ضم التقرير الأدبي الذي أعده الاتحاد الجزائري لكرة القدم (الفاف) قصد عرضه خلال الجمعية العامة العادية المرتقب عقدها يوم 23 أفريل المقبل، العديد من المغالطات والتناقضات والتجاوزات والأخطاء، حيث بدت الحصيلة التي قدمها الرئيس خير الدين زطشي "خاوية"، ولم تقتصر سوى على عبارات تثني على مجهوداته وأعضاء مكتبه الفدرالي طيلة العام الماضي، متجاهلا التطرق إلى العديد من القرارات والقضايا الهامة التي شهدتها الفاف في أول سنة من "حكم" المكتب الحالي، والكرة الجزائرية، كما تضمنت الحصيلة أيضا هجوما صريحا على المكتب السابق بقيادة محمد روراوة. بنى الرئيس خير الدين زطشي تقريره الأدبي لعام 2017 (من مارس إلى ديسمبر)، على عنصرين رئيسيين وهما ملتقى تجديد الكرة الجزائرية (السيمبوزيوم) الذي انعقد بالجزائر يومي 11 و12 ديسمبر الماضي، في غياب معلومات دقيقة ورؤية واضحة عن نشاطات الفاف في العام الماضي، كما هاجم التقرير حصيلة المكتب السابق بقيادة روراوة، حيث ظل يذكّر التقرير في كل جزء من أجزائه الذي يضم 20 صفحة، بأن فترة المكتب الفدرالي الحالي أفضل من سابقه بكثير، كما غفل التقرير عن التطرق لعشرات القرارات والقضايا التي يعرفها العام والخاص، ما يعطي الانطباع بأن الفاف أعدت تقريرا يخص "جمعية هاوية" وليست اتحادية "مونديالية – محترفة"، ويوحي ذلك أيضا بأنها لم تحضّر سوى "نصف تقرير فقط". وسنحاول أن نتطرق هنا بالتفصيل للمغالطات والتناقضات التي ضمها التقرير الأدبي وكذا القضايا والقرارات الهامة التي غفل عنها أو تم تجاهل ذكرها. من المفروض أن مقدمة التقرير الخاصة بالرئيس تضم حوصلة مختصرة للسنة الماضية وكذا التعليمات والتوجيهات الخاصة بنشاطات الفاف وإستراتيجيتها، لكن مقدمة التقرير الأدبي بدأت بمهاجمة المكتب السابق، حيث جاء فيها بأن "المكتب الحالي ماض في "إستراتيجيته" وبدأ عمله رغم الفترة الانتقالية والظروف الصعبة، والمنافسة القوية من بعض الأطراف التي لم تتقبل التغيير"، مضيفا "من المهم القول أن الفترة السابقة كانت بإيجابياتها وسلبياتها، تسيّر من طرف مسؤولين وفق نظريتهم الخاصة بهم، ولكننا جئنا بطريقة جديدة أفضل منها، وأحسن دليل على ذلك أننا أنقذنا نهاية الموسم بصعوبة كبيرة"، لكنه وقع في تناقض صارخ في القسم الخاص بمسابقة الكأس، حيث اعترف بأنه لم يسير نهاية المنافسة بالشكل المطلوب بعد أن تم إلغاء وتأجيل مباراتي نصف النهائي مثل ما يعرفه العام والخاص. وتابع التقرير الذي يؤكد على تكوين مديرية فنية وطنية قوية، وانتداب العديد من التقنيين على مستواها وكذا على مستوى مختلف جهات الوطن، رغم أن الفاف لم تنتدب سوى رابح سعدان وبوعلام شارف فقط، كون التقنيين الآخرين كانوا يشتغلون في المديرية الفنية منذ فترة طويلة. كما اعترف التقرير ضمنيا بأن الفاف لم تقدم منذ بداية نشاطها سوى ملتقى تجديد الكرة الجزائرية، حيث رافع زطشي لصالحه ونتائجه، وقال بأنه "ناجح ويندرج ضمن المبادئ الموجهة من طرف الفيفا والكاف وأحسن دليل على ذلك أنني شاركت في مؤتمري الكاف والفيفا ما عزز من موقع الجزائر في الهيئات الكروية الدولية!!"