يجمع خبراء القانون والدستور على ضرورة رحيل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح بتاريخ 9 جويلية المقبل، رافضين أي فتوى دستورية أو اجتهاد يمدد فترة بقائه، مؤكدين أن ذلك يتنافى والدستور القائم على قرارات وليس اجتهادات، ويتنافى أيضا وإرادة الشعب الذي يطالب برحيل كافة رموز النظام، والاستعانة بشخصيات توافقية لقيادة المرحلة المقبلة، والخروج من حالة الانسداد، رغم تأكيدهم أن بن صالح مقابل ذلك، أبان في خطابه أمسية الخميس عن “حسن النية”. بن عبو: الحوار هو الحل الوحيد لتجاوز حالة الانسداد تعتبر الخبيرة الدستورية فتيحة بن عبو، أن مهام بن صالح تنتهي بتاريخ 9 جويلية 2019، حيث من المفروض أن يغادر هذا الأخير مبنى الرئاسة بداية من ذلك اليوم، أي بعد انقضاء مهلة 90 يوما كرئيس للدولة، مشددة على أن وضعه اليوم لا يرتكز على الشرعية الدستورية على قدر ما هو اجتهاد وفتوى من المجلس الدستوري، إلا أنها وصفت الحوار الذي دعا إليه في خطابه الأخير، بالضروري والمخرج الوحيد من الأزمة. وأوضحت بن عبو في تصريح ل”الشروق”، أن الحوار حل ضروري للخروج من الأزمة ووسيلة حضارية، مضيفة “حتى في حالات الحروب، لابد من فتح أبواب الحوار، بوصفه حل منطقي، لتجاوز الانسدادات”. وقالت الخبيرة الدستورية، أن الحل الوحيد لتنظيم انتخابات نزيهة هو التعجيل في استحداث هيئة مستقلة لمراقبة وتنظيم الانتخابات، وهذا دون المرور عبر القانون العضوي، الذي سيجعل من تمريره على المجلس الدستوري ضرورة ملحة، ما يتنافى مع المادة 194 من الدستور، وإنما عبر الاستعانة بشخصيات وطنية وأخرى من المجتمع المدني غير مرتبطين بأي حزب، بطريقة توافقية لتكون في هذه الهيئة، مع الاستفادة من التجربة التونسية وحتى البينينية في هذا المجال، فدول إفريقية حسبها اعتمدت هذه الطريقة منذ عقود من الزمن، ونجحت فيها. وشددت بن عبو على أنه في هذه الحالة فقط قد تنجح الانتخابات، حيث تتكفل اللجنة أو الهيئة المستقلة بضمان الرقابة القبلية والبعدية، وذلك منذ إعداد القوائم إلى غاية صدور النتائج، دون تدخل أي جهة، حتى وزارة الداخلية والجماعات المحلية، حيث أن اللجوء إلى التوافق السياسي في الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات سيعطي مشروعية سياسية لهذه الهيئة وليس شرعية دستورية، وهذا ممكن في الوضع الذي تعيشه الجزائر اليوم. خبابة: المجلس الدستوري ليس مخولا للإفتاء ببقاء بن صالح من جهته، المحامي والخبير الدستوري عمر خبابة، أكد أن خطاب رئيس الدولة عبد القادر بن صالح أمس الأول، والذي يتشبث من خلاله بمنصبه بناء على فتوى المجلس الدستوري، وبالرغم من أنه أبدى في هذا الخطاب، حسن النية، إلا أن الشعب يريد إجراءات ملموسة، فهذا الأخير ملّ من الوعود والنوايا الحسنة. وقال خبابة في تصريح ل”الشروق” أن الجزائريين كانوا صرحاء في مطالبهم بذهاب رموز السلطة، وتولي رئاسة الهيئة المستقلة للانتخابات شخصيات توافقية اختارها الشعب والإعلان عن أسماء جديدة، للإشراف على إصلاحات النظام الرئاسي، وفصّل المتحدث بشكل أكبر قائلا: “من الناحية الدستورية يجب أن يرحل بن صالح، فمهام هذا الأخير تنتهي يوم 9 جويلية المقبل، وحتى المجلس الدستوري ليس مؤهلا لإصدار فتوى أو اجتهادات بهذا الشكل”، مشددا على أن ما قام به المجلس الدستوري ليس قرارا، وإنما مجرد قياس، والقرارين الوحيدين اللذين اتخذهما المجلس، يتعلقان برفض ملفات المترشحين، وأيضا تأجيل الانتخابات، أما بخصوص بقاء بن صالح في منصبه بعد انقضاء 90 يوما، فقد اعتمد المجلس طابع القياس، وفي مثل هكذا أمور كان لابد من إصدار قرارات وأحكام. وذهب الحقوقي عمر خبابة أبعد من ذلك، مؤكدا أن المجلس الدستوري ليس مخولا لإصدار فتوى لإبقاء بن صالح، لأن ذلك سيسمح بتحقيق رغبة النظام في استحداث مرحلة انتقالية، تشرف عليها نفس الوجوه، وهو نفس ما طالب به بوتفليقة في 11 مارس ورفضه الشعب أنذاك، حينما تحدث عن مرحلة انتقالية وتأجيل الانتخابات.