أثارت الأخبار والفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي المتعلقة بسقي منتجات فلاحية بمياه قذرة مخاوف لدى الفلاحين من كساد محاصيلهم، سيما بعض الفواكه التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء لسقيها، بعد الهلع الذي أصاب المواطنين، ممّا نفرّهم من استهلاك كثير من الفواكه رغم تطمينات الوزارة الوصية واستبعادها تماما لفرضية احتواء مياه السقي على فيروس الكوليرا. وجد بعض المواطنين أنفسهم بين نارين، فالتصريحات الرّسمية تنفي نفيا قاطعا أن تكون مياه سقي المحاصيل الزراعية ملوثة، بينما تعج مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهات توضح سقي محاصيل بمياه قذرة، وهو ما دفعهم إلى التراجع عن استهلاك كثير من الفواكه التي تعوّدوا عليها سيما البطيخ والبطيخ الأحمر والعنب والخوخ وغيرها، واعتبر الأمين العام للاتحاد العام للفلاحين الجزائريين محمد عليوي، في تصريح خصّ به الشروق يوم أمس، أن الإشاعات المغرضة التي تروج تضر بسمعة المنتوج الوطني وصورته خارج الوطن، وهي تنتقص من شأن بلادنا، موضحا أن الأمر إثارة للفتنة، وأضاف عليوي نحن لا ندافع عن المجرمين الذين يسقون محاصيلهم بالمياه القذرة إن وجدوا وأثبت ذلك بالبرهان والدليل، لكن لا يمكن التجني على الفلاحين وإدانتهم بتهم ليست فيهم فهم برءاء حتى تثبت الجهات المختصة عكس ذلك، داعيا إلى حصر التصريحات بين المختصين من فنيين وخبراء وغيرهم، مستطردا "على كل من أجرم تحمل المسؤولية كاملة". وقال عليوي في تصريح خص به الشروق "تجاوزنا الكثير من الأزمات السابقة التي طالت الثروة الحيوانية، وأكيد أننا سنتجاوز الأزمة الحالية فلكل داء دواء ولا داعي للمزايدات والمغالطات فالمنتوج الوطني سليم ولا شيء يعيبه". من جهته كشف محمد مجبر رئيس اللجنة الوطنية لأسواق الجملة للخضر والفواكه في تصريح للشروق يوم أمس عن تراجع رهيب لنشاط أسواق الخضر والفواكه وكساد العديد من المنتوجات على رأسها البطيخ والدلاع، وقال مجبر "ما يحدث في أسواق الجملة كارثة حقيقية، فالإشاعات فعلت فعلتها وأطنان الدلاع ترمى في السوق وكميات كبيرة منها تنتظر البيع منذ يوم الجمعة، وبما أن السوق لا يعمل يوم الخميس فإن كل الكميات تم التخلص منها رميا يوم الأربعاء". عزوف المواطنون عن اقتناء الدلاع جعل تجار الجملة والفلاحين على حد سواء يعيشون الخراب على حد قول مجبر، فالخسارة رهيبة والإشاعة لم ترحم أحدا، ودفع ثمنها الصالح قبل الطالح. ودعا مجبر مصالح الفلاحة إلى تطمين المستهلك والخروج للميدان لقطع الشك باليقين لأن الاستمرار على هذا الحال سيهلك الاقتصاد الوطني، وأكد أنّ ما يعرض حاليا في الأسواق لا يعاني من أي مشكل صحي ولم يسق بالمياه القذرة. من جهتهم أكد فلاحون وخبراء في الإرشاد الفلاحي أنّ الخضر والفواكه سليمة ولا داعي للقلق، موضحين أن أغلب أشجار الفواكه يصفى ماؤها ولا يؤخذ منه إلا النقي، ماعدا البطيخ الذي يستثنى من هذه القاعدة، لذا يقول هؤلاء لا داعي للتهويل وبث الاشاعات المغرضة التي تهدد المحاصيل الزراعية والمنتوج الوطني بالكساد وتضر بسمعته خارج الوطن. وبسبب الإشاعات المنتشرة كالنار في الهشيم أخرّ كثير من الفلاحين بيعهم لمنتوج العنب، الذي تراجعت أسعاره في أسواق الجملة وفق ما أكده لنا البعض، حيث تراجع سعره من 180دج إلى 120دج. جدير بالذكر أن وزارة الفلاحة، قد أصدرت بيانا طمأنت فيه جميع الجزائريين أن الخضر والفواكه المعروضة في الأسواق صحية وسليمة. وبحسب بيان صادر عن الوزارة فإن الفاكهة والخضروات المنتجة في الجزائر صالحة للاستهلاك، وهي تدعو إلى اتباع إجراءات النظافة قبل الاستهلاك. وأفاد ذات البيان أن مياه الري المستعملة في سقي هذه المواد لا تشكل أي خطر على المنتوج الزراعي وكذا صحة المواطن، كما أنها لا تشكل أي مصدر لبكتيريا الكوليرا. وجاء في بيان الوزارة أن جميع المديريات والمصالح الزراعية مركزيا ومحليا مجندة لمراقبة ودراسة الوضع عن قرب. من جهته أوضح مدير المصالح الفلاحية لولاية البليدة بلعيد محمد مختار، أن سقي الأراضي الفلاحية بالمياه القذرة لا أساس له من الصحة، وأن المصالح الفلاحية بالتنسيق مع مصالح الأمن تقوم بعمليات مداهمة للأراضي الفلاحية ولم تسجل أي حالة سقي من هذا النوع. مؤكدا أن هنالك إشاعات مغرضة هدفها ضرب المنتوج الفلاحي الجزائري بعدما تم تصديره إلى الخارج خاصة الدلاع.