انتفض سكان حي الديكالي القصديري ببلدية ذراع بن خدة غرب مدينة تيزي وزو، الأربعاء، بعد تأجيل قرار ترحيلهم المزمع في ال11 ديسمبر المنصرم، لأسباب اعتبروها واهية ولامبالاة من سلطات تعمق جراحهم المعمرة لقرابة نصف قرن من الزمن، عاشوها وسط القذارة لتواجد الحي فوق مستنقع للمياه القذرة، وازداد الوضع سوءا حين رفض رئيس الدائرة استقبالهم مفضلا نقل تجربة البرلمان وغلقه أبواب المقر بالسلاسل واستقدام رجال الأمن لحراسته، ما دفع بأحد المتضررين للصعود إلى سطح مبنى الدائرة ومحاولة الانتحار. عاشت بلدية ذراع بن خدة وحي الديكالي تحديدا حالة من الذعر والغضب، بعدما تحولت فرحة العائلات ال120 إلى خيبة أمل كبيرة، حين قررت السلطات وفي آخر لحظة تأجيل عملية ترحيلهم إلى سكنات لائقة انتظروها منذ عشرات السنين. السكان أكدوا في تصريح ل "الشروق" أن مشروع 240 مسكن موجه للقضاء على السكن الهش والقصديري ببلدية ذراع بن خدة، انتهت أشغال الإنجاز فيه قبل 4 سنوات، ولأسباب اعتبروها تماطلا من قبل السلطات، تم تمديد عهدة معاناتهم مع القذارة لسنوات إضافية، إلا أنهم حصلوا على قرارات ترحيل واستفادة بتاريخ الفاتح نوفمبر المنصرم. الحلم المحقق أخيرا أُجل لسبب اقنع العائلات حينها، حيث رفضت السلطات تسليمهم سكنات بدون توفر ظروف "الرفاهية" وحدد تاريخ ال11 ديسمبر لترحيلهم، القرار أصبح واقعا ملموسا بعدما طالبهم ديوان الترقية والتسيير العقاري بدفع مستحقات الاستفادة، ولأن الفرحة متعلقة بسكن لائق ومعيشة كريمة، قامت الأغلبية ببيع أثاث منزلها لتوفير المبلغ المطلوب، إلا أن عدم نهاية أشغال تزفيت الطريق إلى الحي المقصود وكذا عدم تسوية وضعية بعض العائلات المحصاة مؤخرا، جعلت الأحلام تتبخر مرة أخرى، بعدما حزمت العائلات أمتعتها واقتلعت الأخرى أسقف أكواخها. "الشروق" زارت الحي الذي يصلح لأي شيء سوى لحياة البشر، ووقفت على حجم المعاناة التي يعيشها أكثر من 120 عائلة منهم من نزل فيه قبل 40 سنة، أغلبهم وأكثرهم الأطفال، مصابون بأمراض صدرية، ناهيك عن الربو الذي نغّص حياتهم، والفئران التي أصبحت تشاركهم مساكنها والروائح الكريهة حدث ولا حرج، حيث يعود الحي بزائره إلى سنوات العهد المزري، ليكون هؤلاء عنوانا للتهميش ومواطنون بدرجة لاجئين أو معذبين على الأرض بدون منازع. السكان اتجهوا إلى مقر دائرة ذراع بن خدة للقاء رئيسها، إلا أن الأخير قام بغلق الأبواب بالسلاسل الحديدية واستقدم الشرطة لمنع المواطنين وحتى القادمين منهم لاستخراج الوثائق أو إيداعها، من الدخول، ما دفع بأحد المتضررين لمحاولة الانتحار فوق مبنى مقر الدائرة، وكادت الأمور أن تأخذ منحى آخر لولا تدخل بقية المواطنين الذين منعوه وطالبوا والي تيزي وزو ب الالتفات إليهم وإنهاء كابوسهم الذي عمر طويلا.