"أعطيني وجهك".. هذا هو تعليق شاب من عنابة كان يبدو وأنه يفكر في "الحرقة" عندما وقف زوال الخميس أمام صور المرشحين وهو غير مصدق بأن بعض الناس بإمكانهم أن يعدوا بالجنة ثم يعلقون صورهم في الشوارع ليشاهدهم الآلاف... بل الملايين. عقدة الجزائري مع الصورة تكاد تكون ظاهرة أو وباء غريبا إلى درجة أن الصحافيين يجدون صعوبة في إرفاق تحقيقاتهم بصورة الناس الذين يتم استجوابهم فمعظم الجزائريين لا يمانعون في الكلام، أما أن تنشر صورهم في الصحف فهذا غير وارد فما بالك بالصور المعلقة أمام عامة الناس، خاصة أن الألسنة الطويلة لا تتوقف عن التعليق على المظهر الخارجي تماما كما حدث مع أول ظهور للمترشحين منذ يوم الخميس مع بداية الحملة الإنتخابية. جموع كثيرة حلقت أعينها أمام صور المترشحين وتركت العنان لألسنتها... تجدها باسمه وفي كثير من الأحيان تقهقة ليس تبركا بالوجوه "الجميلة" الحاملة لمشاريع مستقبلية وإنما أمام التعاليق التي كتبها بعض خفيفي الظل أو الغاضبين أو الثائرين تحت كل "صورة"، بالرغم من أن "المعلقات" وضعت جميعا في عالية ليست في متناول الأطفال، الناس تجاوزوا الخوف والخجل فتجد الشاب يخرج قلمه ودون أي إحراج يكتب كلاما مضحكا وأحيانا مبكيا تحت صورة أو شعار أو اسم حزب، وهي كلمات تعبر عن "الصوت" الحقيقي لناخب ربما لن ينتخب.. بعض "المشاغبين" مزقوا الصور أمام مرأى الناس دون أي يزجرهم أحد. تعددت التعاليق على الصور بعضهم كتب أسفل صورة مترشح "مخلوف البومباردي" وشطب اسم الحزب وكتب "كرنفال في دشرة"... أحدهم وجد راحته وكتب مقطعا مطولا من فيلم كرنفال في دشرة مثل "بوسيو الحالة ولو كان تنتخبو علينا نجيبولكم البيض والمقارون، وتعلقونا لزافيش في الشجر في لحجر في الماء". وتمت كتابة أسماء كرنفال في دشرة على صور عديدة مثل ..العلوش وبنونة ومصطفى غير هاك.. كما قرأنا تعاليق "طريفة" أخرى على شاكلة عادل إمام والزعيم وشاركوا بن لادن والمالكي وبيونة واستخرج بعض "المشاغبين" قلمه وأضاف لصورة هذا المترشح "شاربا" ولآخر "لحية" وألبس المترشح "نظارة" وأخرى "خمارا" وكتبت تحت صور بعض المترشحات "الشيخة الجنية والرميتي وغيرها... مشاغب آخر كتب تحت اسم مترشح "هذا الشخص خطير" وتحت صورة أخرى "مليون دينار لمن يدلنا على هذا المبحوث عنه" وأيضا "للبيع"، أما إذا شابه مترشح شخصية أو نجما معروفا فإن التعاليق ستكثر، ولكن للأسف بلغت بعض التعاليق درجة التجريح والقذف مثل "روح ترعى" و"كون يفوطيو عليك قابلني" وأخرى جارحة في حق النسوة "روحي تخبزي الكسرة" و"ملكة البشاعة".. لا أحد نجا من تعاليق "الحيطيست" البريئة الماكرة على صور اجتمع فيها الأمي بدكتور دولة واللائكي بالإسلامي والأنثى بالذكر، وبينت للأسف مدى فقدان ثقة الناخب بالمترشح، والأهم من ذلك أن لا أحد أصبح يخاف من التعليق على أي كان بالتهكم والسخرية حتى وإن كان وزيرا... ننصحكم بجولة ممتعة مع التعاليق وآن... لو كان بإمكاننا قراءة ما يكتبه المنتخبون يوم الإقتراع ويدسوه في الصناديق... ومع ذلك يبقى السؤال عن المذنب في هاته الحكاية هل المترشح الطامح لكرسي البرلمان أم الشاب العاطل الذي لا يطمح في مقعد فالستعمل قلما أو لسانا وذلك أضعف الإيمان. ب. عيسى