سالم زواوي في الوقت الذي بدأ القادة الأفارقة قمتهم في العاصمة الغانية أكرا لبحث سبل إقامة "حكومة قارية"، كان الوزير الأول الإيفواري "غيوم سورو" يتعرّض لأبشع عملية اغتيال في أحد مطارات وسط البلاد، وهي العملية التي أعادت إلى الأذهان الأوضاع السياسية المأساوية لإفريقيا سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي والقاري. وذكرت أن ما تلوكه ألسن بعض المسؤولين الأفارقة المهمومين بالزعامة حول استتباب الحكم الراشد وعدم الإستيلاء على الحكم بالقوة والانقلاب، ماهو إلا مجرّد خرافة في أحسن الأحوال إن لم يكن ذريعة من ذرائع الثبات في الحكم والإستيلاء عليه بطرق أكثر خبثا ونذالة مثل استعمال الانتخابات المزورة والتمديدات للعهدات بحجج واهية.. والدليل على ذلك أن اجتماع أكرا الحالي، يبدو أشبه بسياسة النعامة "الإفريقية بالذات" التي تعمد إلى دفن رأسها في الرمل، مما يحيط بها من أخطار. فلا يمكن إيجاد أي تبرير لبحث إمكانية إقامة حكومة إفريقية موحدة، في زحمة كل هذه التناقضات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والإنسانية التي تعيشها القارة من أقصاها إلى أقصاها، ومن ستمثل هذه الحكومة؟ هل الإتحاد الإفريقي الذي لم يستقر بعد على حال، أم مشروع "الولاياتالمتحدة الإفريقية" الذي يقوم بعض الزعماء بالتبشير له على الأقدام وأظهر الحيوانات، وماهو الأقرب إلى الواقع والإنجاز بالنسبة للشعوب الإفريقية؟ هل هو العمل على مشروع طوباوي آخر، كإقامة حكومة افريقية وما تتطلبه من اقتطاعات أخرى من ثورات الأفارقة لصالح جهاز بيروقراطي آخر، أم هو العمل على إخراج مناطق عدّة من القارة من وحل الحروب الأهلية والإستعمار والإعتداءات الخارجية، كما هو واقع في إقليم دارفور السوداني وكوت ديفوار ومنطقة البحيرات العظمى والصحراء الغربية والصومال، حيث تعيث القوى الإستعمارية والأجنبية فسادا وتزيد في تشتّت وتشرذم وانقسام القارة، فما بال أن تساعد على إقامة حكومة موحدة. من هنا، لا يمكن تصنيف ما يجري في أكرا إلا في خانة الديماغوجية الإفريقية المعهودة في مئات القمم السابقة، يضاف إليها هذه المرة محاولة شراء ذمم القوى الإستعمارية الكبرى بمشروع لن يولد وإن ولد فسيولد ميتا كغيره.