لم يكن ياسين بوشلوح (4سنوات) الطفل الجزائري الوحيد المختطف كانوا أكثر من 40 صغيرا وصبية، كانت نهاية العديد منهم مأساوية لكن قضية ياسين تم تدويلها إعلاميا بشكل لافت إلى خارج الحدود، وتابع قضيته الجزائريون المقيمون في الخارج وأعلنوا تضامنهم وحتى استعدادهم لدفع الفدية للمختطفين، وتقول مصادر إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان يتابع مأساة عائلة بوشلوح وسارع لتعزيتها في مصابها بعد العثور عليه. وكان الرئيس قد تابع أيضا قضية الصغير أمين ضحية التفجيرات الإنتحارية ذات 11 أفريل بالعاصمة وتعهد بالتكفل به، وقد تكون تمهيدا للنظر في حماية أطفال الجزائر من الإستغلال والإعتداءات، لكن الأسئلة التي رافقت متابعي المأساة كانت حول الثغرات التي ميزت التحقيق في قضية الإختطاف. تعليمة تونسي تنص على وضع كلاب الشرطة تحت تصرف جميع مصالح الأمن...لكن؟ لاتزال ردود الأفعال حول قضية الطفل ياسين بوشلوح الذي عثر عليه مرميا داخل بئر غير بعيد عن الحي الذي يقيم فيه، ترد إلى قاعة تحرير "الشروق اليومي"، تكشف على صعيد آخر وقع الصدمة على كل من تابع تفاصيل هذه المأساة وكان يأمل في العثور على الصغير حيا أو على الأقل لم يتعذب ويتألم. قضية ياسين بوشلوح فتحت اليوم نقاشا واسعا حول سير التحقيقات الأمنية والإمكانيات المستعملة من طرف المحققين خاصة في قضايا الإختطاف التي تفاقمت بشكل مخيف في السنوات الأخيرة إستنادا إلى إحصائيات أجهزة الأمن التي نشرتها "الشروق اليومي" في وقت سابق وتكشف اتساع هذه الظاهرة في المجتمع، وحرصت أجهزة الأمن خلال عرض هذه الأرقام المخيفة على تفنيد وجود شبكة مختصة في التجارة بالأعضاء البشرية في الجزائر تكون وراء اختطاف الأطفال مع التأكيد من جهة أخرى على أن الهدف ممارسة الفعل المخل بالحياء على الصغير (ة). وقد يبدو ذلك أخطر على خلفية أنه يتم غالبا اللجوء إلى تصفية الطفل كونه يعرف الجاني، بعد أن يواجه العذاب النفسي والجسدي. ياسين ليس الطفل المختطف الوحيد الذي كانت نهايته مأساوية وبشعة، هناك العديد أبرزهم حبيبة من أولا فايت التي تم العثور على جثتها داخل حفرة ماء بورشة بناء لا تبعد إلا بأمتار عن مقر سكنها وكانت هي أيضا ضحية إختطاف متبوع باعتداء جنسي ثم القتل خنقا بتبانها الذي تم العثور عليه داخل فمها، وعثر عليها أهلها، لكن قضية الصغير ياسين فتحت النقاش حول سير التحقيقات الأمنية ومدى نجاعة الوسائل المستعملة خاصة وأن المديرية العامة للأمن الوطني على اعتبار أن الشرطة هي التي تكفلت بالتحقيق في قضية ياسين لموقع الحي في إقليم اختصاصها، تتوفر على فرقة أنياب متخصصة تتضمن كلابا مختصة في البحث البشري، مقرها بالوحدة الثانية لوحدات الأمن بالدارالبيضاء، والمحققون في القضية تابعون لأمن دائرة الدارالبيضاء. وسبق ل"الشروق اليومي" أن عاينت مدى ذكاء هذا النوع من الكلاب خلال إعداد ربورتاج حول الفرقة، وحققت الكلاب الجزائرية أعلى المراتب في دورات عالمية، وتم استعمال هذه الكلاب في البحث عن المجرمين الفارين ومهربي المخدرات من طرف مصالح أمن دائرة الدارالبيضاء التي سبق أن قامت بتحقيقات وأبحاث بواسطة الكلاب، كما تفيد المعلومات المتوفرة لدى "الشروق" أن تعليمة صادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني تنص على أن كلاب فرقة الأنياب التابعة للشرطة هي تحت تصرف جميع أجهزة الأمن من شرطة ودرك وجيش، وتتمتع كل مصلحة شرطة باستقلالية جلب كلب من الفرقة في تحقيقاتها، بدليل حسب المعلومات المتوفرة أن مصالح أمن دائرة الدارالبيضاء التي أشرفت على التحقيق في قضية ياسين، قامت مؤخرا بعملية تمشيط رفقة قوات الجيش باستعمال الكلاب، مايعني أن صلاحية استعمال الكلب المدرب في التحقيق تعود لرئيس المصلحة المكلفة بالتحري والبحث. المحققون لم يبحثوا جيدا في محيط الجريمة خاصة "البئر الملعون" ويسجل متتبعون للقضية ل"الشروق اليومي" عدة