انطلقت بداية هذا الأسبوع أشغال الملتقى الدولي حول "الهجرة والغربة" أنثروبولوجية الغياب" تكريما للباحث الجزائري عبد المالك صياد بحضور 28 باحثا في علوم الاجتماع من داخل الوطن وخارجه، سيناقشون طيلة ثلاثة أيام هذه القضية في المغرب العربي والعالم العربي وإفريقيا عموما. وفي هذا الحوار يتحدث الدكتور كمال شاشوة، المنسق العلمي للملتقى ومترجم كتاب صياد الشهير "la double absence" عن هذا الباحث في ظاهرة الهجرة الجزائريةبفرنسا والعلاقة الخاصة التي جمعتهما. ارتأى المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ تنظيم هذا الملتقى تكريما للباحث الجزائري عبد المالك صياد، فما سبب اختيار هذه الشخصية بالذات؟ كمال شاشوة: عبد المالك صياد هو أحد علماء الاجتماع الذين اهتموا بظاهرة الهجرة والغربة الجزائرية في فرنسا، ويمكننا القول بأنه مثال يضرب في الدراسة العلمية لهذه الظاهرة ومرجع وباحث اجتماعي لا مناص من الرجوع إليه بالنسبة إلى كل دارس مهتم بالمجتمعات التي تقطن ضفتي البحر المتوسط، لأنه كان مهاجرا وعايش هذه التجربة وعالجها من منظور علمي مغاير وجديد، وذلك باعتراف الأجانب أنفسهم" إنه أحسن من بحث في الهجرة. هل لك أن تعطينا نبذة عن حياة عبد المالك صياد؟ كمال شاشوة: وُلد عام 1933 في القبائل الصغرى وتوفي عام 1998، لذلك فإنه يمثّل جيلا مخضرما عايش فترتي الاستعمار والاستقلال وما صاحبهما من تغيرات اجتماعية وسياسية واقتصادية. درس المرحلة الثانوية في بجاية قبل أن ينتقل إلى مدرسة المعلمين في بوزريعة ويشتغل معلما في إحدى مدارس القصبة الابتدائية، ثم التحق بجامعة الجزائر حيث التقى بالعالم الفرنسي بيير بورديو. سافر إلى فرنسا عام 1963 وتخصص في العلوم الاجتماعية حتى عُين مديرا للأبحاث الاجتماعية في المركز الوطني للأبحاث العلمية الفرنسي. استند إلى تجاربه الخاصة كمستَعمر جزائر ومغترب لتحليل الجسد والشيخوخة والمرض وموت المغترب، وهو ما جعله في الآن ذاته أكثر الباحثين الاجتماعيين فردية وذاتية وأكثرهم تنشأة وموضوعية **. يبدو من كلامك عنه تأثر الكبير به، فما هي طبيعة العلاقة التي تربطكما ؟ كمال شاشوة: لا يمكن أن أصف علاقتي به، فهو زميل وصديق وأخ وأب ومثال أقتدي به، التقيته أول مرة في فرنسا في عام 1988 عندما سافرت هناك لأكمل دراساتي العليا، وكان طيلة 10 سنوات من الاحتكاك عونا لي على المستوى الإنساني والعلمي، نوّر فكري وغيّر طريقة نظرتي للأشياء. علمنا أنك بصدد ترجمة أحد كتبه الشهيرة "la double absence"، فكيف وجدت هذا الكتاب شكلا ومضمونا، وهل كانت ترجمته سهلة ؟ كمال شاشوة: كانت الترجمة سهلة وصعبة في الآن نفسه، سهولتها تكمن في أنني درست فكره من كل النواحي، ثم إن الكتاب عبارة عن لقاءات وحوارات من السهل ترجمتها. أما صعوبتها فتكمن في الكتابة الاجتماعية التي لها قوانينها الخاصة والتي تختلف عن الكتابة الأدبية الوصفية مثلا. حاورته/ إيمان بن محمد:[email protected]