كشفت جلسات الاستماع التي باشرتها محكمة الجنيات بالبليدة مع المتهمين في قضية الصندوق الرئيسي لبنك الخليفة، الأسبوع المنقضي، والتي شملت المسؤولين المباشرين على الخزينة الرئيسية للبنك المفلس، المتواجدة بالشراڤة، ومسؤول الوقاية والأمن بالمجمع، والمكلفين بنقل المراسلات بين وكالات بنك الخليفة، أن أموال البنك كان يتم التصرف فيها خارج إطار الترتيبات القانونية المتعارف عليها، وأنها كانت تهرب من قبل أعوان رفيق عبد المؤمن في أكياس دون وصولات رسمية، بمجرد إشارة من المدير العام، لتصرف بعدها في أمور مجهولة ودون مبررات موثقة. وقد بينت اعترافات المتهمين (آكلي.ي) المسؤول الأول على الخزينة الرئيسية للبنك، ومساعده (م.ش)، ومدير ديوان رفيق عبد المؤمن (ق.ج)، والمفتش العام المساعد (م.أ) ومسؤول الوقاية والأمن بالمجمع (ش.ح)، الذين كان تمر عبرهم أموال البنك، أن كل ما قاموا به من نقل للأموال، كانت بأوامر من رفيق خليفة، مبررين ذلك بأوامر المدير التي لا يمكن عصيانها. وبحسب اعترافات المتهمين وبعض الشهود من أعضاء لجنة التفتيش الداخلية على مستوى بنك الخليفة، التي كان يترأسها الشاهد بن يوسف يوسفي، فإن رفيق خليفة كان يكتفي بتدوين المبلغ الذي يريده على قصاصة ورقية، ويبعث بها رفقة أحد أعوانه إلى مدير الوكالة البنكية التابعة له، أو إلى مسؤول الخزينة الرئيسية (أ.ي)، وهي القيمة التي كان يتسلمها في أوانها، لكن من دون تدوينها أو التوقيع على وصولات رسمية، تحفظ على مستوى الخزينة الرئيسية من أجل تبرير القيمة المسحوبة لدى بنك الجزائر، باعتباره الجهة المخولة قانونا بالمراقبة عن طريق اللجان التابعة له. ومن أبسط الأمثلة على مثل هذه الحالة، ما اعترف به الرجل الثالث في مجمع الخليفة، المسؤول الأول على مديرية الوقاية والأمن (ش. عبد الحفيظ) الموجود رهن الحبس المؤقت، حيث اعترف وهو يرد على أسئلة محكمة الجنيات، أنه انتقل رفقة خليفة عبد المؤمن في واحدة من المرات إلى وكالة بنك الخليفة بالحراش، مؤكدا أنه سلم قصاصة ممضاة من خليفة لمدير الوكالة، الذي سلمه بدوره "شكارة" بها مليار سنتيم خارج أوقات العمل، تم نقلها على متن سيارة (ش.ع) إلى مقر المجمع ب "سيدي يحيى" بحيدرة، المخصص لاستقبال الضيوف من الشخصيات الكبيرة. كما اعترف أيضا (ي. أكلي) المكلف منذ نهاية 1998 بتسيير الخزينة الأساسية لبنك الخليفة، أمام هيئة الحكمة، أنه قدم في الكثير من المرات الملايير من السنتيمات، ومبالغ أخرى كبيرة بالعملة الصعبة لرفيق عبد المؤمن خليفة وللمقربين منه على مستوى المجمع، الذين كان يفوضهم، لكن من دون صكوك أو وصول تسليم موقعة من قبل الشخص المستلم. وبرر المتهم موافقته، بوعود تفيد بتسلمه الوصولات مستقبلا، وهو ما لم يحصل، كما أضاف. والغريب في الأمر أن رئيس المجمع لم يتفطن للنزيف الذي سببه السحب المتكرر للأموال من البنك، دون وصولات رسمية، كما جاء في تصريحات الشهود واعترافات المتهمين، إلا في 23 فيفري 2003. عندما اتصل مسؤولها الأول رفيق عبد المومن خليفة هاتفيا بنائب المدير العام للبنك (إ. ك) الموجود في حالة فرار، طالبا منه تسوية وضعية الخزينة الرئيسية بالشراڤة، وهو الأمر الذي أسنده (إ.س ) ل (أ.ي) الذي لجأ إلى استعمال الحيل لتغطية هذا العجز، من خلال تكليف مساعده (م. ش) بإعداد 11 "مراسلة بين الوكالات" وهي عبارة عن وثائق حسابية لاستدراك الثغرة المالية الموجودة على مستوى الخزينة الأساسية والمقدرة ب 2300 مليار سنتيم قلصت العجز إلى 1200 دينار، غير أن هذه الحيلة سرعان ما تم اكتشافها، على حد تصريح الشاهد أغاوة مجيد العضو بلجنة التفتيش الداخلية ببنك الخليفة، الذي أكد أنه منع رفقة بقية أعضاء لجنة التفتيش، من قبل الراحل لزهر علوي مدير البنك، و(ب.ي) رئيس اللجنة، من الوصول إلى الصندوق الرئيسي. ومع ذلك، فإن بنك الجزائر عندما قرر تعيين متصرف إداري للبنك في مارس 2003، بقرار من مجلس القرض والنقد، حافظ على أعضاء اللجنة الذين سكتوا عن الثغرة المالية يومها. ويتبين من خلال الاعترافات والمواجهات بين الشهود والمتهمين أن مدراء الوكالة ومسؤول الخزينة الرئيسية، كانوا يتصرفون في أموال البنك خارج الأطر النظامية المحددة من قبل بنك الجزائر، الذي كان بدوره غائبا عن مراقبة موازنات بنك الخليفة المالية طيلة خمس سنوات كاملة. محمد مسلم: [email protected]