وصل الجزائر يوم السبت الماضي، وفدا يهوديا في زيارة تحمل الطابع السياحي الى ولاية قسنطينة، وفي وقت كشف تقرير شرطة الحدود، أن الوفد دخل بتأشيرة سياحية منحتها القنصلية الجزائرية بباريس لوكالة سياحية فرنسية، فتحت السلطات المحلية بالولاية تحقيقا في ظروف تمكين هذا الوفد من تأشيرة دخول الأراضي الجزائرية، والتحري في خلفيات هذه الزيارة التي تدوم 4 أيام. وحسب مصادر "الشروق" فإن السلطات الجزائرية فتحت تحقيقا في دخول وفد يهودي وصل إلى ولاية قسنظينة يوم السبت الماضي أي بتاريخ ال27 أكتوبر، ويضم هذا الوفد الذي يقوده نائب سابق لرئيس مجلس الشيوخ 14 شخصا، وإن لم تحدد وظائف هؤلاء بحسب مصادرنا فإن دخول هذا الوفد حمل الطابع السياحي وتكفلت بجميع الإجراءات وكالة سياحية فرنسية تدعى "كونساب ستور" وقد تولت هذه الوكالة السياحية إجراءات طلب التأشيرة التي منحتهم إياها قنصلية الجزائر بباريس، في ظل ترجيح فرضية أن أعضاء الوفد اليهودي يحملون الجنسية الفرنسية. ورغم الطابع القانوني لهذه الزيارة على اعتبار أن الوفد دخل حاملا لتأشيرات وفق ما تقتضيه القوانين التي تحكم تنقل الأشخاص، إلا أن تحرك السلطات الإدارية والأمنية بقسنطينة وكذا تحرك وزارتي الشؤون الخارجية والداخلية، للتحقيق في القضية ينم عن "الاشتباه" في دخول هذا الوفد، خاصة وأن مصالح الخارجية استفسرت لدى سفارة الجزائر بباريس عن تمكين الوفد من التأشيرة وعن الوكالة السياحية التي أطّرت وأشرفت على تنظيم الرحلة. هذا النوع من الزيارات التي تحمل دواعي وأبعاد إنسانية وسياحية عادة ما تحمل بين طياتها نوايا خفية ومحاولات سياسية، هدفها ضرب موقف الجزائر من التطبيع مع الكيان الصهيوني، وعلى الرغم من أن التطبيع يظل مرفوضا رسمياً وشعبياً في الجزائر، إلا أن الترخيص لمثل هذه الزيارات من شأنه أن يفتح مساحات للاستفهام عن دواعي رفض التطبيع . ومعلوم أن السلطات الجزائرية، كانت قد رفضت السنة الماضية طلباً تقدمت به جمعيات يهودية من جنسيات فرنسية لزيارة مدينة تلمسان في أقصى غرب البلاد، بسبب مخاوف ربطها الإعلام يومها من ردة فعل الشارع الجزائري على خلفية الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية الذي زار غزة ضمن ما يعرف بمحاولات فك الحصار. كما ذهبت قراءات أخرى إلى أن موقف الجزائر السنة الماضية، كان عبارة عن رفض لتكرار الزيارة التي قام به نحو 200 يهودي من جنسيات فرنسية عام 2005 إلى تلمسان لزيارة قبر الحبر اليهودي "إفرام ألان قاوة" الذي عاش في المنطقة في القرن ال13 الميلادي. وإن كانت لولاية تلمسان قصة وتاريخ مع اليهود، فقصة ولاية قسنطينة تغطي على تاريخ تلمسان مع هؤلاء فقسنطينة التي تحصي 11 ألف و200 يهودي مدفونين بأراضيها، ما تزال شوارع و أحياء عديدة بها تحمل أسماء يهودية، منها حي سميحة، حي "شاركو" و"لارموط" بحي سيدي مبروك السفلي و"فيلاج اليهود" بسيدي مبروك العلوي. وبعيدا عن مغزى التحقيق الذي فتحته السلطات الجزائرية، بخصوص الوفد اليهودي الذي يغادر الجزائر اليوم، وبعيدا كذلك عن الثوب الذي تقمصه هذا الوفد أو الجنسية التي يحملها يبقى الأكيد أن الوفد اليهودي دخل وسيغادر اليوم.