يحتضن رياض الفتح هذه الأيام فعاليات الصالون الوطني للتوجيه المدرسي الذي يهدف إلى تمكين التلاميذ والأولياء بصفة خاصة والجمهور بصفة عامة من الاطلاع على كل ما يخص التوجيه المدرسي والمهني ومختلف المسالك الدراسية والمهنية المتاحة، أو بمعنى أصح إشراك التلاميذ في رسم مشروعهم الشخصي المستقبلي. وعرف الصالون الذي بادرت به وزارة التربية مشاركة كل من قطاع التكوين والتعليم المهنيين ووزارة التعليم العالي، إضافة الى وزارة الدفاع الوطني ووزارة الداخلية. قسم الصالون إلى عشرين جناحا تضمنت عناوين مختلفة ومثلت كل القطاعات المشاركة، ومنها جناح الإصلاح التربوي والذي يقدم معلومات حول ما جاءت به المنظومة التربوية من إصلاحات بما في ذلك الكشف عن المسالك والمناهج والوسائل التعليمية المتاحة، وجناح آخر حول التوجيه إلى ما بعد التعليم الإلزامي، وعن هذا الجناح تقول السيدة أوديع مديرة فرعية للتوجيه تابعة لوزارة التربية "الغرض من هذا الجناح هو تعريف التلاميذ والأولياء بمختلف المسارات التعليمية والتكوينية المتاحة ما بعد السنة الرابعة متوسط، حيث يصبح التعليم غير إلزامي بعدما يبلغ التلميذ سن 16 سنة، ويتم خلال هذه الفترة توجيهه حسب اختياراته وقدراته الشخصية من خلال مرافقته في بناء مشروعه الشخصي الذي يندرج ضمن العمل الإعلامي الذي نقوم به في المؤسسات التربوية، ولأن الأولياء معنيون بهذا التوجيه المدرسي فإن فكرة الأبواب المفتوحة على التوجيه التي تمت على مستوى كل تراب الوطن فرصة من أجل تقريب وتبسيط المعلومة من كل زوار المعرض سواء أكانوا أولياء أوتلاميذ أومعلمين". وخصص جناح آخر للتعليم الثانوي العام والتكنولوجي، حيث كشفت مديرة مركز التوجيه بالحراش ل"المساء"، أن هذا القسم يستهدف التعريف بالتعليم الثانوي ومختلف إجراءات القبول والتوجيه إلى السنة الأولى والثانية ثانوي، والعمل على تحسيس المتمدرسين وغيرهم من الوافدين على المعرض بما يتضمنه التعليم في الطور الثانوي من خلال إبراز الجذوع التي يمكن انتهاجها، والشعب المتفرعة منه. "وهو عمل نقوم به في المؤسسات التربوية على مدار السنة تحت اشراف مستشارين يتولون عملية التوجيه" وحول هذا الموضوع تقول مستشارة الإرشاد والتوجيه بثانوية احمد توفيق المدني بالمحمدية "دورنا يتمحور حول إعلام التلاميذ بالشعب الموجودة ومخارجها والعمل على تقديم يد العون لهم ليحسنوا الاختيار. وإلى جانب الإعلام هناك متابعة للنتائج المدرسية، ومتابعة نفسية لمعرفة أسباب الفشل في الوسط المدرسي والصعوبات التي يواجهها التلميذ". من جهة أخرى تشير المتحدثة إلى أن أهم الصعوبات التي يواجهها المستشار عند أداء عمله هي تشدد بعض الأولياء عند اختيار شعبة معينة لأبنائهم، رغم أن طموح أبنائهم أونتائجهم المدرسية لا تؤهلهم لذلك لأن الأولياء سبق لهم وأن اختاروا مشروعا معينا دون إشراكهم بالرأي كأن يرغب الأب في أن يتبع ابنه شعبة العلوم الطبيعة من اجل أن يكون طبيبا بالمستقبل رغم أن التلميذ لديه ميولات واهتمامات أدبية.