، متجاهلا الحديث عن علاقة الفاف باتحاد شمال إفريقيا والاتحاد العربي اللذان لم يحضر رئيس الفاف أيا من اجتماعاتهما منذ توليه رئاسة الاتحاد. وحمل التقرير عبارة خطيرة تبرر "العنف"، حيث جاء فيه بأن "كرة القدم رياضة مميزة، ومن فرط أهميتها والشغب بها فإنها تؤدي إلى الانزلاق!!". وداس زطشي على القانون الأساسي للفاف عندما تحدث عن إطلاق الفاف مشاريع انجاز أربعة مراكز تكوين جهوية، رغم أن ذلك كان يجب أن يمر أولا عبر الجمعية العامة التي من حقها المصادقة عليه أو رفضه، فضلا عن أن الحديث عن مشاريع لم تنجز أصلا خلال العام السابق، غير لائق، لأن التقرير الأدبي يخص سنة 2017 فقط دون غيرها. والسؤال المطروح هنا، كيف سيتصرف زطشي في حال رفض الجمعية العامة المصادقة على مشاريع انجاز مراكز التكوين؟؟ كما يوحي التقرير الأدبي، بأن المكتب الحالي بصدد تسيير ناد وليس اتحادية، حيث جاء فيه بأن الفاف لم تتعامل مستقبلا بعقود أهداف مع مدربي المنتخبات الوطنية مثلما كان يحدث في السابق، وإنما العمل على المستوى البعيد!!
مغالطات وتناقضات وتجاوزات ولا يعد التقرير الأدبي للفاف سوى بمثابة "تبرئة للذمة" من طرف المكتب الحالي، وبخلاف ما سبق ذكره، فقد ضم قرابة ال25 مخالفة وتجاوزا ومغالطة سنبرزها فيما يلي: – جدول أعمال الجمعية العامة غير مطابق لذلك المدوّن في المادة 28 من القانون الأساسي للفاف. – أهمل التقرير التطرق لقرارات ومواضيع مهمة أحدثت ضجة كبيرة على المشهد الكروي، حيث لم يتحدث عن مشكلة الرابطة المحترفة مع الفاف والتي انتهت بتجريد الرابطة من كافة صلاحياتها ومهامها، واكتفى بالقول بأنه تم اتخاذ إجراءات في حق بعض الرابطات، رغم أنه من المفروض الحديث عن هذا الأمر التدقيق وبالتفصيل، لأن الأمر يتعلق بتقرير أدبي موجه لأعضاء الجمعية العامة "السيّدة". – فيما يخص قضية فسخ عقد المدرب الاسباني لوكاس ألكاراز، جاء في التقرير بأن قرار الفاف جاء بسبب سوء النتائج، الضغط المتزايد والانتقادات، لكنه لم يذكر تفاصيل فسخ العقد، ولجوء المدرب إلى الفيفا. ثم إذا كانت الفاف تبرر إقالة ألكاراز بهذه الطريقة، فهي إذن قادرة على القيام بنفس الشيء مع ماجر بما أن الضغوط التي يعيشها والانتقادات التي يتعرض لها أكثر بكثير مما واجهه ألكاراز!! – لم يتطرق التقرير الأدبي للفاف لرحيل أو إقالة العديد من الإطارات على غرار: الأمين العام السابق ومديرة المالية ومدير مركز سيدي موسى، ومدير الوسائل العامة، ولم يشرح ظروف مغادرتهم. – تجاهل التقرير قضية رفض الكاف لملف ترشيح النائب الثاني لرئيس الفاف ولد زميرلي لعضوية تنفيذية بالكاف، وكذا مغادرة المستشار محمد مشرارة، كما لم يتطرق لقضية خصم الفيفا 6 نقاط من رصيد فريق اتحاد بلعباس، كما تجاهل التقرير مشاركة أربعة أندية جزائرية في المنافسة القارية. – كما لم يتطرق التقرير لمشروع فندق الفاف الذي تمت المصادقة عليه من طرف أربع جمعيات عامة سنوات 2012، 2013، 