دعا خبراء الاقتصاد إلى ضرورة استرجاع عشرات الملايير التي استفاد منها رجال الأعمال عبر قروض بنكية، دون توفرهم على الضمانات القانونية اللازمة وعزوفهم عن استرجاع هذه الأموال، كما يطالب الخبراء بمحاسبة مسؤولي البنوك الموقعين على ملفات هذه القروض، والتي تم صبها في حسابات رجال الأعمال من مدخرات العائلات الجزائرية بالبنوك. يؤكد الخبير الاقتصادي اسماعيل لالماس في تصريح ل”الشروق” أن الوقت لم يفت بعد لاسترجاع الأموال التي استفاد منها رجال الأعمال على شكل قروض خلال السنوات الماضية، ولم تصب في حسابات البنوك لحد الساعة، لاسيما فيما يتعلق بأولئك المتابعين قضائيا بتهم الفساد، من خلال اللجوء إلى الحلول القضائية، وهذا إما عبر تأميم شركات هؤلاء المستثمرين أو بيعها أو الاستحواذ على جزء منها، لكن المشكل المطروح حسبه، هو أن العديد من هؤلاء المستفيدين ليست لديهم ضمانات كافية تغطي هذه القروض. ويضيف لالماس “في كل بقاع العالم يتم اللجوء إلى البنوك لتمويل المشاريع، إلا أن المشكل المطروح في الجزائر هو عدم اعتماد الضمانات اللازمة ودراسة جدوى المشاريع المستفيدة من القروض، وكذا الاعتماد على العلاقات ودوائر الحكم لرجال الأعمال للاستفادة من هذه القروض، وحماية أنفسها لدى السلطات”، مطالبا بفتح تحقيقات مع كافة الرؤساء المديرين العامين للبنوك المتورطين في منح قروض لرجال أعمال ليسوا مؤهلين لنيلها ولا يمتلكون الضمانات اللازمة ولا القدرة المالية لإرجاعها. وذهب لالماس أبعد من ذلك، مشددا على أن مئات رجال الأعمال في الجزائر استفادوا من الملايير من أموال البنوك دون وجه حق، وما يثبت عدم نيتهم في رد هذه الأموال هو حجم ممتلكات هؤلاء المستثمرين بالخارج، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر، ويثبت وجود تحويلات غير شرعية للخارج. بالمقابل، يرى الخبير المالي لدى البنك الدولي محمد حمدوش أن المشكل المطروح بالنسبة للبنوك في الجزائر، يبقى مرتبطا بالدرجة الأولى بالمؤسسات المالية المنضوية تحت لواء القطاع العام، والتي تخلط بين السياسة والاقتصاد، وتعتمد ربما معايير غير متطابقة في منح القروض لرجال الأعمال والمستثمرين، متسائلا “كيف لا نواجه مشكلة منح قروض دون ضمانات كافية لدى البنوك الخاصة والأجنبية ونجدها بالمقابل لدى البنوك العمومية”؟ وقال المتحدث في تصريح ل”الشروق” الأحد، أن الأموال التي تمنحها البنوك لرجال أعمال مهما اختلفت المشاريع والاستثمارات التي يبررون بها هذه القروض، هي في الأصل مدخرات المواطنين والعائلات النائمة في البنوك، حيث كان لابد من استرجاعها والاستفادة من فوائدها لمنح قروض أخرى، من شأنها إنعاش الاقتصاد الوطني، وهو الأمر الذي بقي محل غموض خلال الفترة الماضية، بالرغم من أنه عاد ليؤكد أنه لا وجود لحد الساعة لأرقام رسمية حول حجم الأموال التي خرجت من البنوك وصبت في جيوب رجال الأعمال ولا نسبة الاسترجاع على مستوى البنوك.