 تاريخ بداية معركة الجزائر أين عين قائدا للمنطقة المستقلة للعاصمة، وساهم رفقة حسيبة بن بوعلي وعلي لابوانت وغيرهم من الفدائيين في تكثيف العمل الفدائي للعاصمة، وكان يتخذ من القصبة ملجأ له ولباقي الفدائيين واصل نضاله إلى غاية اعتقاله من طرف فرقة المظليين في 23 سبتمبر 1957، وتعرض للتعذيب وحكم عليه بالإعدام. لكن لم يتم تنفيذ الحكم وأفرج عنه بعد وقف إطلاق النار. الثامن من ماي الطريق نحو الحرية ولان يوم الثامن من ماي لم يكن في تاريخ الجزائر يوما عاديا فكان بمثابة المنعطف الحاسم في مسار الحركة الوطنية و بداية العدّ التنازلي لاندلاع الثورة المسلّحة التي اندلعت شرارتها في الفاتح من نوفمبر 1954.ولقد تيقن الشعب الجزائري بعد مجازر الثامن ماي أن المستعمر لا يفهم إلا لغة الرصاص وأن ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة وأن ثمن الحرية باهض ولذا عقدوا العزم أن يشعلوها حربا ضروسا على المستعمر حتى ينالوا استقلالهم وحريتهم وأن يكون لهم شأن بين الأمم . حيث شرع الجزائريون في التظاهر في 1 ماي 1945 بمناسبة اليوم العالمي للعمال، إذ بادر حزب الشعب الجزائري بتنظيم مظاهرات عبر التراب الوطني، و كانت معظمها سلمية، فأعدّ العلم الجزائري وحضّر الشعارات مثل “تحرير مصالي- استقلال الجزائر” وغيرها، شارك فيها عشرات الآلاف من الجزائريين في مختلف أنحاء الوطن: في الجزائر، وهران، بجاية، تلمسان، قسنطينة، مستغانم، قالمة، غليزان، سطيف، باتنة، بسكرة، عين البيضاء، خنشلة، سيدي بلعباس، سوق أهراس، شرشال، مليانة، سكيكدة، واد زناتي، سعيدة، عنابة، تبسة، سور الغزلان. عملت السلطات الاستعمارية على استفزاز المتظاهرين، فأطلقت الشرطة النار عليهم وقتلت و جرحت عددا كبيرا منهم. بالرغم من ذلك لم تتوقف المظاهرات ، ففي عنابة تظاهر حوالي 500 شخص يوم 3 ماي وكانت مظاهرة خاصة لأنها تزامنت مع سقوط مدينة برلين على أيدي الحلفاء، وفي قالمة يوم 4 ماي، وفي سطيف مرة أخرى يوم 7 ماي. وهكذا كانت الأجواء مشحونة منذ الفاتح من شهر ماي، إذ كانت كل المعطيات والمؤشرات توحي بوقوع أحداث و اضطرابات حسب التقارير التي قدمت من طرف الحكام المدنيين في ناحية سطيف و قالمة. و بدأت خيوط مؤامرة جديدة تنسج في الخفاء، أدت إلى الثلاثاء الأسود يوم 8 ماي 1945، وذلك لأمرين: الأمر الأول عزم الجزائريين على تذكير فرنسا بوعودها، والأمر الثاني خوف الإدارة الفرنسية و المستوطنين من تنامي أفكار التيار الاستقلالي . ستظل البلدة الصغيرة "الأوريسيا" (10 كلم شمال مدينة سطيف) والتي لم تكن سوى ضيعة منسية أكثر تعلقا على مر الأيام بذاكرة الكفاح التحرري بعد مرور 65 سنة على ذلك القمع الوحشي الدموي الذي سلط على مظاهرات 8 ماي 1945، ووعيا منهم بأهمية تواصل تذكر التضحيات الكبيرة من أجل تحرر الشعب الجزائري و ثورات أحداثها من قبل الأجيال الجديدة ما يزال شهود العيان النادرين على ما جرى في يوم 8 ماي 1945 يلتقون بانتظام بالمقر الذي تتقاسمه قسمة المجاهدين بالأوريسيا مع المكتب المحلي لمنظمة أبناء الشهداء و الذي يضم مجموعة جد هامة من الصور الفوتوغرافية و الوثائق و رؤوس الأقلام المستقاة لدى العديد من المصادر حول مسارات مناضلين و مجاهدين و كذا مراكز تموين جيش التحرير الوطني و بقايا تجهيزات الجيش الفرنسي. و يكاد المقر المذكور يأخذ شكل متحف حقيقي للحركة الوطنية و حرب التحرير كثمرة مجهود مشترك بذله محليا مجاهدو وأبناء شهداء من أجل الحفاظ على الذاكرة المحلية بالأوريسيا التي تفتخر في المقام الأول بكونها مسقط رأس سعال بوزيد أول شهداء الثامن ماي 1945 و الذي قتل بدم بارد بمدينة سطيف بعدما تجرأ على حمل العلم الوطني على رأس مسيرة سلمية، كما تضم الأوريسيا أسماء أبطال لن ينساهم التاريخ و سكان المنطقة ككل لعل أبرزهم الإخوة بوضياف... 5 أخوة استشهدوا في يوم واحد في سبيل الجزائر و في سبيل الحرية و في مظاهرات 8 ماي