حسم وزير المالية كريم جودي الجدل حول القرض المستندي الذي أسال الكثير من الحبر وأثار حفيظة المستوردين، وقال جودي في تصريح للصحافة على هامش اجتماع المجلس الوطني الاقتصادي الاجتماعي زكناس''، أن القرض المستندي كان محل اهتمام البنوك والمتعاملين الاقتصاديين في اللقاء الذي أشرف عليه، يوم الأربعاء، بوزارة المالية، وهو اللقاء الذي أوصت به قمة الثلاثية بغرض البحث بالتفصيل في كل الإشكالات المطروحة والانشغالات وعلاجها بأسلوب التشاور والحوار بعيدا عن المزايدة والتأويل. وحول ما إذا كان هناك من خيار لإزالة التعامل بهذا النوع من القروض الواردة في قانون المالية التكميلي للعام الماضي والمعززة في قانون المالية للمرحلة المقبلة، نفى الوزير هذا الطرح جملة وتفصيلا، وقال أن لا أحد من الطرفين، سواء البنوك أوالمتعاملين يحمل في ذهنه قناعة بجدوى إزالة القرض المستندي من عملية تمويل الاستيراد الذي يعرف حالة من الضبط والتدقيق والشفافية تطالب بها المهنة التي تنتظر مزيدا من الاحترافية. وذكر جودي بنوع من التفصيل أن اجتماع الأربعاء، ضم البنوك والقطاع الاقتصادي حول موضوعين رئيسيين: القرض الاستنادي وكيفية تسهيله، والتمويل البنكي للاقتصاد الوطني الذي يخوض تجربة إصلاحات من أجل رفع الأداء الإنتاجي والخدماتي وتنوعه، وسمح اللقاء الأول من نوعه بعد قمة الثلاثية بتبادل الآراء بين الفاعلين الاقتصاديين والبنوك حول مواضيع عدة تخص تسهيل القرض المستندي وتلقي طلبات الحصول على القروض التمويلية والمرافقة، ومدة تسديدها وكلفتها. ويحمل الحوار أهمية قصوى قبل اتخاذ القرارات المناسبة من قبل فريق من الخبراء تحت رعاية الوزير الأول شخصيا أحمد أويحيى، ينكب على علاج مسألة التمويل البنكي وكيفية تسهيله وتبسيطه إستنادا إلى دفتر شروط يحدد العلاقة بين الهيئات المصرفية والاقتصاديين ويضبط الالتزامات. وعن ملف تمويل الاقتصاد الوطني من البنوك التي يعاب عليها بطء التحرك واتخاذ القرار والتمادي في الشروط التعجيزية، أكد كريم جودي أن كل الأمور عولجت ضمن الحوار المباشر الذي استمع فيه الطرفان إلى بعضهما البعض بلا مقدمات وأفكار مسبقة وكليشيهات. وقيّم موضوع التمويل من كل جانب، وطرحت أفكار ومبادرات حول كيفية توظيف هذه الورقة بنجاعة وقوة تحتاجها المؤسسة الجزائرية من أجل الإقلاع والسير نحو خلق الثروة ويعد الإنتاج الإنشغال الكبير والتحدي الأكبر، وتطالب بهذا أكثر من غيرها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المراهنة على إنشاء 200 ألف وحدة في البرنامج الرئاسي الخماسي. وعن التمويل العقاري الذي يحتل الأولوية في تدابير قانون المالية التكميلي وقانون المالية للعام الجديد، أكد جودي أن نصه التشريعي جاهز للتطبيق في أقرب أجل، وأن الدولة قررت هذا الاختيار الذي تضمنه نصا تشريعيا خاصا في قانون المالية لعام ,2010 وهو إجراء يقضي بأن تتولى الدولة عملية ضمان القرض العقاري الذي يسمح للمواطن بشراء مسكنا بسعر فائدة مخفض إلى 01 في المائة. وعن الوضعية الاقتصادية الاجتماعية التي وردت ضمن تقرير المجلس الوطني ''الكناسس، أبدى وزير المالية حالة من التفاؤل تجاه المؤشرات المسجلة الماكرو إقتصادية، يترجمها النمو المهم خارج المحروقات وتوقع بلوغ رقمين له خلال السنوات القادمة، وهبوط البطالة إلى عتبة 11 في المائة تقريبا، ومديونية منخفضة لا تمثل سوى 01 في المائة من الناتج الوطني الخام، لا تحمل أية خطر على استقلالية القرار الوطني والسيادة، وبرنامج نفقات يحافظ عليه ومتحكم فيه يمثل 40 في المائة من الناتج الوطني الخام، ويساعد على هذا صندوق ضبط الواردات الذي يلجأ إليه في كل عملية احتياج وتسديد طلبات ملحة. وذكر جودي كذلك بتراجع الاستيراد خارج التجهيزات نتيجة السياسة المنتهجة بنسبة 13 في المائة، وباحتياط صرف مريح حجمه 146 مليار دولار رغم الأزمة المالية العالمية وتراجع الإيرادات تحت انخفاض أسعار المحروقات وما تبعه من تقلص في إيرادات الجباية البترولية بنسبة 50 في المائة. لكن هذه المؤشرات الهامة تفرض على الاقتصاد الوطني الخروج من التبعية المفرطة للمحروقات بأخذ إمكانيات الإقلاع وشروط النهضة والنمو، وهي رهانات كبرى للاقتصاد الجزائري الواجب عليه رفع التحدي، كما يقول وزير المالية، بتنوع مصادره وإيراداته التي تؤمن له الاستقرار في أداء الإنتاج، اعتمادا على القدرات الذاتية دون الاتكالية الدائمة على البترول حامل كل الأخطار والاهتزازات والاضطرابات التي تشكل ضغوطا وإكراهات لا تؤثر فقط على خيار الإنماء والبناء، بل ترهن السيادة والمستقبل.