عبرت الحكومة عن قلقلها الكبير من تصاعد مديونية المؤسسات العمومية ووصفتها بالمشكل الكبير الذي يعيق مسار تسيير وأداء الجهاز التنفيذي، خاصة وأن مؤسسات عمومية كبرى "استهلكت" أغلفة مالية ضخمة وصلت مستوى 1600 مليار دينار أي في حدود 16 مليار دولار لإحيائها دون نتيجة، في وقت لجأ مجلس مساهمات الدولة إلى وضع تدابير استعجاليه موازاة مع إنشاء آلية للمتابعة الشهرية لهذه الديون والعمل على تخفيضها، وإلزام الوزارات الوصية بالمتابعة الدورية، والتنسيق مع إدارة المجمعات والشركات "المتعثرة". استنفر مجلس مساهمات الدولة في آخر دورة له برئاسة الوزير الأول أحمد أويحيي، مجالس إدارة المؤسسات والشركات العمومية التي يهددها الإفلاس، وعبر المجلس صراحة عن قلق الحكومة حيال المديونية المتصاعدة لهذه المؤسسات، رغم الأموال الضخمة التي خصصتها لإنقاذ هذه المؤسسات وحمايتها من الإفلاس، وليبين المجلس مدى قلق الحكومة وامتعاضها من الوضعية المالية وسوء التسيير الذي انتهى بالمؤسسات إلى الوضعية المالية الحالية، أصدر مجلس مساهمات الدولة قرارا في 12 ديسمبر الماضي، أبرز من خلاله معضلة تنامي مستويات الديون العمومية وخاصة تلك الخاصة بالمؤسسات العمومية، رغم أن السلطات العمومية عمدت خلال الفترة الأخيرة إلى ضخ موارد مالية معتبرة قدرت بنحو 1600 مليار دينار، منها 400 مليار دينار تم تسريحها في أوت الماضي بقرار من الوزير الأول أحمد اويحيى. وكشفت التوصية رقم 01/166، بشأن ديون المؤسسات العمومية لمجلس مساهمات الدولة عن الوضعية المقلقة لحجم ديون المؤسسات العمومية، وقد اقر المجلس تدابير استعجاليه وشدد على ضرورة المتابعة الدورية للوزارات الوصية، مع التركيز على إدارة المجمعات والشركات، وإنشاء آلية للمتابعة الشهرية لهذه الديون وتخفيضها تحت إشراف الوزير المكلف بالقطاع. وتشير المعطيات بأن الديون المضمونة، لصالح المؤسسات العمومية الممولة من طرف البنوك، تبقى معتبرة وتقدر بنحو 23 في المائة من الناتج المحلي الخام نهاية السنة الماضية مقابل 21 في المائة نهاية 2017، رغم مبادرة الدولة بإعادة شرائها الديون التي تقع على عاتقها والتي بلغت ما بين 2009 و2016 أكثر من 1900 مليار دينار أي حوالي 16.03 مليار دولار، في وقت قدر صندوق النقد الدولي ديون المؤسسات العمومية بحوالي 54٪ من حجم الدين العمومي. ووفقا للتقديرات الإحصائية المقدمة من قبل الأفامي، فإن قيمة الناتج المحلي الخام الجزائري بلغت حوالي 156.1 مليار دولار عام 2016، وقدر الدين العمومي سنة 2015 ب8.8 في المائة من الناتج المحلي الخام، بينما بلغ 21 في المائة سنة 2016، وتذهب نفس التقديرات إلى احتمال بلوغه هذه السنة 18.3 في المائة. الوضعية المقلقة للمؤسسات العمومية والتي عبرت الحكومة عن عدم ارتياحها نهائيا حيالها كان قد اعترف الوزير الأول احمد اويحيى نهاية 2018 بخصوصها بارتفاع الدين الداخلي الذي قارب 40 في المائة من الناتج المحلي الخام مقابل 2.6 في المائة في سنة 2016، فيما اعتبر صندوق النقد الدولي أن ارتفاع الدين العمومي، ناتج عن عدم القدرة على تغطية العجز في الميزانية، خاصة مع نضوب صندوق ضبط الإيرادات ولجوء الدولة إلى إعادة شراء ديون المؤسسات العمومية، ومثلت ضمانات الدولة على قروض المؤسسات العمومية لدى البنوك العمومية نسبة 21 في المائة من الناتج المحلي الخام في سنة 2017 و23 في المائة نهاية العام الماضي.