مذهل ما فعلته كورونا في العالم وبالعالم بأسره، ومذهل عندما يتذكر عشاق الكرة بعد سنوات وعقود بأن شهر أفريل من سنة 2020 من أول أيامه إلى الثلاثين منه لم تلعب فيه مباراة كرة واحدة، والحديث هنا عن بلدان كبرى في القارت الخمس يتنفس ناسها كرة القدم ويضعونها من أولوياتهم تماما مثل الأوكسجن. فإذا استثنينا بعض الدوريات الضعيفة في بلاروسيا وبورندي وبعض الجزر في القارة الأسترالية، فإن الكرة المطاطية في حالة شلل طوال شهر أفريل 2020، على أمل أن تتدحرج مرة أخرى على الأقل، في بعض البلدان، في منتصف شهر ماي القادم، وكان الثاني عشرة من شهر مارس الماضي هو آخر لقاء جمع عشاق الكرة الأوروبية ومباريات الكرة في أوربا ليغ في مباريات من دون جمهور. في إيطاليا يريد الناس لملمة جراحاتهم في شهر ماي على الأقل بعودة الأندية للتدريبات، ولكن رئيس اللجنة الصحية في إيطاليا، كان أول أمس حازما عندما قال بأن فرحة الكرة لن تكون سوى في منتصف شهر جوان، وهو ما صار يخيف الكثيرين بأن يكون ماي مثل أفريل، شهر ثان من دون أية مباراة كرة في العالم إلا إذا طالت حكاية الذروة مع الفيروس الذي سكن رئة أكثر من مليوني نسمة في العالم، وقتل قرابة 200 ألف نسمة. عادة ما يكون شهر ماي من كل سنة هو موسم الذروة في لعبة كرة القدم، سواء في الدوريات المحلة أو منافسات أوربا ليغ ورابطة أبطال أوربا التي تلعب فيها مباريات الدور الربع النهائي وحتى مباريات النصف النهائ، ففي الموسم الماضي وفي نفس هذا التوقيت كانت مباريات كأس أوربا للأندية قد فجرت مفاجئات لا تخطر على بال احد عندما قلب ليفربول الطاولة على برشلونة بطريقة أشبه بالجنون، وفجر أيضا توتنهام مفاجئة مدوية بقلبه أيضا الطاولة على أجاكس في عقر داره، وقاد الإنجليز في أوربا ليغ قاطرة إنجليزية غير عادية، وكان شهر أفريل 2019 الأسعد في تاريخ الأندية الإنجليزية بوصول فريقين لنهائي رابطة أبطال أوربا، وهما توتنهام وليفربول وفريقين من إنجلترا لنهائي أوربا ليغ وهما تشيلسي وأرسنال، وكان في شهر أفريل أيضا فريق مانشستر سيتي يعبّد طريقه للتتويج باللقب الإنجليزي، تماما كما فعل جوفنتوس وباريس سان جيرمان وبيارن ميونيخوبرشلونة في الدوريات الكبرى في العالم. وفي شهر أفريل الحالي كان من المفروض أن تضع مختلف المنتخبات الأوروبية التأهل لأمم أوربا، آخر الروتوشات لأجل المشاركة والترشح للمنافسة على اللقب الذي هو بحوزة رفقاء رونالدو البرتغال، وكان في الموسم الماضي شهر أفريل هو آخر فرصة لوضع الروتوشات الأخيرة للمنتخبات الإفريقية التي كانت تستعد للمشاركة في أمم إفريقيا، وكانت حينها كل الترشيحات تصب لصالح مصر البلد المنظم وتونس والمغرب قبل أن يفعلها الخضر بقيادة جمال بلماضي ويعودون باللقب القاري في صيف 2019 من القاهرة. يقولون بأن الكثير من العمال في إنجلترا يأخذون عطلتهم السنوية في شهر أفريل ليس من أجل التفسح الربيعي، وإنما من أجل متابعة مباريات المنعرج الأخير من الدوري الإنجليزي بكل راحة وحماس، وفي الغالب شهر أفريل هو الذي يحدّد ملامح الفريق الذي يٌتوج باللقب، وكان من المفروض أن يستقبل فريق مانشستر سيتي في بداية هذا الشهر فريق ليفربول في مباراة كبيرة، مهما كانت نتيجتها فإنها لن تغير من إسم البطل وهو ليفربول الذي ضيّع لقبه الأوروبي في مباراة الموت وانتشار كورونا أمام أتليتيكو مدريد ولكنه عوضه بلقب الدوري المحلي الغائب عنه منذ ثلاثة عقود. لم تكن سمكة أفريل 2020 ولكنها كورونا أفريل 2020، لن يصدق العالم بعد سنوات بالتأكيد في أفريل 2021، بأن الكرة لم تتدحرج في الملاعب الخضراء في كل المعمورة طوال شهر أفريل 2020، أمر أغرب من الخيال حدث بسبب فيروس كورونا الذي لا أحد التفت إليه، بل هناك من تحداه في مباريات الموت التي لعبت في ميلانو بين أطلنطا وفالونسيا وفي ليون بين النادي المحلي وجوفنتوس وفي ليفربول بين رفقاء محمد صلاح وأتلتيكو مدريد، وظن الناس بعد ذلك بأن أقصى ما يفعله الفيروس هو أنه سيجبر الاتحادات المحلية والأوروبية على لعب المباريات من دون جمهور، ولكن سطو الفيروس وصل إلى حدّ إدخال اللعبة في عطلة تأكد بأنها لن تكون طوال شهر أفريل، مع احتمال أن يكون ماي 2020 وهو شهر النهائيات المثيرة، شهر آخر للشلل في أكبر وأشد طعنة تتلقاها اللعبة الأكثر شعبية في العالم. ب.ع