ثغرات في التحقيق في اختفاء الطفل ياسين، أبرزها أن المبادئ الأمنية الأولى في التحقيق في قضايا الإختطاف تنطلق من البحث في محيط الحي ويتم التركيز خاصة على الأحراش والآبار في مقاربة مع قضايا سابقة كشفت أن أغلب المختطفين يتم رميهم في الآبار أو الحفر العميقة ووسط الأحراش، وهو ما لم يتم مع ياسين، وإن نفى السكان علمهم بوجود بئر على بعد أمتار فقط من مكان إختفاء الصغير والعمارة التي يقيم بها، إلا أن حارس المزرعة كان على علم بذلك وصرح خلال التحقيق معه بعد العثور على الجثة أنه قام بتطهير المكان قبل أسبوع فقط لكن حسبما تسرب إلينا من تقرير الطبيب الشرعي فإن الوفاة داخل البئر تعود إلى أسابيع. والتساؤل الذي طرحه قراء "الشروق" على "الأولاين" هو لماذا لم يتفطن المحققون لذلك ولماذا لم يتم تفتيش المكان عدة مرات، بمرافقة أهل الطفل وكلب مختص، ولماذا لم يتم تجنيد المواطنين خاصة في ظل تضامن رفقاء يوسف والد الصغير الواسع واللافت، وهل كان يجب أن يتفطن منتخب في بلدية واد قريش التي يعمل بها يوسف، ويطلب خدمات صديقه عبد الرحمن صاحب الكلب "بيف" المختص في البحث عن الجثث وينتظر 20 يوما لتسوية الإجراءات وتؤطر الشرطة العملية التي كللت بالعثور على الطفل بعد50 يوما من اختفائه، في حين كانت الحظوظ أوفر في العثور عليه في وضع أحسن لو تم استعمال الكلاب مباشرة بعد اختفاء الصغير لأن البصمات تكون حية وجديدة وتحديد مكانه وتحركاته تكون أسرع وأنجع، كما أن الكوخ الذي يعد وكرا للسكارى والمدمنين على الكيف يقع مقابل عمارة آل بوشلوح، وسجلنا انتشار قارورات الجعة والخمر فارغة بمحيط هذا الكوخ المعزول الذي يقول سكان العمارات إنه ملجأ المدمنين على المخدرات والخمر و"هو مكان غير آمن"، حارس المزرعة صرح أنه لا يبيت في الكوخ بانتظام، وكانت رائحة الخمر تنبعث بقوة من الكوخ عند تنقلنا إليه عشية انتشال جثة الصغير ما يعني أن المدمنين مروا من هنا. وركز أفراد الشرطة العلمية عملهم في هذا الكوخ واستغرقوا وقتا حسبما لاحظنا في رفع البصمات وأخذ صور عن زوايا المكان الذي يكون قد نقل إليه ياسين خاصة وأن الكلب "بيف" حام مطولا حول هذا الكوخ ودخل مشيرا لمعلمه أن بصمات الطفل موجودة هنا، ما يعني أنه نقل إلى هذا المكان المشبوه مباشرة من مكان وجوده أسفل عمارته حسب خطوات الكلب استنادا إلى بصمات الصغير، وتم اليوم غلق هذا الكوخ بواسطة سلسلة حديدية ولم يسجل منذ العثور على الجثة تردد المدمنين على المكان ما يعني خوفهم من توقيفهم بعد الإشتباه في تورطهم أو رؤيتهم لمختطفي ياسين الذين نفذوا جريمتهم بكل برودة، ودون أن يشعروا بالخوف من ضبطهم متلبسين، والفرضية المرجحة أن الجريمة نفذت في الكوخ قبل رمي الجثة داخل البئر، ويكون الجاني أو الجناة يعرفون المنطقة جيدا وعلى علم بوجود بئر في الجوار، في حين يؤكد السكان الذين تم ترحيلهم من حي باب الواد بعد فيضانات10 نوفمبر إلى هذا الحي جهلهم ذلك وذهب سكان يقيمون في العمارات منذ 9 سنوات في نفس الإتجاه. وعلمت "الشروق اليومي"، أن مصالح أمن دائرة الدارالبيضاء قامت أول أمس السبت باعتماد كلب مختص في البحث البشري، في إطار التحقيق في قضية إجرامية، هل كان تداركا ل"التقصير" حسبما ورد في تعليقات قراء "الشروق اليومي"، في قضية ياسين أم...؟ اليوم تعقد خلية الإتصال بأمن ولاية الجزائر ندوة صحفية "وسيتم التطرق لقضية ياسين سطحيا"، حسبما تم إبلاغنا به، لكن التساؤلات ستبقى مطروحة خاصة وأن كلبا "خاصا" نجح في مهمة العثور عليه، صاحبه قام بالعمل متطوعا وقد تلجأ إليه العائلات التي يختفي أحد أفرادها مستقبلا طلبا لخدماته ما يطرح تساؤلات مجددا حول دور كلاب الشرطة حسب تعليقات العديد من القراء، ننشر بعضها وردت إلينا من كندا، بريطانيا، وفرنسا: نائلة. ب مواضيع مرتبطة: تفاصيل العثور على الطفل ياسين والتحقيق يقترب من الجناة فرضية الإختطاف تتأكد والطفل يعرف الجاني!