في ولاية تبسة وفي شهر أكتوبر 2005 ، صدمت سيارة كانت تسير بسرعة مفرطة طفلة في التاسعة من عمرها ، كانت عائدة من المدرسة ، تحمل حقيبتها ، و أفاد شهود ، يومها على الحادث، أن السائق نقل الطفلة ، لإسعافها ، لكن لم يتم العثور على الصغيرة، و باءت كل محاولات عائلتها في إيجادها بالفشل، وباشرت مصالح الشرطة ، تحقيقا في القضية المأساوية بناء على شهادات شهود عيان أفادوا أن السيارة هي من نوع 405 وأجمعوا على أنهم شاهدوا سائقها ينزل من السيارة ونقل الفتاة. و بعد أسبوع ، تم العثور على جثة طفلة صغيرة ، مرمية في الغابة ، تعرفت عليها عائلتها من خلال بعض ملابسها ، أثبت تقرير الطب الشرعي أن أسباب الوفاة ، تعود إلى حادث سير ، لتخضع أكثر من 400سيارة من نفس الفصيلة إلى الفحص و التفتيش ، ليتم حجز سيارتين إثنتين ، كانا محل شك من طرف المحققين ، بعد ضبط قطرات دم على عجلات السيارتين ، حيث تم تحويل عينات إلى مخبر نظام البصمة الوراثية "الآدي آن" التابع للمخبر المركزي للشرطة، وبعد تحليل الكروموزومات، تبين أن الدم العالق في السيارة الأولى هو دم حيوان، وأثبث أن آثار الدم في السيارة الثانية يتطابق مع دم الفتاة ، ليوجه تقرير بهذه النتائج ، مما دفع الجاني للإعتراف بفعلته ، و إرتاحت عائلة الضحية بعد توقيف قاتل صغيرتها. كما تمكنت عائلة أخرى من العاصمة من إسترجاع جثة صغيرها الذي جرفته مياه فيضان باب الواد ، و تم دفن جثته بعد أن زعمت عائلة أخرى أنه وليدها ، و بعد أشهر ، تحركت عائلته الحقيقية لإيداع شكوى لإسترجاع جثثه ، و بناء على ذلك و للفصل في هذه القضية الشائكة ، تم إستخراج الجثة التي تآكلت ، و أخذت منها عينات ،وعينة من الوالدين الحقيقيين ، حولت إلى إسبانيا لتوفرها على هذا النظام ، حيث لم يكن المخبر عمليا، و كشفت النتائج أن الجثة فعلا للعائلة الشاكية ، وتشكل هذه القضايا عينة من العديد من القضايا المطروحة اليوم على مصلحة الآي دي آن المتواجدة في المخبر المركزي للشرطة العلمية والتقنية ، وغم أهمية المصالح الأخرى ، إلا أن الكثير يصنفها ضمن المصالح الأساسية في الشرطة و في الجزائر. و قدم رئيس المصلحة ضابط الشرطة الطاهر.ب ، بيولوجي التكوين ، عرضا علميا ل" الشروق" حول مهام هذه المصلحة التي قضينا فيها وقتا أطول مقارنة بالمصالح الأحرى التي قمنا بزيارتها في المخبر المركزي ، و أشار أن مخبر الآي دي آن أصبح عمليا منذ جويلية 2004 ، يتوفر على أحدث التجهيزات و التقنيات ، يضم 30 موظفا من بينهم مدنيون كما خضع التقنيون العاملين به إلى تكوين في الخارج ، خاصة في بلجيكا و إسبانيا التي يعتبر التعاون معها متقدما جدا ، في مجال التقنيات المستعملة في هذا المجال ، و أوضح الضابط الطاهر.ب الذي رافقنا إلى مختلف المصالح ، أن المهام موزعة على قسمين ، المجال القانوني في إطار دعم التحقيقات القضائية و المجال المدني من خلال حل بعض القضايا المدنية و ليس الجنائية ، مثل تحديد هوية الجثث خاصة في الكوارث الكبرى ،و حدد مجالات إستعمال "الآدي آن " في بعض الجرائم أهمها القتل ، الإعتداءات الجنسية ، السرقات ، إضافة إلى تحديد الأبوة التي تمثل أهم " المطالب" الموجهة اليوم إلى المخبر. لكنه يوضح أن العمل في هذه القضايا يكون بناء على تعليمة نيابية و بامر من وكيل الجمهورية في إطار قانوني ، " نحن نعمل بالتنسيق مع مصالح العدالة ،و نجري التحاليل بناء على تعليمة نيابية بالتنسيق مع مختلف أجهزة الأمن " و لتقنين العمل أكثر بهذا النظام ، يجري حاليا على مستوى وزارة العدل ، صياغة مشروع قانون لتنظيم التحليل الجيني ، لإعداد بنك معلومات خاص بالجينات " حتى يكون هناك إطار قانوني لعملنا مستقبلا دون المساس بالحريات الفردية " ، من خلال إعداد قاعدة معطيات خاصة بالمحبوسين على المستوى الوطني ، و ضحايا الكوارث الكبرى ، من خلال الجينات ، و أضاف أن العمل يتطلب الدقة حيث يتم الفصل بين الآثار المرفوعة من مسرح الجريمة و بصمات الشخص المشتبه فيه قبل مقارنتها للحصول على نتائج تكون قريبة جدا من الواقع. أما عن أبرز القضايا المعالجة ، فتتعلق بإثباث الأبوة ، الإعتداءات الجنسية و القتل و العثور على الجثث، و كان هذا المخبر قد عالج خلال سنة 2005 أي بعد سنة من تشغيله 180 قضية و يبقى العدد في إرتفاع خلال السنتين الأخيرتين ، أسأل الضبط الطاهر.ب عن مصير العظام و بقايا الجثث التي تم إنتشالها من المقابر الجماعية ، ليقول " لقد تنقلنا إلى هناك ، و العملية جارية" دون تفاصيل أخرى لكنه يوضح على صعيد آخر ، أنه يتم تخزين جميع المعلومات ، في إنتظار مقارنتها لاحقا بعينات قد تؤدي إلى تحديد الهوية ، و طرح في هذا السياق ، قضية الطفلة الصغيرة التي تعرضت للإختطاف بضواحي العاصمة و الإغتصاب ثم القتل ، حيث تم رفع قطرات السائل المنوي على أطراف جسدها و إخضاعه للتحليل و تم تخزين المعطيات" قد نجد في يوم ما عند توقيف مجرم قد يكون متورطا في إعتداء جنسي أو جريمة أخرى بنفس المعطيات ، المهم أن المجرم سيوقف وهذه هي ميزة الآي دي آن بإعتباره نظام غير قابل للتقادم و المعلومات تبقى صالحة لسنوات " ، و لن يتم طي ملف الجريمة أو القضية. نائلة.ب:[email protected]