مواجهة تحديات الإرهاب والمتاجرة بالأسلحة والبشر من أمن المعمورة جيشنا أنجز المهمّة بكل احترافية التّطهير الكلّي للأراضي من كل الأصناف التي تعرض المواطنين للخطر
زارعة الموت والتّنكيل بالأبرياء كالأطفال والشّيوخ والنّساء سببها ألغام الاستعمار استنفد الجيش الشعبي الوطني ما تبقّى من مخزونه من الألغام المضادة للأفراد وبشكل نهائي بعد تدميره، أمس، ل 5970 لغما تحت إشراف نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد ڤايد صالح بالميدان المركزي للجو بحاسي بحبح بالناحية العسكرية الأولى، مؤكّدة بذلك مرة أخرى التزامها الدولي تنفيذا لبنود اتفاقية أوتاوا المتعلقة بمنع استخدام وتخزين وإنتاج وتحويل الألغام المضادة للأفراد وتدميرها، وقد تصادف الحدث والاحتفال بالذكرى العشرين للاتفاقية. العملية جرت بحضور كل من وزير الشؤون الخارجية مساهل ووزير المجاهدين زيتوني والسلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر والملحقين العسكريين المعتمدين المقيمين والقيادت العسكرية وممثلين عن المجتمع المدني، إلى جانب ضيوف أجانب كملاحظين وممثلي وسائل الاعلام الوطنية. فطبقا لترتيبات هذه الاتفاقية السالفة الذكر، فقد التزمت الجزائر حسب تأكيدات الفريق أحمد قائد صالح في كلمة له بالمناسبة، بالعمل على محورين رئيسيين وهما تدمير جميع الألغام المضادة للأفراد الموجودة في حوزتها طبقا للمادتين 3 و4 والتطهير الكلي لأراضي التراب الوطني من كل الأصناف التي تعرض المواطنين للخطر، طبقا للمادة 5. مذكّرا بأنّ الجزائر كانت السباقة إلى مكافحة هذه الآفة مباشرة بعد استرجاعها لاستقلالها وسيادتها الوطنية، بعد فترة عصيبة وحالكة من ظلم الاستعمار الفرنسي البغيض، الذي لم يكتف بما سلّطه على الشعب الجزائري من شتى أشكال القهر والطغيان والاستبداد، بل ترك خلفه ملايين الألغام، زارعة الموت والآلام والتنكيل بالأبرياء لاسيما الأطفال والشيوخ والنساء، هذه الألغام التي دست على طول حدودنا الشرقية والغربية، أو بما يعرف بخطي شال وموريس المشؤومين. صعوبة التّضاريس وتحرّك الألغام وانجرافها لم تثن وحدات الهندسة من إكمال المهمّة فعلى الرغم من الطّبيعة الصّعبة، يضيف الفريق ڤايد صالح قائلا: «للتّضاريس في بعض المناطق وعلى الرغم أيضا من تحرّك الألغام بفعل الانجراف والعوامل المناخية، فقد مكّنت المكافحة المسبّقة لهذه الآفة، التي تكفّلت بها وحدات هندسة القتال للجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، من إنجاز هذه المهمة بكل احترافية، ودون تسجيل أي حادث، وفقا للمعايير الدولية الخاصة بمكافحة الألغام، بتاريخ أول ديسمبر 2016، أي أربعة أشهر قبل انقضاء الآجال الممنوحة لبلدنا طبقا لاتفاقية أوتاوا. تخليص العالم من السّلاح الخبيث رهانات حرص عليها الرّئيس بوتفليقة فمن هذا المكان بالذات، يؤكّد الفريق ڤايد صالح قائلا: «لقد أكّد فخامة السيد رئيس الجمهورية، بتاريخ 24 نوفمبر 2004 على «أنّ الجزائر تريد وهي تقيم هذه المراسم لإتلاف مخزونها من الألغام المضادة للأشخاص، أن تبرهن على انضمامها، حقا وصدقا، إلى مسعى المجتمع الدولي الرامي إلى تخليص العالم من هذا السّلاح الخبيث». انضمام الجزائر إلى اتفاقية أوتاوا يزكّي صدقها في اعتناق هذه الغاية مبرزا بذات المناسبة على «أنّ الظّروف الخاصة التي عانتها الجزائر في هذا الميدان، هي التي أدّت بنا إلى مباشرة مسعى حازما للتخلص من الألغام وتطهير التراب الوطني، وذلك قبل إبرام اتفاقية أوتاوا لسنة 1997 المتعلقة بإزالة الألغام المضادة للإنسان، والمتضمنة حظر الألغام المضادة للأفراد وتخزينها وإنتاجها ونقلها، والتي تنص على إتلاف هذه الألغام، فانضمام الجزائر لهذه الاتفاقية يزكّي صدق اعتناقنا لهذه الغاية النبيلة بحكم تاريخنا وتمسّكنا الراسخ بمواثيق نزع التسلح والقانون الإنساني». مشيرا أيضا إلى «أنّ توقيع الجزائر على هذه الاتفاقية وتصديقها عليها، وكذا عملية إتلاف مخزونها من الألغام المضادة للأفراد تشكل خطوة جبارة على طريق القضاء نهائيا على هذا الّسلاح الفتّاك والأعمى، وكذا التزاما دوليا أردنا الوفاء به وتنفيذه، فالجزائر التي عانت كثيرا من الآثار الوخيمة لهذه الآفة المضرة يحدوها الأمل في أن تلقى ذات يوم أحكام هذه الاتفاقية ما يليق بها من احترام لدى الجميع». المرحلة الأولى: تدمير 7ملايين لغم وتطهير أزيد 62 ألف هكتار ففي هذا الشّأن بالذّات، تمّ تدمير حسب ما كشف عنه الفريق أحمد ڤايد صالح، حوالي تسع ملايين (09) لغم (849 . 