"جيلنا أفضل منتخب في تاريخ كرواتيا" عندما يتعلّق الأمر بمفاجأة المنافس، فلا مثيل لروبرت بروزينيكي، اسألوا فقط أرتور نومان، مدافع منتخب هولندا، الذي كان ضحيّة حركة فنية رائعة لصانع الألعاب الكرواتي، في لقاء المنتخبين على المركز الثالث في كأس العالم فرنسا 1998.. تلك الحركة التي انتهت بهدف رائع. وما هو مفاجئ أيضا في مسيرة بروزينيكي، أنّه دافع عن ألوان الغريمين التقليدين ريال مدريد وبرشلونة، من دون أن يتمكّن من إحراز اللقب المحلّي، لكنّه في المقابل نجح في إحراز كأس أبطال الأندية الأوروبية في صفوف فريقه النجم الأحمر. من جانبه، موقع "الفيفا" التقى الأسطورة، ولم يكن نادما على الإطلاق. بعد عام ونصف على بدايتكم.. كيف تشعرون في زيّ المدرب؟ جيد جدا! المهنة كانت جديدة، لكنّني كنت أعرف تماما المكان الذي أتواجد فيه.. لقد عشت أوقاتا رائعة في مسيرتي كلاعب في هذا النادي، وشعرت بأنّ الأمر الأهمّ هو محاولة تكرار ما فعلت.. بصفتي مدرّبا الآن، نجحنا في إحراز الكأس المحلّية هذا الموسم، والهدف المقبل يكمن في إحراز الدوري المحلّي ثمّ دوري أبطال أوروبا.. لا شكّ بأنّي أستطيع تحقيق المزيد، لكن ما تحقّق حتّى الآن ليس سيئا على الإطلاق. ما هو أسلوب اللعب الذي تعتمدونه؟ من الصعب اختيار أسلوب معيّن والقول أريد أن ألعب بهذه الطريقة، خصوصا إذا كنت لا تملك اللاعبين لاعتماد هذا الأسلوب، من أجل فرض أسلوب معيّن، يتعيّن وجود أفضل اللاعبين في العالم.. أمّا هنا؛ فنحن نتحدّث عن الدوري الصربي، نحاول أن نلعب بطريقة 4-3-3 والاعتماد على كرة قدم فنّية بالدرجة الأولى، التي تميّز بها النادي دائما.. الفوز مهمّ، لكن الفوز من خلال تقديم كرة ممتعة أفضل بالتّأكيد.. إنّها فلسفتي وفلسفة النادي.. لا أخترع شيئا جديدا عندما أقول بأنّ أيّ فريق يحاول أن يقدّم كرة جميلة، يستلهم أسلوب برشلونة، بالطبع لا نستطيع نسخ أسلوب برشلونة، لأنّ ما يقومون به فريد من نوعه، لكنّنا نستطيع القيام بالتّجربة. هل لا زال البلقان يعجّ بالمواهب أم أنّ جيلكم كان استثنائيا؟ الموهبة لا تزال موجودة، لكن المشكلة لا تكمن في وجود لاعبين موهوبين، بل في المحافظة على هؤلاء، فأيّ لاعب في الثامنة عشر أو التاسعة عشر من عمره، لا يفكّر حاليا بالمكان الأفضل للتّعبير عن موهبته، لكنّه يتطلّع في المقابل إلى النادي الذي يدفع له أكثر مقابل هذه الموهبة.. هذه المشكلة تعاني منها الأندية البلقانية، لأنّها مضطرّة إلى التخلّي عن أفضل لاعبيها لكي تستمرّ. ما هو الدور الذي لعبه إحراز كأس أبطال الأندية الأوروبية أمام مارسيليا في نهائي 1991؟ إنّها بلا شكّ أجمل لحظة في مسيرتي.. لم نكتف بإحراز هذه الكأس الأوروبية، لكنّنا نجحنا في تحقيق هذا الإنجاز بفريق مؤلّف من لاعبين يوغوسلاف.. لم تكن تلك المباراة الأجمل من ناحية المتابعة (0-0، 5-4 بضربات التّرجيح)، لكن بعد مرور 20 عاما، لا أحد يتذكّر هذا التّفصيل،، لا أحد يتكلّم إليّ ويتحدّث عن المستوى الذي ظهرت به في تلك المباراة، أو يقول لي بأنّنا كنّا محظوظين.. في المقابل، العالم بأسره يعرف بأنّنا توّجنا أبطالا لأوروبا، وفتح هذا الإنجاز الباب أمام اللاعبين اليوغوسلافيين للانتقال إلى الخارج؛ فقد انتقلت إلى ريال مدريد، في حين انتقل سينيسا ميهايلوفيتش، فلاديمير يوجوفيتش، داركو بانشيف وديان سافيسيفيتش إلى إيطاليا. هل شخصكم نادم كون هذا الفريق لم يستمرّ سويّا لفترة طويلة؟ لم نكن نعلم بأنّ الحرب ستغيّر الكثير من الأشياء بعد أشهر قليلة، أكان الأمر يتعلّق بالعلاقات الشّخصية بيننا أو بمستقبل ذلك الفريق.. لم يتسنَ لنا الوقت لكي نشعر بما عشناه واستغلال هذا الأمر.. لو قدر لهذا الفريق البقاء لسنوات عدّة بالتّشكيلة ذاتها، لكان سيطر على الكرة الأوروبية، لذلك أشدّد دائما على أهميّة الاستمرارية في النادي. هل أصبح الأمر عاديا اليوم أن تكونوا مدرّبا كرواتيا في صربيا؟ لا، ليس تماما، لكن مرّ وقت طويل والأشياء تتحسّن.. تبقى كرواتيا بلدي، لكنّني أعيش في صربيا وأنا سعيد، وكان من الصعب تخيّل هذا الأمر قبل 10 سنوات.. الوقت والرياضة يستطيعان تغيير الكثير من الأمور، في بلغراد أشعر بأنّي في بيتي.. لقد لعبت هنا وكافحت من أجل النجم الأحمر، وفزت بكأس أوروبا في صفوف النادي؛ وهذا جواز سفري لكي أشعر بالاطمئنان.. عدت إلى هنا قبل عام ونصف ولم أواجه أيّة مشكلة، أو أيّ رد فعل.. لقد أحاطني الجميع بعناية، ما أعطاني الثقة للقيام بعملي باطمئنان، لكن حالة استثنائية، ولا شكّ بأنّ الأمر يختلف خارج نطاق كرة القدم. في صفوف ريال مدريد خسرتم الدوري المحلّي مرّتين في الجولة الأخيرة وتعرّضت للإصابات دائما.. هل تحتفظون على الرّغم من ذلك بذكريات جميلة؟ (يضحك).. صحيح، لكنّني لا أعتبر ذلك سوء حظ، عندما لا تسير الأمور جيّدا.. لا يمكن أن نفعل شيئا! بالطبع، كان بالإمكان لمسيرتي أن تكون أفضل في مدريد، لأنّ الكثير من الأشخاص لا يتذكّرون سوى الألقاب، لكنّني سعيد بما قمت به هناك.. لقد فرضت نفسي في حقبة كانت فيها المراكز التي يشغلها اللاعبون الأجانب محدودة.. لقد اكتشفت كرة قدم مختلفة وحياة أخرى، وعلى الرّغم من بعض الإصابات البدنية التي تعرّضت لها واللّقبين اللّذين خسرتهما، لم أشعر على الإطلاق بأنّي لاعب ثانوي في الفريق. هل لديكم الشعور نفسه خلال تجربتكم مع برشلونة؟ أيّ لاعب لا يحلم باللعب في ريال مدريد أو برشلونة؟.. أمّا أنا؛ فقد دافعت عن ألوان الناديين! لا زلت أحتفظ بذكريات رائعة والأهمّ من ذلك أشعر بأنّي تركت ذكريات جيدة أيضا.. لا أعتقد أنّ لاعبين كثر نجحوا في الدفاع عن ألوان ريال مدريد وبرشلونة وتركوا انطباعا جيّدا في الناديين.. عندما أرى كيف يتمّ استقبالي في مدريد أو برشلونة، أشعر بأنّ مروري في هذين الناديين لم يكن سيئا إلى هذه الدرجة. على مقاعد اللاعبين الاحتياطيين.. من أيّ طريقة يعتبر بروزينيكي المدرب الأقرب؟ جوزي مورينيو أو غوسيب غوارديولا؟ مورينيو مدرب كبير جدا، ولا شكّ بأنّنا نتحدّث هنا عن أحد أفضل المدربين في العالم.. يجب النّظر فقط إلى سجلّه أينما حلّ، فهو يفوز ومستوى اللاعبين يتطوّر، لكن غوارديولا يمثّل الاستثمار على المدى الطويل أكثر والاستمرارية؛ فهو يحاول أن يضع موضع التّنفيذ ما كان عليه سابقا شاب من برشلونة.. من ناحية الأسلوب والنّظرة نحو المهنة، أشعر بأنّي أقرب إلى غوارديولا. بعد الفوز على ألمانيا سقطت كرواتيا في نصف نهائي كأس العالم أمام فرنسا 1-2.. ماذا كان ينقصكم في ذلك اليوم؟ كنّا نمتلك أفضل منتخب في تاريخ كرواتيا، لكن السبب الذي جعل فرنسا تتفوّق علينا كان بسيطا.. كانت تملك فريقا رائعا! لكن الفرصة كانت متاحة أمامنا.. كنّا نملك كلّ المقوّمات للفوز في تلك المباراة، وفجأة حصل ما يحصل في كرة القدم في بعض الأحيان.. المستحيل، كم هدفا كان ليليان تورام قد سجّل قبل تلك المباراة؟ ولا أيّ هدف، وكم سجّل بعد تلك المباراة؟ لم يسجّل إطلاقا! أمّا في تلك المباراة؛ فقد سجّل هدفين.. إنّها الساحرة المستديرة، لكن كرواتيا كانت تملك فريقا كبيرا لإحراز كأس العالم، خصوصا أنّ البرازيل لم تظهر بتلك القوّة في المباراة النهائية.. في بعض الأحيان، أنت في حاجة إلى القليل من الحظّ، وفي ذلك اليوم، كان الحظّ في المعسكر الآخر. تماما كما حصل عندما خسرتم في ربع النهائي بضربات التّرجيح أمام الأرجنتين في كأس العالم في إيطاليا 1990؟ تماما، كنّا نملك أيضا منتخبا قويّا في تلك الفترة، قادرا على الذهاب إلى النهاية.. وفي بعض الأحيان، أنت في حاجة إلى أشياء أكثر من الموهبة لكي تفوز بالمباراة، هذا الشيء القليل أفلت منّا في كلّ مرة.. لعبت في فريقين كانا باستطاعتهما إحراز كأس العالم، لكن ما يبقى أنّي لم أفز بها. من هو اللاعب الذي تتعاقدون معه حاليا ليكون روبرت بروزينيكي اليوم؟ عندما أرى ليونيل ميسي حاليا، لا أتذكّر بأنّي رأيت لاعبا يقوم بما يقوم به، لكن اللاعب الذي أختاره لفريقي، والذي يمتلك شيئا إضافيا والقادر على خلف الفارق في الفريق، فهو بلا شكّ أندريس إنييستا.