«لو تسألوني نفرح ونبشر ونقول بلادي الجزائر» لعبت فئة الفنانين كغيرها من الفئات الأخرى، دورا كبيرا في التعريف بالقضية الجزائرية إبان الاحتلال الفرنسي بحيث لم يتوان مجموع الفنانين من مطربين، مسرحيين، شعراء، ممثلين في الاستجابة لنداء جبهة التحرير الوطني، وقد استشهد بعضهم بعد اكتشاف الإدارة الاستعمارية تعاملهم مع قيادة الثورة، ومنهم الشهيد علي معاشي الذي اعدم في ساحة تيارت بتاريخ 8 جوان 1958 ترصد صفحة التاريخ مساره ومسيرته النضالية في هذه الوقفة. من منا لا يعرف أغنية « يا ناس أما هو حبي الأكبر... يا ناس أما هو عزي الأكبر لو تسألوني نفرح ونبشر... ونقول بلادي الجزائر....» التي غنتها المطربة المرحومة نورة، هي لصاحبها الشهيد علي معاشي الذي غنى للوطن، وأيقظ الروح الوطنية لدى الجزائريين ليستشهد من أجله. ولد الشهيد بتاريخ ال12 أوت 1927 في حي رأس سوق في قلب ولاية تيارت، وتحديدا في حوش المعاشات، انجذب منذ صغر سنه للقصيدة الشهيرة «مولاة الحايك» لشاعر الملحون «محمد بلطرش» رئيس التكوين الموسيقي الأندلسي الذي أنشأ في 1929، هذا التكوين توسع بعد 20 سنة ليشمل الفن الشرقي والعصري، وبرنامجا ثريا يضم الرقص والإسكاتشات والعروض المسرحية، وكان تابعا للحركة الوطنية ويتردد عليه تلاميذ المدارس الحرة الذين كونوا فرقا في سنة 1953 . كان رئيس جوقها علي معاشي، والتي كانت تمتع الجمهور في سنوات الحرب بعروض هادفة أساسها التوعية وإيقاظ الروح الوطنية، بعدها استقل الفنان علي معاشي بنفسه وجدد في مجاله حيث وضع لمسته الخاصة، وأدخل النغمة الوهرانية الأصيلة التي أبدع في آدائها بصوته العذب، ونذكر منها: «طريق وهران»، «يا بابور» التي أداها وهو مسافر إلى تونس، «مولاة الحايك» «زايرت سيدي خالد»، «تحت السما»، «مازال عليك أنخمم»، «الجزائر»، وأنغام الجزائر المعروفة بلحن أخّاذ يصف جمال الجزائر والتي يقول مطلعها: يا ناس أما هو حبي الأكبر... يا ناس أما هو عزي الأكبر لو تسألوني نفرح ونبشر... ونقول بلادي الجزائر، وهي الأغنية التي أداها بعد بساط الريح لفريد الأطرش الذي ذكر كل البلدان وتغنى بسحرها إلا الجزائر، وهذا لكون الشعب الجزائري غضب منه أثناء زيارته إبان الاحتلال، حيث بعد شكره للجمهور أبدى شكرا خاصا للسلطات الفرنسية على استضافتها له بالجزائر، وهذا ما هيج الحاضرين وأثار ضجة كبيرة في القاعة، وانتفض الجميع ثائرا على فريد الأطرش فغضب هذا الأخير، وقرر الانتقام على طريقته. لكن نخوة الفنان «علي معاشي» وغيرته على وطنه، جعلته لا يترك ركنا في الجزائر إلا وتغزل به وهام في سحره في زمن كانت نار الحرب متأججة، فأقلق المستعمر وأوقد نار الحقد والكراهية بداخله، لا لشيء سوى لكونه تغنى بالوطن الذي عشق ترابه حتى النخاع، ومات عليه مستشهدا في الثامن جوان عام 1958 حيث أقتاده العدو الغاشم عبر شوارع مدينة تيارت قبل أن يعدم في ساحة كارلو سابقا. لكن ذكرى الشهيد وأعماله من أغان ثورية حماسية رائعة ظلت خالدة يرددها الأجيال عبر الزمان إلى غاية اليوم، كما أقرت الجزائر يوم الثامن جوان يوما وطنيا للفنان تخليدا لذكرى هذا الفنان الوطني.