أجنحة خاصة بالتعليم الخاص وأخرى بالتوجيه ما بعد البكالوريا عرف جناحا التعليم الخاص والتوجيه ما بعد البكالوريا إقبالا متميزا من طرف زوار الصالون، فرغم أن التعليم الخاص تم العمل به منذ 2005 ويتناول كل الأطوار التعليمة إذ يوجد ب 15 ولاية 142 مؤسسة تربوية أنجزت بعد تعديل الامرية 76 المتعلقة بقانون التربية والتي سمحت للخواص بفتح مؤسسات خاصة، إلا أنه غير معروف عند جميع الناس حيث أظهر الزوار اهتماما بالطريقة التي تقدم بها الدروس والحجم الساعي، إلى جانب التكاليف. إلا أن ما ينبغي أن يترسخ بالأذهان حسب ممثل الجناح "أن الفرق الوحيد بين التعليم بالقطاع العام والقطاع الخاص هو المال، فمن يرغب في الالتحاق بالمدارس الخاصة ما عليه إلا أن يدفع مقابل التعليم، أما ما يتعلق بالتوجيه يقول الهدف من الأبواب المفتوحة يتمثل في إعلام المهتمين حول الطريقة التي يتم الاعتماد عليها في توجيه التلاميذ بالقطاع الخاص حيث ننطلق من قاعدة "الملمح " والتي نقصد بها أن ملامح التلميذ من خلال متابعة كافة أطواره الدراسية الأولى والاطلاع على نتائجه يظهر لنا ما يناسبه من توجه أدبي أو علمي، بعدها يأتي الطور الثانوي حيث يتم مساعدة التلميذ بإشراك وليه في توجيهه نحوالشعبة التي تتناسب وميولا ته وقدراته، فمستقبل التلميذ الناجح يبدأ بالتوجيه السليم. كما يبدي المتحدث ملاحظة مهمة حيث يقول "نلاحظ على أرض الواقع أن العقلية الجزائرية التي تقيد اختيار التلميذ بناء على ما يحبه والده حتى ولو لم تتناسب وقدرات ابنه بدأت تتلاشى بفعل العمل الإعلامي الذي يهدف إلى إبراز أهمية التوجيه في التعليم وحتى التكوين". وغير بعيد عن هذا الجناح حظيت المدرسة الوطنية العليا للإعلام الآلي التي كانت تمثل جناح ما بعد البكالوريا باهتمام شريحة معينة من الوافدين على الصالون، وذلك للتعرف على الطريقة التي يتم من خلالها الاستغلال الناجح لبطاقة الرغبات والكيفية السليمة لاستغلال دليل الطالب حيث يشرح ل"المساء" ممثل عن الجناح ما ينبغي على الطالب والتلميذ معرفته قبل الشروع في عملية التسجيل الأولي، لما في ذلك من أهمية فيقول: "لا بد على الطالب أن يراعي عند الدخول للموقع من أجل التسجيل أن يكون على اطلاع بكل ما يحتويه الدليل مع التقيد بالعلامة، بحيث يختار وفقا لما لديه من مؤهلات ليصل في آخر المطاف إلى ترتيب رغباته وفقا للأولوية التي توفرها له نقاطه المحصل عليها". وعن مشاركتهم بالمعرض يضيف أن وزارة التربية رغبت في أن نصحح بعض المفاهيم الخاطئة والتي تثير العديد من المشاكل عند ظهور نتائج التوجيه بعد التسجيل للالتحاق بجامعة معينة، إذ أن ما يهمله الطلبة عند اختيار الرغبات هو الاستهانة عند ترتيب التخصصات، فيولي أهمية للأولى والثانية، ويهمل العشرة الباقية متناسيا، أنه إذا اختار عشرة فهي كلها ملزمة له، لإن إحصائيات السنة الماضية أثبتت أن 60 بالمئة من الطلبة تم توجيههم بين الاختيار الثالث والرابع الذي لم يعطوه أهمية، ناهيك عن أن نتائجهم لا تتماشى وطموحهم، هذا من جهة، ومن ناحية أخرى لابد من الإشارة أيضا إلى أن لعدد المقاعد البيداغوجية أهمية عند التوجيه، فقد يطمح الطالب في شعبة معينة، إلا أن معدله بالمقارنة مع العدد الكبير الموجه نحوها يجعله بعيدا عنها، وبالتالي يتم تغير توجهه وهو في الغالب ما يثير غضب الأغلبية، دون أن ننسى أن الطالب لا يعرف محتوى الشعبة التي يقبل على اختيارها لأن الكثير من الطلاب يواجهون صعوبات تدفعهم إلى تغيير التخصص أو الرسوب خلال الدراسة، كونهم اختاروا التخصص لما فيه من بريق أومكانة بالمجتمع، أو لأن أولياءهم هم من اختاروا، وعليه ينبغي أن يراعي التوجيه طموح الطلاب ويتماشى وقدراتهم".
