صلاح الدين.ع:[email protected] عاد الرعب ليوميات الجزائريين بعد أن اعتقدوا أنهم طووا صفحة حمراء من تاريخهم امتدت لأكثر من عشر سنوات، وعاد معه مسلسل التفجيرات رغم الخطوات الهامة التي خطاها الجزائريون في مسار المصالحة الوطنية ابتداء من قانون الرحمة فالوئام المدني ثم ميثاق السلم. الإرهابيون اختاروا الزمان والمكان بشكل دقيق لتكون حصيلة القتلى والجرحى كبيرة في صفوف الشعب الجزائري، وليكون الصخب الإعلامي كبيرا، وذلك ينسجم تماما مع الإيديولوجية العدمية التي تشبعوا بها كما أن ما حدث يفسر حالة اليأس والقنوط في صفوف الجماعات الإرهابية التي تلقت ضربات موجعة خلال الأشهر الأخيرة. لكن الذي لا يمكن قبوله هو الاستثمار السياسي لبعض الأطراف في دماء الجزائريين، وتحويل التفجيرات التي استهدفت العاصمة إلى مادة انتخابية " طازجة " من خلال إظهار حرص أكبر على أرواح الجزائريين واتهام الأجهزة الأمنية بالتساهل والاسترخاء مع أن الكل يعلم أهمية الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذت منذ تفجيرات الرغاية ثم تفجيرات بومرداس. الضربات فعلا جاءت في العمق، ومشاهد الدمار والجثث المضرجة بالدماء ذكرتنا بما كان يحدث خلال العشرية الحمراء ولا يمكن اعتبار ذلك نجاحا للإرهابيين بقدر ما هو سقوط في هاوية العدمية، لأنه من السهل قتل الناس بالسيارات المفخخة، ولا يمكن للإجراءات الأمنية المتخذة في الطرقات ومداخل العاصمة أن تمنع دخول السيارات المفخخة. تفجيرات أمس عرت حقيقة ما يسمى بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وأظهرت أنه امتداد لأكثر الجماعات دموية خلال سنوات الأزمة، رغم أن هذه الجماعة الإرهابية حاولت الاستثمار في تطورات الساحة الدولية واستوردت شرعية جديدة من الخارج بعد زالت مبررات حمل السلاح في الداخل. لقد أظهرت التجربة أن النهج الدموي لا مستقبل له في الجزائر والمأساة التي عاشها الجزائريون كفيلة بأن تجعلهم يتصدون لأية محاولة لتعميم الفوضى من جديد، وكما اندثرت الجماعات الدموية التي تفننت في قتل الجزائريين سيندثر تنظيم القاعدة، لأن من بين صفوفه الكثير من المغرر بهم الذين لا يدركون الحقيقة الإجرامية للتنظيم وحجم الورطة التي أقحموا فيها وسيتراجعون ما دامت أبواب التوبة مفتوحة أمامهم.