يعرف عن الشعب الجزائري بعقليته "الثائرة"، وسلوكه القلق، فرغم طيبة قلبه، تظهر على شريحة واسعة منه العدوانية والاندفاع، وهذا خاصية يؤكدها الكثير من المختصين في طب النفس والاجتماع، ولان الشباب هم أوسع شريحة في المجتمع الجزائري، فإن الطاقة الحيوية والحركية بارزة في شوارعنا.. كورونا الفيروس الذي اضطر الجزائريين إلى البقاء في بيوتهم، ومنعهم من فضاءات تفريغ الشحن والطاقة السلبية ونفض الهموم عنهم بالحديث والنقاش و"الهدر" في المقاهي والحدائق العمومية والأسواق الشعبية، والأحياء، ارتبك عائلات وقلب الموازين، فبين الذعر والعزلة والتحلي بالصبر ومقاومة القلق، انشغل جزائريون بترتيب بيوتهم وتجديد حياتهم ومراجعة العبر لملء فراغ الحجر الصحي. وقد سيطر القلق على كثير من الجزائريين، خاصة الذين يترددون على المساجد، وتعودوا دخلوها وحضور خطب صلاة الجمعة، فمع تسارع انتشار كورونا المستجد عبر القارات، توجه الناس إلى العزلة في عالم بلغ ذروة الحركية والديناميكية. الحجز المنزلي، عم بلدان عبر المعمورة، وفرضته حكومات على شعوبها، والجزائر ليس في منأى عن ذلك، إذ أن أنماط الحياة الاجتماعية والاقتصادية تغيرت في فترة وجيزة. وقال خبير علم الاجتماع، الدكتورة ثريا التيجاني، أستاذة في جامعة الجزائر، إن الحجر الصحي ايجابي إذا تعامل معه الجزائريون بحكمة وصبر وتريث، وتذكروا في كل مرة انه حالة لا تستمر طويلا، حيث يعاد في هذه الفترة ترتيب شؤون البيت و تسليط الاهتمام على المحيط العائلي الضيق. وعلقت المختصة قائلة" الجزائريون أعصابهم فوق أيديهم" فهم حسبها يتصفون في اغلبهم بالقلق والعصبية، والديناميكية، حيث سيخلف الحجز الصحي حالة قلق وتوتر ومشاجرات ومناوشات كلامية وردات فعل عنيفة بين الجيران أو داخل العائلة الواحدة، لكن هذا بالنسبة لم لا يتحكمون في قلقهم. وأوضحت أن العزل فترة زائلة، وهي فرصة ممتعة للتمتع بالحياة الأسرية، وإعادة تهيئا البيت وترتيبه، والقيام بأشياء كثيرة خاصة بالنسبة للمثقفين والفنانين الذين لديهم حسبها، فرصة للمطالعة والرسم والنحت وغيرها من النشاطات الفنية. وقالت إن هذا البقاء في البيوت يعتبر بمثابة تجربة إنسانية، ووقفة مع الذات لمحاسبتها، والتفكير في المستقبل بعد الحاضر، واستخدام أخطاء الماضي في تجديد الحياة. مخبر الأسرة: الحجر المنزلي فرصة للعائلات لمراجعة القيم ومن جهتها، ترى البروفسور صباح عياشي، رئيسة مخبر الأسرة، التنمية، والوقاية من الانحراف والإجرام، أن الحجر المنزلي للوقاية من فيروس كورونا المستجد، يشكل بالنسبة لبعض الجزائريين "صدمة"، مضيرة إلى أن شريحة واسعة من الشباب تتصف ب"التهور"، وخاصة أن الأطفال والمراهقين لم يتعودوا البقاء في البيوت، حيث سيواجه المعتادين على المقاهي والحدائق العمومية، والأسواق الشعبية، والملاهي والحانات، امتحانا قاسيا، حسب عياشي، لكنه مفيد جدا. وأكدت أن أفراد العائلة الجزائرية، يمكن أن يستفيدوا من استرجاع بعض القيم الضائعة، وينتهزون فرصة الاحتكاك المباشر والمتكرر في يومياتهم داخل البيت، لتوطيد العلاقات، وتغيير سلوكيات والأفكار كأسلوب النظافة والأكل وغيرها من القيم الاجتماعية داخل الأسرة الواحدة. ودعت البروفسور عياشي، في هذا السياق، إلى التضامن الاجتماعي بين العائلات وداخل الأسرة وصلة الرحم بين الأقارب، والتعاون في نشر الوعي الصحي، كما تؤكد رئيسة مخبر الأسرة، أن البقاء في البيوت فرصة للالتزام بما يكون من تعليمات لأولي الأمر علينا والتصدي لتهور الأفكار، وضبط النفس. الدكتور بن حليمة: اشغلوا أنفسكم بأي شيء مفيد وفي هذا الصدد، حذر المختص في علم النفس، الدكتور مسعود بن حليمة، من وقوع بعض الجزائريين في أمراض القلق، وهم في فترة الحجر المنزلي، مؤكدا أن عقلية شريحة واسعة من الجزائريين، المتصفة بالقلق والتهور، قد تدخلهم في قلق حاد ووسواس قهري لعدم مقاومتهم الابتعاد عن المساجد والمقاهي والتجمعات والأسواق، فيتعصبون لدرجة الوصول إلى "هستريا الحجر الصحي في البيوت". ونصح الجزائريين، بضرورة التحلي بالروح الرياضية والانشغال بعمل فكري أو يدوي مفيد، وترتيب البيت وقضاء الوقت مع الأطفال والاستماع لهم، أو الإبحار في العالم الافتراضي والتفرج على التلفاز.