2014، 2015، وكذا عرضه في الجمعية العامة للمصادقة عليه أو رفضه مثلما يريد المكتب الحالي. – تجاهل التقرير عن قضية عضو المكتب الفدرالي مسعود كوسة الذي تمت تنحيته بقرار رسمي من رئاسة لجنة التحكيم، وكذا مشروع لجنة قانون اللاعب الذي تقدم به عضو المكتب العربي أومعمر، كما تم تجاهل رابطة كرة القدم داخل القاعة، التي يبقى نشاطها مبهما رغم حداثة إنشائها. – لم يتطرق التقرير لعلاقات الفاف مع اتحاد شمال إفريقيا والاتحاد العربي لكرة القدم ونشاطاتها معهما. – لم يتحدث التقرير عن عمل لجان المالية، الأخلاقيات، التدقيق الداخلي، "الماركيتينغ"، لجنة الشؤون القانونية والإعلام، كما اغفل التقرير الحديث عن نظام الاحتراف، رغم أن ملتقى تجديد الكرة الجزائرية الذي تتفاخر به الفاف يتمحور أصلا عن الاحتراف. – لم يتطرق التقرير للملاعب والهياكل وكذا مشاكلها ووضعيتها، وكذا إجراءات وسبل مكافحة العنف والشغب بها. – لم يتحدث التقرير عن مصير إعانات الدولة الخاصة بالكرة الهاوية، والتي تم تناقلها فقط عبر وسائل الإعلام، في وقت أنه من المفروض أن يتم التطرق إليها في إطار رسمي خلال الجمعية العامة. – لم يتطرق التقرير أيضا لقضية نقص أو غياب التمويل على مستوى الاتحادية، والإستراتيجية الجديدة لإيجاد موارد جديدة، فضلا عن عدم تحدث التقرير عن علاقات الفاف مع وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية. – تجاهل رئيس الفاف خلال مقدمة التقرير عن توجيه تشكراته إلى ممولي الفاف والوزارة الوصية، واكتفى فقط بتوجيه الشكر لأعضاء المكتب الفدرالي وعمال الاتحادية، كما قدمت الفاف التقرير الأدبي بلغة واحدة وهي الفرنسية دون اللغة العربية. – حمل التقرير مغالطة، وهي تأكيده على أنه تم تكوين منتخبات نسوية شابة وإشراكها في مختلف المسابقات في سابقة تاريخية، رغم أن الحقيقة تؤكد بأن الفاف سبق لها اشراك منتخبي أقل من 17 سنة وأقل من 20 سنة في الألعاب العربية وكذا تصفيات كأس العالم في عام 2015. – تجاهل التقرير، الحديث عن المسؤولين الجزائريين الموجودين في الهيئات القارية والدولية، كما غفل عن الإعلان عن قيام الفاف بمراسلة الكاف لأجل تنحية محفوظ قرباج من لجنة المسابقات، دون تعويضه بعضو آخر. – لم يذكر التقرير، الاختلالات الموجودة في المنظومة الإدارية والإعلامية، خاصة فيما يتعلق بالقرار الخاص بمزدوجي الجنسية الذي أثار الكثير من الجدل، فضلا عن تسريب وثائق رسمية هامة على غرار عقد الاسباني ألكاراز، والوثيقة التي تطالب فيها الفاف من الكاف بتعويضات خاصة بعضو المكتب الفدرالي عمار بهلول. -جاء في التقرير بأنه تم إحداث تعديلات على مستوى لجنة الكأس، والتي تضمنت خرقا للقانون الأساسي، الذي ينص على أن اللجنة تضم 5 أعضاء فقط، لكنها اليوم تضم حوالي 10 أعضاء!! وفي ظل كل ما تم ذكره، فإن المكتب الحالي، سيكون في وضع حرج جدا خلال أشغال الجمعية العامة المقبلة، كون أعضائها من حقهم مساءلته عن إهمال القضايا الهامة، والتستر عليها من خلال التقرير الأدبي المقدم للنقاش.