بدافع البريستج أو الرغبة في شهادة دولية معترف بها في جامعات العالم أو تحصيل علمي جامعي رفيع يقبل آلاف الطلبة الحاصلين على شهادة البكالوريا على التسجيل في معاهد وجامعات خاصة. هذه الجامعات التي تم اعتمادها قبل سنة تقريبا ويبلغ عددها 9 جامعات إلى حد الآن، أغلبها في الجزائر العاصمة بدأت في تدريس كل التخصصات وفق بروتوكول مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من جهة واتفاقيات مع جامعات العالم لتسليم نفس الشهادة سواء ليسانس أم ماستر أم دكتوراه. الجامعات سوق والشهادات "سلعة" والأسعار تخضع للعرض والطلب عاشت الجزائر منذ 1995 واقعا فوضويا صنعه الانفتاح الأول في قطاع التكوين المهني الذي استغلته الكثير من المعاهد لتمارس نشاطا غير قانوني وهو التعليم العالي ومنح شهادات جامعية دولية والتعاقد مع جامعات أجنبية خارج الإطار القانوني، وذلك قبل صدور قانون التعليم العالي ومنح الاعتماد للجامعات الخاصة في الجزائر. هذه الوضعية لم ينكرها الناشطون في هذا المجال وذكروا أن معاهد أغلقت وبقي المئات من الطلبة عالقين دون حصولهم على الشهادات، لكن اليوم وبعد صدور اعتماد 9 جامعات يفرض القانون إيداع 15 بالمائة من مداخيل كل جامعة في حساب "مجمد" كضمان للطلبة في حال الغلق ليتمكن هؤلاء من مواصلة الدراسة. حاولنا معرفة أسعار الدراسة في الجامعات الخاصة لكن الكثير من المسؤولين تجنبوا الحديث في الأسعار علنا لأنها تنافسية ولا يمكن كشفها للإعلام فلم نحصل إلا على بعض التقديرات لأن كل جامعة لها أسعارها التي تحددها حسب نوع الشهادة والتخصص والأساتذة الذين تتعاقد معهم، إذا كانوا من جامعات عالمية فالسعر يرتفع وإذا كانت تعتمد أنظمة تدريس ومنصات متطورة أيضا تتغير التكاليف، لكن ما لمسناه من بعض الطلبة أن الأسعار باهظة جدا وليست في متناول الجميع، والجامعات الخاصة صممت خصيصا للطبقة الثرية من الجزائريين. تخصصات ب200 مليون للسنة الواحدة اتصلنا بالدكتور عبد الحق لعميري مدير المعهد العالي للتسيير الواقع بسيدي يحيى بالعاصمة، وهو أول معهد أنشئ في إطار التكوين المهني قبل 25 سنة، وتعاقد أيضا في إطار شراكة دولية مع الاتحاد الأوروبي وأخرى بين الخارجية الجزائريةوكندا مع جامعة كيباك الدولية وكان ينشط في التعليم العالي بموجب اتفاقيات التعاون، وهذه السنة أطلق الجامعة الخاصة للتسيير، اثنتان منها في ولاية تيزي وزو وواحدة بالعاصمة. وسألناه عن الأسعار والمشاكل التي تواجه هذا النوع من الجامعات في بداية إنشائها، فقال إن الجزائر آخر دولة منحت اعتماد الجامعات الخاصة حتى بعد كوريا وإثيوبيا وموريتانيا والمغرب وتونس، لكن هذا التأخير الكبير يجب ألا يكون مانعا للانفتاح الصحيح حول الجامعات الخاصة وجعلها متاحة لجميع أبناء الجزائر وليس حكرا فقط على أبناء الأثرياء الذين يدفعون دون تردد. هذه السنة الأولى التي حصلنا فيها على الاعتماد وبدأنا بتخصص التسيير و"بزنس إنجليزي" والإعلام وتقدمنا بطلب رسمي للحصول على شهادة "إيزو" لإعطاء مصداقية للجامعة وللشهادات، فمثلا شهادة ليسانس التي تمنح في الجزائر هي نفس شهادة ليسانس في أوروبا أو في أمريكا أو كندا. والجيد أن وزارة التعليم العالي فرضت علينا دفتر شروط محكما يلزم كل جامعة خاصة أن تعلم الوزارة بأي تفاوض أو اتفاق مع جامعات أجنبية والموافقة عليها، وذلك لتفادي ما وقعت فيه بعض البلدان التي أصبحت الشهادات تباع فيها ك "البطاطا". كما منعت المعاهد غير المعتمدة في إطار التعليم العالي