أوبئة عديدة اجتاحت منطقة القبائل خلال خلال الثلاثينيات من القرن الماضي أبادت عائلات بأكملها، وعادت ذاكرة المسنين الذين تضرروا من هذه الأوبئة إلى الوراء وهم يواجهون مرة ثانية وباء جديدا ضرب العالم والجزائر. الشروق التقت بعضهم ووقفت على الإجراءات التي اتخذها الجزائريون في الماضي لمواجهة الأمراض والأوبئة والمجاعة. وحسب الحاج علي وهو من بين الأشخاص الذين عاصروا زمن "التيفوييد" و"التيفيس"، و"المجاعة" حيث توفيت والدته ووالده وكل أفراد عائلته، قال فى حديثه للشروق، إنه يتذكر كيف كان الناس يتساقطون واحدا تلو الآخر، وأن هناك عائلات فقدت نصف أفرادها في أسبوع واحد، مضيفا أنه في زمن التيفوييد لا يزور شخص شخصا آخر، لأن الجميع مرضى، والأصحاء هم في كرب شديد، الخوف من العدوى والحزن على فقدان الأعزاء، وأضاف محدثنا أنه يتذكر وهو صغيرا، مشهد العربات التي تجرها الأحصنة محملة بالجثث إلى المقابر الجماعية. والأخطر، حسب الحاج علي، أن الفترة التي تفشى فيها داء "التيفيس" أو "التيفوييد" بمنطقة القبائل كانت متزامنة مع سنين المجاعة بسبب شحّ السماء وغياب الأمطار، إلى درجة أن السكان كانوا يمزجون نشارة الخشب مع الدقيق ومع البلوط المطحون، كما أنهم كانوا يتناولون جذور بعض النباتات! مضيفا أنه في تلك الفترة التي انتشر فيها وباء التيفيس الذي يعتبر مأساة إنسانية حقيقية، لم يكن لا دواء، لا لقاح ولا سكانير ولا أطباء أكفاء، لا شيء يذكر، لكن الآن كل شيء متوفر، لكن لماذا لا تطبق التعليمات لتفادي انتشار فيروس كورونا القاتل، يتساءل محدثنا . أما عمي آكلي من ضواحي مشدالة وهو الآخر عاش عصر "التيفيس"، و"التيفويد" الذي ضرب منطقة القبائل، يقول كان عمري 11 سنة، عشت المجاعة في الريف، كنت أرى كيف كان الناس يموتون بسبب التيفيس والجوع، ووصل الحد ببعضهم إلى غلق أبوابهم بالمسامير حتى لا يطلبوا من غيرهم، وماتوا بالكرامة، لكن الآن وجب علينا أن نحمي أنفسنا من فيروس كورونا، لأنه في حالة ما إذا مرض عدد كبير من الناس في وقت واحد يستحيل إيجاد سرير وطبيب وممرضة لكل مريض، وعليه فالوقاية خير من العلاج، فما على المواطنين إلا التحلي بنوع من التضحية لأجل حفظ سلامة بعضهم بعض، وذلك من خلال اتخاذ الاحتياطات اللازمة، والتعامل مع هذا الوباء بجدية كي لا نسمع في ما بعد ما لا يحمد عقباه، والوقاية من كورونا تكون بتجنب التجمّعات السكانية، تجنب صلوات الجماعة، غسل يديك أكثر من مرة بالصابون في اليوم.