شاء اختيار الاتحاد الجزائري لكرة القدم في هذا التوقيت بالذات، أن يصطدم جمال بلماضي بمنتخب ينتمي إلى بلد بالتأكيد أن بلماضي ولاعبيه لا يعرفون له موقعا وربما منهم من لم يسمع به من قبل وهو غامبيا. وشاء القدر أن يلتقي جمال بلماضي بمنتخب يدربه ناخب وطني، سبق أن درّب جمال عندما انتقل إلى اللعب في الغرافة القطري قادما من مانشستر سيتي، حيث كان يشرف عليه المدرب توم سينتفيت، وشاءت الصدف أيضا أن يكون هذا أول لقاء لجمال بلماضي الذي سيشرف على الخضر لمدة أربع سنوات، وأول لقاء للمدرب الغامبي الذي سيشرف على غامبيا لمدة سنة واحدة فقط، وقد تتحدد معالم وطموحات كل مدرب من خلال هذا اللقاء الأول بالنسبة إليهما. لم يحقق منتخب غامبيا أي فوز سواء في مقابلاته الرسمية أم الودية منذ سنة 2013 عندما فاز بهدف نظيف أمام منتخب تانزانيا على أرضه في عاصمة غامبيا بانجول، وهو منتخب ضعيف جدا ولا يصنّف أحيانا بسبب نتائجه التي كلها خسارات، إذ لم يسبق له أن تأهل لكأس أمم إفريقيا ولا يطمح إلى تحقيق هذه الأمنية الغالية على شعبه، وحتى لو فاز عليه بلماضي وترسانته بنتيجة ثقيلة في عقر ديارهم، فإن الأمر يعتبر عاديا جدا، وفي أحسن الأحوال جرعة معنوية فقط. تعتبر غامبيا القابعة في غرب إفريقيا، التي لا تحدها جغرافيا سوى السنغال ويشقها نهر غامبيا، من أصغر بلاد العالم مساحة، إذ لا تزيد مساحتها عن 10 آلاف كلم فقط، ويعيش شعبها فقرا مدقعا، إذ تعتبر من بين عشرة بلدان الأفقر على وجه الكرة الأرضية وتعتصرها الأوبة بكل أنواعها والمجاعة أيضا. وغامبيا هي البلد الذي استوطنته الأمراض المميتة مثل الكوليرا وبخاصة الملاريا إذ تعتبر غامبيا عاصمة لهذا المرض القاتل، وهو ما جعل معدل أعمار الناس فيه هو المتدني في العالم، ونادرا ما يتجاوز شيخ من غامبيا سن السبعين في بلد عدد سكانه لا يزيد عن المليون ونصف مليون نسمة. من عجائب هذا البلد الذي سيسافر إليه جمال بلماضي وفريقه ويلعبون أمام منتخبه مباراة في الثامن من الشهر الحالي، أنه لا يصدر أي منتج إلى الخارج، سوى الفول السوداني، كما أن هذا البلد الذي قرر أن تكون لغته الرسمية هي الإنجليزية وطلّق الفرنسية بالرغم من مجهودات فرنسا لأجل أن تجعلها اللغة الأولى، كما أن رئيسه في 12 ديسمبر من سنة 2015، أعلن الدين الإسلامي الحنيف الديانة الرسمية في البلاد، من دون أن يجد هذا الرئيس وحكومته أي دعم ولو معنوي من بقية الدول الإسلامية ورجالات الدين الحنيف من علماء ودعاة غالبيتهم لا يعرفون هذه الحقائق، خاصة أن الشعب سنّي ويميل إلى المذهب الملكي. أما مشكلة هذه البلاد فتتمثل في اعتراف الدولة وهي الوحيدة في العالم بالعهر مهنة، وبالمومسات، بل تقوم بتدريبهن وحمايتهن وتقدمهن لبعض السياح الأجانب الذين يزورون البلاد، وسبب ذلك هو كون المومسات يدفعن الضريبة التي تصبّ في خزينة شبه خاوية عل مدار السنة، إلا من عائدات العهر، وقد تدخلت عدة منظمات دولية لإيقاف هذه المهزلة ولكنها عجزت عن فعل أي شيء أمام إصرار الحكومة على جعل الدعارة مهنة تدرّ العملة الصعبة على البلاد الفقيرة. المناخ الذي ستجري فيه المقابلة في الثامن من سبتمبر، استوائي، يتميز بالحرارة والأمطار الغزيرة، وهو مناخ يتواصل في البلاد إلى غاية شهر نوفمبر. غامبيا بلاد لا تشبه أي بلاد في العالم، مشكلتها مع الفقر مزمنة ولا حلّ لها، فهي لا تمتلك خيرات باطنية، ومناخها لا يصلح لإنتاج إلا القليل من الخضراوات والفواكه، ولحسن حظها أن عدد سكانها ليس كبيرا وإلا كانت البلاد ستغرق في المجاعة القاتلة.