التفاوض أو العمل مع أي جامعة أجنبية. وأضاف الدكتور لعميري، صاحب مؤلف "عشرية الفرصة الأخيرة"، للشروق العربي أن الجزائر في حاجة إلى 40 جامعة على الأقل خلال السنتين القادمتين مع فرض المراقبة الصارمة على نشاطها، لأن المرحلة السابقة عشنا فيها حالة من الفوضى وهناك شهادات لم تكن لها مصداقية من بعض المعاهد. وعن الأسعار، قال إن التكوين النوعي والتكلفة ترتفع لأن استقدام أستاذ من جامعة أجنبية يكلف الكثير، ونفس الشيء بالنسبة إلى الدارسة في الخارج فهناك جامعات تكون ب1000 دولار للسنة وأخرى ب10 آلاف دولار للسنة حسب شروط التكوين والتعليم العالي. فمثلا هناك معاهد تكلف الدراسة للسنة الواحدة ليسانس ما بين 25 إلى 30 مليونا، وجامعات أخرى تصل 60 مليونا للسنة، مثل الدراسة في المدرسة العليا للإدارة، وتعرف هذه المدرسة بارتفاع أسعار التكوين فيها حيث تصل تكاليف شهادة "ام بي أي" أي ماستر في إدارة الإعمال إلى 120 مليون فما فوق، أما الماستر فيتراوح من 60 مليونا إلى 200 مليون، حسب جودة التعليم، وقال مدير معهد التسيير العالي إن الأسعار تخضع لسياسة العرض والطلب. هل تعتمد الجزائر سياسة القروض للدراسة في الجامعات؟ طرحت مسألة القروض البنكية للدراسة الجامعية في سنة 2013 مع حكومة سلال وخلال لقاء الثلاثية من طرف الدكتور لعميرى، ومن المتوقع أن تعتمدها الجزائر في قانون المالية 2020، لأن الحل الوحيد لتمكين كل فئات الشعب الجزائري من تكوين نوعي هو القروض البنكية المعمول بها في كل بلدان العالم، ويتساءل الخبراء كيف لدولة أن تمنح قروضا لشراء السيارات ولا تمنح قروضا للتكوين الجامعي؟ فهناك طلبة لهم الرغبة في التكوين لكن تنقصهم الإمكانيات، لذا، فإن القروض تمكنهم من تحصيل جامعي نوعي ويقوم بتسديد القرض بنسبة 10 بالمائة شهريا بعد تخرجه وإنشاء مؤسسته الخاصة. جنرالات ووزراء ومسؤولون مروا من المعاهد الخاصة ونحن نبحث في تاريخ المعاهد الخاصة والشهادات الدولية التي راجت خلال ربع قرن من الزمن كان زبائنها رجال أعمال ومسؤولون وأبناء أثرياء وأصحاب مؤسسات خاصة، قال لنا مدير المعهد الدولي العالي للتسيير: "نحن فخورون جدا بأننا كونا خيرة من إطارات الدولة مروا من هنا، ضباط سامون ومسؤولون استوزروا مباشرة بعد التكوين في جميع الميادين، ونفتخر بأن الدفاع الوطني والدرك والأمن والجمارك ومؤسسات الدولة الحساسة تلقت توجيهات وتكوينا استراتيجيا من طرف المعهد، وسبق أن ساهم المعهد من خلال خلية مختصة بالدراسات للمؤسسات وتقديم الاستشارات الاستراتيجية في التنظيم والمالية والتسيير. شهادات للهجرة والبريستيج الكثير من الطلبة الذين التقينا بهم في الجامعات الخاصة تحدثوا عن نوعية الشهادات الجامعية التي يفكرون من خلالها في الهجرة بالدرجة الأولى، فإحدى السيدات التي التحقت بمعهد جامعي خاص تقول إن الهجرة إلى كندا مضمونة بشهادة "باشلور " أو ماستر، لذلك تسعى لإتمام دراستها في جامعة خاصة متعاقدة مع جامعة كندية. كذلك الكثير من أرباب الأعمال وأصحاب المؤسسات يسجلون بقوة في المعاهد لنيل شهادة "ام بي اي"، وهي شهادات مزدوجة الإمضاء من شركاء فرنسيين كالمدرسة العليا للتسيير بباريس والمدرسة العليا لهندسة الإعلام الآلي والمدرسة الفرنسية للاتصال والمعهد الوطني لتقنيات الاقتصاد والمحاسبة بفرنسا وجامعات كندية مثل جامعة كيباك في موريال وتشاربروك ومعهد لاسال. وهي شهادات معترف بها في جميع دول العالم وتعتبر مكسبا وبريستيج لكل من يحملها من الجزائريين.