قدمت كأس الأمم الإفريقية، التي لن تستخدم فيها تكنولوجيا حكم الفيديو المساعد إلا اعتبارا من الدور ربع النهائي، رحلة إلى تحكيم الماضي إذ تم السماح ببعض التدخلات العنيفة بالإضافة إلى غياب ركلات الجزاء المثيرة للجدل بسبب لمس الكرة باليد، وأدى غياب حكم الفيديو المساعد إلى أسلوب من التحكيم يختلف كثيرًا عن دوري أبطال أوروبا ودوري الأمم الأوروبية وكأس العالم للسيدات. وعلى النقيض من هذه البطولات، قد يؤدي مجرد احتكاك بسيط أو لمسة يد تبدو غير مؤثرة إلى احتساب ركلة جزاء حاسمة، إذ أعطى الحكام مدافعي “الكان” مساحة إضافية وتعاملوا مع محاولات التمثيل بازدراء. تدخلات مسموحة وتجنب الحكام في أغلب الوقت احتساب ركلات جزاء ربما كانت تحتسب في أجزاء أخرى من العالم، مثلما اكتشف ويلفريد زاها في فوز ساحل العاج (4-1) على ناميبيا، وسقط اللاعب الذي يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز أرضًا بعد تدخل من لاري هورايب، وحاول الاستفادة لأقصى درجة، لكن الحكم الكيني بيتر واويرو لم يتأثر وأشار باستمرار اللعب. وعلى نحو مماثل، حُرم ساديو ماني مهاجم السنغال من ركلة جزاء عندما سقط بعد تدخل من اثنين من مدافعي الجزائر، وهو قرار كان من شبه المؤكد أن يكون في صالحه إذا كان يلعب مع ليفربول في الدوري الإنجليزي الممتاز أو دوري أبطال أوروبا، واحتسبت 8 ركلات جزاء فقط في 36 مباراة بدور المجموعات، وكانت جميعها بسبب مخالفات واضحة ولم تحتسب أي ركلة جزاء نتيجة لمسة يد. صرامة الحكام وكان هناك غياب عام للسلوك المسرحي من اللاعبين الذين تجنبوا إلى حد كبير السقوط أرضًا بسبب احتكاكات بسيطة، وبعيدًا عن بعض الاستثناءات، خلت البطولة لحسن الحظ مما يطلق عليه “الالتفاف” حول الحكام، حيث يحاول اللاعبون إخافة الحكم عن طريق الإحاطة به والصراخ في وجهه، لكن أحد الأعراض الجانبية كان ارتفاع عدد المخالفات بشكل كبير للغاية في ظل استخدام الحكام للإنذارات أمام حالات التدخلات بالغة العنف فقط. وكان بوسع الفرق استخدام ما يطلق عليه مخالفات خططية في وسط الملعب لعرقلة إيقاع لعب المنافس ومنعه من تبادل التمريرات. أرقام شاهدة وارتكبت الجزائر، التي تصدرت مجموعتها بدون استقبال أي هدف، 28 مخالفة في فوزها (1-0) على السنغال، لكن لاعبيها لم يحصلوا سوى على إنذارين، وتلقى لاعبو السنغال إنذارين أيضًا رغم ارتكاب 18 مخالفة، وشهد تعادل الكاميرون بدون أهداف مع غانا 28 مخالفة لكن بطاقة صفراء واحدة، كما شهد فوز غانا (2-0) على غينيا بيساو 44 مخالفة مثل انتصار المغرب (1-0) على ساحل العاج، بينهم 27 من المغرب، لكن لاعبيه تلقوا إنذارين فقط. قرارات غريبة كانت هناك قرارات غريبة مثل طرد مدافع غانا جون بوي أمام بنين، وهو واحد من 3 حالات طرد فقط خلال دور المجموعات، وتقدم بوي، الذي كان يحمل إنذارًا بالفعل، لتنفيذ ركلة حرة في نصف ملعب فريقه، ثم تحرك ليسمح للحارس ريتشارد أوفوري بتنفيذها ليحصل على بطاقة صفراء ثانية من الحكم التونسي يوسف السرايري. ومع ذلك، لم يكن هناك تقريبًا أي مقابلة بعد مباراة أو مؤتمر صحفي كان فيها التحكيم الموضوع الأساسي وسيكون من المثير رؤية ما سيحدث عندما يبدأ العمل بنظام حكم الفيديو المساعد خاصة في ظل التجارب السيئة للاتحاد الإفريقي لكرة القدم في الفترة الأخيرة مع التكنولوجيا الجديدة. ترقب ظهور الفار ففي إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا الشهر الماضي، رفض الوداد المغربي مواصلة اللعب أمام الترجي التونسي بعد إلغاء هدف له وانسحب من المباراة بسبب عدم استشارة حكم الفيديو المساعد، وتم إعلان الترجي بطلًا على الفور لكن الاتحاد الأفريقي تراجع لاحقا وأمر بإعادة المباراة. وفي الوقت الحالي، يبدو المشاركون سعداء بما حصلوا عليه، وقال كلارنس سيدورف مدرب الكاميرون بعد مباراة غانا “عندما نأتي إلى أجزاء مختلفة من العالم، فهذا بالتحديد ما نحبه، التنوع وعدم توقع الشيء نفسه في كل بلد”.