أوصى المشاركون في الملتقى المغاربي للمذهب المالكي الذي اختتمت أشغاله أول أمس، بعين الدفلى، بضرورة استحداث في المستقبل القريب جائزة وطنية تمنح لأحسن البحوث الفقهية في المذهبين المالكي والإباضي. وذكر الأستاذ يحيى بوتريدين بأن الجائزة الوطنية المزمع استحداثها تهدف إلى بعث روح التنافس والبحث العلمي الموضوعي لدى الأساتذة والباحثين ومشايخ الزوايا لنفض الغبار عن تراث كبير وعظيم تركه علماء المذهبين المالكي والإباضي بالجزائر من كتب ومدونات ومخطوطات نادرة. وأضاف المتحدث بأن الجائزة سوف تساهم في إحداث تقارب وحوار جاد بين مختلف المدارس الفقهية لاسيما بين المذهبين الهامين على المستوى الوطني، بالإضافة إلى تنوير الرأي العام بالمجهودات الجبارة التي قام بها هؤلاء الأعلام لإعلاء شأن بلادهم والحفاظ على الوحدة الوطنية خلال العصور الاستعمارية المظلمة المتعاقبة حتى اليوم. كما أوصى المشاركون في هذا الملتقى الذي ناقش على مدار ثلاثة أيام العديد من المحاور ذات صلة بدور المدرسة المالكية الجزائرية وحملها للواء المذهب المالكي في بلدان المغرب العربي ومدارسها الفرعية في تنوير المجتمع بالمبادئ الإسلامية السمحة بروح علمية وموضوعية إلى ضرورة التعريف بهذه المدارس على مستوى جميع الحواضر العلمية وفقهائها إحياء للتراث العلمي والتحقيق الموضوعي في المدونات والمخطوطات التي تركها هؤلاء العلماء على مر القرون. وتوجه المشاركون بتحيات الفخر والاعتزاز والعرفان لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي "أولى اهتماما كبيرا" لبعث التراث التاريخي والعلمي والديني من خلال فتح كل المجالات وتوفير كل الظروف للعلماء والأساتذة والباحثين عبر هذه الملتقيات لتثمين والحفاظ على هذا التراث الكبير. من جانبه اعتبر الأمين العام لوزارة الشؤون الدينية السيد علي حمي خلال الكلمة الاختتامية بأن ملتقى المذهب المالكي سوف يتحول في المستقبل إلى ملتقى دولي يدعى له علماء ومفكرون من العالم الإسلامي والدولي لإثراء هذه المدرسة الفقهية العريقة، معتبرا أن الطبعة الخامسة للملتقى والتي تمحورت حول المدرسة الجزائرية حققت أهدافها العلمية المرجوة منها وساهمت في إثراء واقعنا الحضاري بمختلف متطلباته. وأبرز في هذا الإطار بأن رئيس الجمهورية " يولي اهتماما كبيرا بمثل هذه الملتقيات والمؤتمرات الفكرية ويسعى جاهدا إلى تطويرها وتعميم الاستفادة منها"، كما أنه يولي عناية خاصة بالقرآن وأهله بغية ربط وإحكام صلة المجتمع والأمة بماضيها المجيد. من جهة اخرى تم التأكيد على أن مدرسة بجاية تبقى من أبرز المدارس الفقهية الجزائرية التي كانت مصدر إشعاع وتطور العلوم الفقهية والشرعية للمذهب المالكي في الجزائر وعبر كامل بلدان المغرب العربي. وأوضحت الدكتورة حفيظة بلميهوب أستاذة في كلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر في مداخلتها خلال اليوم الأخير من الملتقى الخامس للمذهب المالكي أن هذا المذهب حل بالمنطقة المغاربية والأندلس ابتداء من عام 150 الهجري ليحل محل المذهب الحنبلي ليلقى قبولا حسنا وانتشارا واسعا انطلاقا من هذه الولاية. وحسب المحاضرة فقد تخرج من مدرسة بجاية المالكية علماء كبار خدموا مختلف العلوم والفنون وعلى وجه الخصوص المذهب المالكي، وذكرت من بينهم ابن الآبار والمسيلي وميمون القلعي وعبد الحق الاشبيلي وناصر الدين المشدالي. وأضافت الدكتورة بأن المذهب المالكي بالمدينة أصبح مذهبا رسميا وتحول مع مرور الزمن إلى منهج تربوي أسهم في تكوين ميزات وخصائص الشخصية الجزائرية بصفة خاصة والمغربية بصفة عامة.