عندما تُتابع مانشستر يونايتد في أي مباراة يُشارك فيها نجمه الويلزي "ريان غيغز"، فاعلم انك لا تشاهد مباراة عادية في كرة القدم، فهناك أسطورة حقيقية تسير على الأرض، أسطورة لا تكف عن تقديم الدروس رغم كل ما وصلت إليه من إنجازات.. غيغز لا يتوقف عن العمل ولا يكتفي بما آل إليه سجل بطولاته أو أرقامه. الطموح للوصول إلى رقم 1000 مع اليونايتد نعم علامات الشيخوخة تمكنت من وجهه وشعره وسرعته لكنها لم تتمكن من "روحه وقلبه وعزيمته وعقليته" حتى بعد تجاوزه سن ال38 بسعيه لتحقيق المزيد من الألقاب والمشاركات مع فريقه، وقد قالها من دون خجل بأنه يَحلم بالوصول للمباراة رقم 1000 في مسيرته الكروية مع مانشستر يونايتد بعد تمكنه من كسر رقم أسطورة ميلان "باولو مالديني" ب 906 مباراة. تعدى حتى أسطورة ميلان مالديني الحديث يطول ويطول عن ريان غيغز فيوم مُعادلته لعدد مشاركات باولو مالديني (904 مباراة) أكمل جمال اللوحة بتسجيل واحد من أهم أهداف مانشستر يونايتد في موسم 2012/2011 في الدقيقة 91 أمام نوريتش سيتي ببطولة الدوري على ملعب كارو روود ليضمن لفريقه الفوز بعد أن كان في طريقه للتعادل 1/1. صنع كل شيء مع اليونايتد والقليل مع ويلز غيغز لم يصنع الكثير لمنتخب بلاده الويلزي الضعيف للكثير من الأسباب التي أدت لفشل إيان راش ومارك هيوز في السابق، لكن بإمكان الإنسان إذا لم تساعده الظروف أن يصنع المستحيل في اتجاه أخر إذا أراد النجاح حقاً. وغيغز فعل المستحيل مع اليونايتد بتحقيقه لأرقام فلكية، وهذا الموسم على سبيل المثال سيصل لبطولة الدوري الإنجليزي رقم 13 في مسيرته مع الفريق، علماً بأنه اللاعب الوحيد في تاريخ الدوري الإنجليزي الذي سجل في كل موسم يُشارك فيه ببطولة الدوري، بالإضافة لتتويجه بكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس كارلينغ ودرع الاتحاد الإنجليزي وبدوري أبطال أوروبا وصناعته لعدد كبير من الأهداف.. لم يتعرض للطرد مع اليونايتد طوال مسيرته عداد أو ماكينة أرقام غيغز لا تتوقف في كل ما هو رائع ومُبهج، لكنها تتعطل في كل ما هو مُخيب ومُحبط، فقد سُجلت إحصائية تفيد بأنه لم يتعرض للطرد طوال مسيرته الكروية بقميص مانشستر يونايتد، فمن 906 مباراة لم ينل ولو بطاقة حمراء واحدة، وفي الموسم الجاري أُشهرت في وجهه البطاقة الصفراء مرتين فقط أمام "فولهام وويغان"، وفي الموسم الماضي 6 بطاقات صفراء، وفي مواسم 2010/2009 و2009/2008 و2003/2002 خرج بسجلٍ نظيف تماماً بدون أي بطاقة صفراء وبعدد وافر من المشاركات مع الفريق في كل البطولات. يشارك في كل الإبتحامات ولكنه يصر على اللعب النظيف ما يَدعو للتعجب من هذه الإحصائية، أنه كلاعب وسط الأكثر عرضة للطرد من أي مركز أخر لمشاركته في كل الالتحامات في منطقة الوسط وحين عودته للمساندة الدفاعية ووقت شنه للهجمات والضغط على حائز الكرة من المناطق الدفاعية للخصم تزداد الالتحامات ويكون الحكم الأكثر تركيزاً دائماً مع لاعبي الوسط، لذا دائماً ما نرى الكثير من البطاقات الصفراء والحمراء تُشهر لنجوم الوسط، لكن رغم وضعية غيغز داخل الميدان وتغيير مركزه بكثرة طوال ال20 سنة الماضية من جانب المدير الفني "سير أليكس فيرغسون" من مركز الجناح الأيسر للظهير الأيسر إلى لاعب الوسط الارتكاز إلى لاعب الوسط صانع الألعاب وكثيراً كجناح هجومي على الطرف الأيسر إلا أنه لم يتعرض للطرد أو للبطاقات الصفراء كما يحدث مثلاً للاعب كماريو بالوتيلي (مهاجم مانشستر سيتي) والذي أُشهرت في وجهه البطاقة الحمراء في 4 مناسبات من 59 مباراة فقط بقميص مانشستر سيتي...فماذا سيكون سِجل لاعب كبالوتيلي مع البطاقات الحمراء حين يتجاوز ال300 مباراة مع فريق ما؟ دائماً رقم "صفر" ما يكون مُخيباً للآمال لأي أحد في أي مجال.. لكنه مع غيغز بمذاقٍ خاص .إنه ببساطة أجمل صفر في التاريخ.