تنطلق اليوم بالمركب الثقافي "العادي فليسي"، فعاليات الملتقى الدولي حول "الانثروبولوجيا الإفريقية "، الذي ينظمه المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ، في إطار المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني بالجزائر، وذلك بحضور 62 انثربولوجيا من 24 بلدا إفريقيا. الملتقى سيكون فرصة للخبراء الأفارقة من اجل الحديث عن مجتمعاتهم، بعد أن تعودت منذ أن كانت تحت وطأة الاستعمار، أن تُدرس من طرف الآخر، لا سيما الأوربي، الذي ظل ينظر إلى شعوب القارات الأربع، على أنها شعوب بدائية لم تتطور وبالتالي هي خارج التاريخ، وهو ما يسمح في اعتقادهم بتصوير الحالة الأولى التي كانت عليها البشرية لتتحول إفريقيا بذلك إلى حقل التجارب المفضل للأثنوغرافين الاوربيين، خاصة وأن الجغرافيا والظروف السياسية وفرت لهم الجو الملائم لذلك. وكان لابد من انتظار زوال الاستعمار، لانبثاق نخب ثقافية في القارة السمراء قادرة على إثارة تأمل حول ثقافتها الخاصة، ومن أهمهم الشيخ أنطا ديوب وهامباتي با، جومو كنياتا، احمدوا همياتي با ومولود معمري، الذين يسعى الملتقى إلى تكريمهم، اعترافا بجهودهم وباعتبارهم عمداء الانثربولوجيا في القارة وأول من واهتموا بماضي مجتمعاتهم وحاضرها، فحفروا عميقا في الجذور وساهموا في تجريد النظرية المركزية الأوربية مما كانت تحظى به من سيادة ثقافية، ليكشفوا أن التعبيرات الثقافية المتعددة في إفريقيا هي أقدم من النموذج الحضاري الوارد من أوربا. ومن الأهداف الأساسية لهذا الملتقى، الذي يعد الثالث من نوعه الذي يعقد بالجزائر، بعد الندوة التي عقدت في إطار الطبعة الأولى للمهرجان الإفريقي التي جمعت الانثروبولوجين الأفارقة عام 1969، وكذا المؤتمر الدولي الرابع والعشرين لعلم الاجتماع الذي عقد في مارس 197، السماح للأنثروبولوجيين الأفارقة بتبادل التجارب والشروع في تفكير موسع حول حالة الانثروبولوجيا في إفريقيا وما تعد به، ودراسة إمكانيات التعاون الثقافي والعلمي بين الانثروبولوجيين من مختلف الدول الإفريقية. وعلى هذا الأساس، سيقترح الملتقى إمكانية تنظيم مؤتمر سنوي للانثروبولوجيين الأفارقة ينعقد بالتداول بين الدول الإفريقية، وكذا تأسيس منشأة افريقية للبحث منفتحة ومتعددة يتعامل معها انثروبولوجيو القارة، وكذا اقتراح وسائط موجهة لإنعاش البحث الانثروبولوجي، وعلى الخصوص مجلة افريقية للانثروبولوجيا يكون لها صدى قاري. وستنطلق فعاليات الملتقى، الذي ستحتضنه قاعة المركب الثقافي "العادي فليسي" ابتداء من التاسعة صباحا، بتقديم أوراق حول الشخصيات الأربع المكرمة، لتنطلق أشغال الملتقى الذي يناقش أربعة محاور أساسية تتناول "الثقافة غير المادية في إفريقيا"، "تطور الهياكل الاجتماعية والسياسية في هذا المجال"، "الهوية وتطورها في المجتمعات الافريقية" ،" الابستيمولوجيا والمنهجية المستعملة في هذه الدراسات"، حيث سيشهد اليوم الأول فتح النقاش حول "الثقافة غير المادية في إفريقيا" يتم خلاله التطرق إلى "الخطاب الأدبي الإفريقي"، "الجدور البربرية للطوارق"، "اللائكية في الكونغو"، وكذا "مخطوطات غير منشورة في النيجر عن الانثروبولوجيا والتاريخ "، "الجهود الرائدة لأحمد بن شنب في دراسة التقاليد الشعبية الجزائرية"، وكذا "الثقافات الشعبية في منطقة المغرب الإفريقي"، "إدماج التقاليد واللغة الفرنسية في تكوين النخبة"، و"ثقافة التقاليد الشفهية وضع المجتمع "، إلى جانب الحديث عن "تجربة جمع موسيقى الأهقار في 2008". أما اليوم الثاني فسيعرف حديثا عن الهوية والتطور من خلال عشر مداخلات مرتقبة تتناول العلاقة بين "الهوية الوطنية والهوية الثقافية"، وما قدمته الانثروبولوجيا البيولوجية في البحوث التاريخية الإفريقية"، إلى جانب الحديث عن "فكر ليوبولد سيدار سنغور وجومو كنياتا"، و"رمزية وتاريخ رقصة الأقنعة في خليج غينيا"، كما ستقدم مداخلة حول "قضية الهوية في المغرب العربي بين العربية، البربرية والافريقية". اليوم الثالث من الملتقى سيخوض في "تطور الهياكل الاجتماعية والسياسية في مجال البحوث الانثروبولوجية"، وكذا "المنهجية والابستيمولوجيا " عبر مجموعة من المحاضرات التي ستتناول "انثروبولوجية التحرر وتحرر الانثروبولوجيا "، و"العودة إلى خطاب بيار بورديو ومولود معمري بين 1978و1985 " تحت عنوان "رجلين ومرحلتين من الانثروبولوجيا في الجزائر"، كما سيتم مناقشة "منهجية البحث حول موضوع العبودية في إفريقيا"، "الجدل الإفريقي حول نهاية الانثروبولوجيا"، "البحوث الانثروبولوجية في جمهورية الكونغو"، واشكاليات مشروع بحث مشترك أفرو-أوربي حول الانثروبولوجية القانونية في غينيا" ،" مشاكل الانثروبولوجيا والابستيمولوجيا"، و"الاطالس الفولكلورية كصيغة منهجية لتتبع انتشار العناصر الثقافية "، وكذا حديث عن "الانثروبولوجي الجزائري محفوظ بنون"، إلى جانب "إشكالية التمويل في بحوث علوم الاجتماع في إفريقيا الغربية المالي نموذج "... ويختتم الملتقى بفتح النقاش حول الانثروبولوجيا الإفريقية،، الآليات المنهجية. ومن بين الأساتذة المشاركين في هذا الملتقى نذكر: حميت عبد الهادي من جامعة النيجر، حمادو اداما وميشال تاكوتاسوا من الكاميرون، كوجو اوبوكو ايدو من جامعة غانا، عبد الرحمان ايوب من تونس، ديدا بادي، حميد بورايو من الجزائر، شاشوا كمال من جامعة بروفنس، اميل موسيلي باتاماك من فرنسا، فوزية بلهاشمي، جون ايمي ديباكا من جامعة باريس 8، دونيس دويون من جامعة باماكو، ألان فرومون من متحف الإنسان بفرنسا، روش ياو قنابلي من جامعة ابيجان، عبد الحميد حواس مستشار ابحاث الثقافة الشعبية بالقاهرة، محمد محمدن امين جامعة نواقشوط، جون بير ميسي من جامعة الكونغو، محمد سعيد محمد جامعة ليبيا، ناكازيباو فيني من اوغاندا، جون بيرنار اويدراوقو من جامعة بوركينافاسو، اوينق ناموا اونقاتوا من التشاد والبروفيسور عبدولي نينق من جامعة سان لويس... وغيرهم من الأساتذة الباحثين.