مرّ السبت شهر بالتمام والكمال، عن آخر مباريات الربيع المثيرة وهي آخر مباراة حضرها قرابة ستين ألف متفرج، قبل أن تقرّر كورونا منح بطاقة حمراء لكل لاعبي المعمورة وحرمتهم من المباريات وحتى من التدريبات وأرسلتهم إلى بيوتهم لترتاح الميادين الخضراء لمدة شهر، قابل لأن يتحول إلى شهور في أكبر مصيبة عرفتها البشرية وأوقفت لعبة كرة القدم. في الحادي عشرة من شهر مارس الماضي، شهد ملعب الآنفيلد في ليفربول مباراة مهربة من الزمن الجميل، بين بطل أوربا ليفربول وفريق التحديات أتلتيكو مدريد، وبالرغم من أن وباء كورونا كان قد دق أبواب إيطاليا وإسبانيا بعنف وبدأ يغازل إنجلترا، وتم اقتراح لعب المباراة من دون جمهور، خاصة أن باريس سان جيرمان استقبل ضيفه بوريسيا دورتوند الألماني في نفس اليوم وفي نفس التوقيت من دون جمهور ضمن أولى احتياطات مقاومة فيروس كورونا، إلا أن إدارة نادي ليفربول رفضت اللعب من دون جمهوره الذي يعتبر القوة الضاربة والمساهم الأكبر في تتويج النادي بلقب رابطة أبطال أوربا في الموسم الماضي، خاصة عندما قلب الطاولة على رفقاء ميسي برشلونة بفوز برباعية نظيفة كان رفقاء ساديو ماني قد خسروا المباراة الأولى بثلاثة نظيفة، المباراة ضمت طرفا ثانيا وهو أتليتكو مدريد الذي كانت مدينته العاصمة الإسبانية قد شهدت في ذلك الوقت حالات إصابة بكورونا، بالرغم من تدخل السلطات الإسبانية ورفضها لسفر الأنصار إلا أن ما لا يقل عن خمسة آلاف من أنصار أتليتيكو مدريد كانوا في مدرجات الأنفيلد، وشهدت مباراة ال 11 من مارس الشهيرة تقلبات عجيبة أدت إلى احتكاك الأنصار الذين نسوا في 120 دقيقة حكاية الفيروس نهائيا بما في ذلك الإسبان. ففي القيقة 43 سجل فينالدوم هدف ليفربول الأول وهو هدف التعديل تبعا لمباراة الذهاب، وهو الهدف الذي ألهب المدرجات وفرّخ كورونا في أجساد الأنصار، وسارت المباراة دواليك لمدة 90 دقيقة انتهت وتمدّدت لوقت إضافي مثير لٌعب فوق الميدان وفي المدرجات الساخنة بعد أن سجل البرازيلي فيرمينو هدفا ثانيا في الدقيقة 94، حوّل الملعب إلى رقص واحتكاك كوروني من الطراز الخطير، وبقيت مدرجات أتليتيكو مدريد من دون احتكاك قوي إلى غاية الدقيقة 97 عندما سجل ليورانتي هدفا بوزن من ذهب للفريق الإسباني ومرّت الدقائق المتبقية مكهربة في الميدان وفي المدرجات وأيضا في عالم الفيروسات، إلى غاية الدقيقة 105 عندما عاد ليورانتي ليعدل النتيجة لفريق العاصمة الإسبانية، وأضاف موراتا هدفا قاتلا حوّل الملعب إلى سكون وجنون في نفس الوقت في آخر مباراة مثيرة وحماسية شهدها العالم قبل أن يدخل في سبات عميق لمدة شهر كامل، وكانت النتيجة أكثر من 160 ألف مصاب بكورونا لحد الآن في إسبانيا وأكثر من 16000 قتيل في بلاد بيكي وتشافي وإنييستا وكاسياس، وأكثر من 80 ألف إصابة بكورونا في إنجلترا لحد الآن وقرابة 10000 قتيل، تنقل بينهم الفيروس في الشارع والمؤسسات والمطاعم والجامعات وخاصة في ملاعب كرة القدم. في اليوم الموالي لهذه المباراة أي يوم الخميس 12 مارس لعبت غالبية مباريات أوربا ليغ، ولكن جميعها من دون جمهور، لتتوقف بعد ذلك مباريات الكرة في كل ملاعب أوربا وخاصة في الدوريات الكبرى، وأضاع العالم الكثير من المباريات المثيرة في هذا الشهر، ومنها مباراة العودة من رابطة أبطال أوربا بين مانشستر سيتي وريال مدريد وبيارن موينيخ وتشيلسي وبرشلونة ونابولي، ومباريات محلية مثيرة منها استقبال مانشستر سيتي لليفربول التي كان مقررا لعبها في الخامس من شهر أفريل الحالي، ولكن وباء كورونا أوقف حلم الكرة في توقيت مهم جدا وهو في الغالب الذي يرسم صور الأبطال في الدوريات للمحلية ويصل برابطة أبطال أوربا إلى منعرجاتها الأكثر إثارة. غالبية عشاق كرة القدم يقضون أيام الحجر في بيوتهم في معاودة مشاهدة المباريات القديمة التي شاركت فيها فرقهم المحبوبة، ولكن الحنين للسهرات الكروية المثيرة تعتصرهم خاصة أن الكثير من الدوريات مثل ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا لم يسيطر على مجرياتها أي فريق، كما أن ملامح الفائز برابطة أبطال أوربا بقيت غامضة، وهو ما ترك السوسبانس متواصلا إلى ما بعد وباء كورونا. ب.ع