بين التوجيه نحو التكوين المهني ومحو الأمية أخذ جناح التكوين المهني على عاتقه مهمة تعريف زوار المعرض من مختلف الشرائح العمرية بكل ما يتعلق بالمقصود من التعليم بمراكز التكوين المهني، شروط القبول وما يقدمه من شهادات، إلى جانب التطرق إلى ما يقدمه التكوين المهني عن بعد، من عروض تتميز بين التكوين القاعدي الذي ينتهي بتقديم شهادة دولة في العديد من التخصصات مثل شهادة التحكم في تقنيات المحاسبة، وشهادة الاقتصاد والقانون، والتكوين التأهيلي الذي يتوج بشهادة تأهيلية، مثل تخصص مصور محترف وإصلاح الأجهزة الكهرومنزلية، وعليه فالهدف هو فتح فرص للتكوين وتمكين الشاب أوالشابة من الحصول على مؤهل مهني يسهل إدماجه في عالم الشغل. ولأن وزارة التربية من خلال هذه الأبواب المفتوحة على التوجيه حرصت على مس كل مراحل التعليم بما فيها محو الأمية، خصصت جناحا خاصا يشرف عليه الديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار. يتولى مهمة التعريف بالديوان وأهدافه ونشاطاته، وقالت ممثلة الجناح "الديوان الوطني لمحوالأمية يعنى بالتواصل مع كل راغب في طلب العلم، حيث نعلمه بأن لدينا ثلاثة أطوار تعليمية ندرس من خلالها اللغة العربية والحساب، وننشط على مستوى المساجد والزوايا ودور الشباب، بما في ذلك المؤسسات التربوية ومراكز التكوين المهني، نملك بكل ولاية ملحقة، وعن نسبة الأمية بالجزائر لسنة 2008 تضيف، بلغت 22.10 بالمئة إذ لوحظ أن هنالك انخفاض مقارنة بسنة 2004، حيث بلغت 24 بالمئة أما بالنسبة للسنة الدراسية 2008 و2009 لدينا 805.901 دارس ويتوقع أن يتم تخليص 434.973 شخص من الأمية.
فضاء للتواصل مع قطاع الأمن والدرك الوطني والحماية المدنية استغرب العديد من زوار المعرض وجود أجنحة خاصة بالأمن والدرك والحماية المدنية بالصالون الذي خصصت أبوابه للتوجيه المدرسي والمهني، إلا أن من يقترب من هذه الأجنحة سرعان ما يدرك العلاقة، إذ أن الكثير من المتمدرسين من الشباب والشابات يرغبون في الالتحاق للعمل بهذه الأسلاك، غير أن نقص الإعلام يجعلهم يعتقدون أنهم غير مؤهلين لمثل هذه المناصب، لذا جاء الصالون كفرصة لتقريب المواطن من هذه المصالح والتعرف عليها أكثر. اقتربت "المساء" من جناح الأمن الوطني، وعن دوره في التوجيه بالمعرض قالت ممثلة الجناح ومديرة الموارد البشرية "أجهزة الأمن لديها دور كبير في امتصاص المتسربين من المؤسسات التربوية من خلال تمكينهم من العمل بقطاع الشرطة، إذ يكفي أن تتوفر بعض الشروط في الشخص حتى يتم قبوله بالمهنة، وهو ما نقوم به اليوم بهذا الصالون، حيث نعمل على توجيه الزائر الراغب في الالتحاق بسلك الأمن إلى ما ينبغي أن يتوفر لديه من مؤهلات متاحة "وتضيف أنه على الرغم من أن العمل التوجيهي اعتادت المؤسسات التربوية على القيام به، إلا أن إشراك الأمن يعد مبادرة أولى من نوعها تساعد على لفت نظر الشباب إلى فرص العمل واسعة النطاق بقطاع الشرطة". وهو نفس الانطباع الذي لمسناه بجناح الحماية المدنية الذي كشف فيه المكلف بالإعلام التابع لمكتب الحماية المدنية بحيدرة "أن الصالون هو مناسبة لتوجيه الفئة الشابة من المتمدرسين وغير المتمدرسين إلى الطرق الكفيلة للالتحاق بالمهنة، ناهيك عن أنها مناسبة للالتقاء بالزوار وعرض مختلف الطرق التي تعتمدها الحماية المدنية للقيام بأعمالها في الإنقاذ من خلال تقديم شروحات وافية حول مختلف العتاد الذي يستخدمه عون الحماية المدنية، إلى جانب توزيع مطويات تتضمن نصائح وتوجيهات". وغير بعيد عن الحماية المدنية خصص جناح للدرك الوطني يشرح للزوار مختلف المراحل التي يمر بها الدركي حتى يتم تجنيده حسب مستواه وما يملك من شهادات، إلى جانب تقديم توجيهات حول الطريقة المثلى للالتحاق بالدرك الوطني. للإشارة هناك أجنحة أخرى مثل جناح "أل.أم.دي" وجناح خاص بتكوين الموظفين وجناح خاص بالتوثيق التربوي، وكلها اجتمعت تحت عنوان وهدف واحد هو تمكين التلميذ المتمدرس وغير المتمدرس من بناء مشروعه الشخصي الناجح بكل وعي ودراية.