854 . 8 )، وتطهير أكثر من 421 . 62 هكتارا من الأراضي الزراعية والرعوية، وهي العملية التي تمت على مرحلتين أساسيتين انحصرت الأولى ما بين 1963 - 1988 تم خلال هذه المرحلة نزع وتدمير120 . 819 . 7 لغما مضادا للأفراد وتطهير 000 . 50 ألف هكتارا من الأراضي الملوّثة. المرحلة الثّانية: تدمير 5 .8مليون لغم وتطهير أزيد من 12 ألف هكتار أما المرحلة الثانية فقد انحصرت ما بين نوفمبر 2004 إلى غاية 01 ديسمبر 2016، حيث بلغت حصيلة هذه المرحلة 186 . 854 لغما مدمّرا وتطهير 452 . 12 هكتارا من الأراضي التي تمّ تسليمها إلى السلطات المدنية المحلية، ممّا سمح عبر كافة حدودنا الوطنية الشرقية والغربية من تجسيد العديد بل الكثير من البرامج التنموية لفائدة المواطنين، هذا فضلا عن نشر الأمن والأمان في ربوع المناطق التي كانت قبل ذلك تشكل خطرا داهما ودائما على إخواننا المواطنين. النّتائج المحقّقة نتيجة لعمل جاد ومتابعة ميدانية صارمة وأكد الفريق احمد ڤايد صالح، أن هذه النتائج المحققة اليوم ما كان لها أن تتحقق دون عمل جاد وجهد مثابر ومتابعة ميدانية صارمة ومستمرة وهي محفزات أملاها، دون شك، ذلك الوعي المتقاسم بين كافة الفاعلين على أكثر من صعيد، بالرهانات التي يمثلها هذا الهاجس الوطني والدولي الدائم الشعور، وهو ما حتم عملا جادا مشفوعا بالإخلاص والمثابرة أضفى على هذا الإنجاز ما يستحقه من ارتياح ذاتي وجماعي بل والاعتزاز بإتمام المهمّة في سبيل الله والوطن. وأعرب رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي عن كامل تقديره وتمام عرفانه لوحدات وأفراد الجيش الوطني الشعبي، الذين أسهموا بجهدهم المتواصل وباحترافية عالية في بلوغ هذه النتائج المعتبرة، ومختلف البلدان والمنظمات الدولية التي وقفت إلى جانبنا ليس فقط من أجل تطبيق اتفاقية «أوتاوا»، ولكن أيضا على مساعدتها وإسهامها المشكور في تطهير المناطق الملغمة من طرف الاستعمار، وتجنيب مواطنينا تكبد المزيد من المعاناة، علما أن ما خلفته هذه الآفة من ضحايا مدنيين بلغ 7300 ضحية منهم 4830 إبان الثورة التحريرية المباركة و2470 ضحية بعد الاستقلال. إشادة الخبراء الدوليّين المستقلّين ببرنامج الجزائر من جهة أخرى، فقد حظي البرنامج الذي نفذته الجزائر في مجال تدمير الألغام، بعرفان وتثمين الخبراء الدوليين المستقلين بعد عمليات التقييم التي أشرف عليها الرؤساء الذين تعاقبوا على مجلس الدول الأعضاء لهذه الاتفاقية، خلال السنوات 2014 و2015 و2016. إذا كان الأمل كبيرا في رؤية بلوغ معركة المجموعة الدولية منتهاها ضد الألغام المضادة للأفراد في آفاق 2025، ونهنّئ أنفسنا بذلك، يؤكّد نائب وزير الدفاع رئيس اركان الجيش الوطني الشعبي قائلا: «فإنّ أمن المعمورة لا يزال بلوغه يتطلّب مواجهة وتجاوز العديد من التهديدات الكبرى الأخرى، يأتي من بينها الإرهاب العابر للأوطان ومنابع ديمومته وانتشاره سواء منها التطرف بمختلف أشكاله أو المتاجرة بالمخدرات أو تبييض الأموال والمتاجرة بالأسلحة والبشر، وهي كلّها تحديات ليست أقل تدميرا، وتستحق نتيجة لذلك، لفت عناية المجموعة الدولية على غرار الألغام المضادة للأفراد». واغتنم الفريق أحمد ڤايد صالح في الأخير السانحة لتجديد نداء الجزائر إلى الدول التي لم توقّع حتى الآن ولم تصدق على هذه الاتفاقية، بأن تقوم بذلك بما يضمن شمولية تنفيذ أحكام هذه الاتفاقية على المستوى العالمي. بدوره وفي كلمة له هنّأ السيد طوماس هاجنوزي رئيس مجلس الدول الأعضاء في الاتفاقية الجزائر على التزامها بجميع تعهداتها من خلال تنفيذ بنود اتفاقية «أوتاوا»، ومثمّنا اختيار هذا اليوم بالذات، الذي يتزامن مع الذكرى العشرين لإبرام اتفاقية «أوتاوا».