لأنه اقترب من مشاكل الشباب ودق على عصب أحزانهم، فقد تربع في قلوب الجماهير، ولأنه تشبع حتى النخاع بمبادئ العروبة، فقد ظل جل همه إيجاد سبيل لإنقاذ جيل بأكمله من الغرق، وبعيدا عن الوسامة وغيرها من أدوات الشهرة الزائفة، يشق "باسل خياط" رحلة كفاح ونضال عبر الشّاشة، حيث يتربّع اليوم على عرش النجومية الفنية لفئة الشباب. بدأت شهرته بالنمو من خلال أعمال كثيرة شاهدناه خلالها، ومنها مؤخراً مسلسل عهد الدم والنحات، ومن قبلها «الرحلة وأسرار المدينة» و«أهل الغرام» و«طريقي » و«التغريبة الفلسطينية» و«عصر الجنون» و«البواسل» و«صراع على الرمال» وغيرها الكثير من الأعمال الدرامية وحتى السينمائية… باسل خياط، يستقبل مجلة الشروق العربي ليكون معه هذا اللقاء الخاص. لماذا يراك الجمهور في صورة مغايرة لأبناء جيلك؟ تميزت لأنني تعمدت تجسيد الأدوار الصعبة، فمنذ كنت طالبا في المعهد العالي للفنون المسرحية تتلمذت على يدي عمالقة المسرح السوري ومنهم كانت بدايتي. لعب الحظ دورا كبيرا في صنع نجوميتك.. أنا لا أؤمن بالحظ، لكنني مقتنع بأن النجاح ثمرة للكفاح، فعندما بدأت العمل في التلفزيون، وقفت خائفا مرتبكا أمام منى واصف بمسلسل أسرار المدينة، إلا أنها طمأنتني وتنبأت لي بأنني سأكون أحد أهم الفنانين السوريين، وإذا اعتمدنا نظرية الحظ هذه ستجدني الأسوأ حظا بين زملائي، فأنا لم أحقق شهرة سريعة مثل بقية أبناء دفعتي في المعهد أو الدفعات اللاحقة. أفهم أنك زحفت ببطء نحو الشهرة؟ ليس ببطء ولكن بحساب، فقد ظللت أقدم أدوارا متفرقة، جعلتني معروفا عند الجمهور، مثل: "مرايا"، و"عائلتي وأنا"، و"التغريبة الفلسطنية"، و"أبناء القهر"، و"على حافة الهاوية"، وغيرها من الأعمال الأخرى. يذكّرنا أداؤك العفوي والواقعي بالممثلين الغربيين خاصة بدورك الأخير بمسلسل النحات مع أمل بوشوشة. فإلى أي مدى أنت متأثر بالسينما الأجنبية؟ ومن هو مثالك في التمثيل؟ أنا متخرّج من معهد الفنون الجميلة، وقد درست وتابعت الكثير من الأفلام السينمائية التي تعدّ من روائع السينما العالمية، التي تعلّمت منها الكثير. وعندما أشاهد أي فيلم أركّز تلقائيا على أداء الممثل الذي يشارك فيه، كما أراقب تفاصيل معينة مثل الحركات والنظرات وطريقة النطق لأنّ الثقافة السينمائية ضرورية، فهي تزيد شخصية الفنان غنى وتنوّعا. ومن أكثر الفنانين الذين يلفتونني بأدائهم وإحساسهم الممثل الإيرلندي دانيال دي لويس. للمرة الثانية تلتقي بأمل بوشوشة بمسلسل النحات بعد الأخوة.. كيف تفسر هذا اللقاء؟ وهل هناك مشاريع أخرى بعد النحات؟ أولا، أسعد بالالتقاء مع أسماء سبق لي أن تعاملت معهم، أضف إلى هذا، لست أنا من يعطي رأيه في أمل بوشوشة، أو كما نطلق عليها "أمولة"، فهي حبوبة من طرف الكل وفنانة مميزة جدا، لها كاريزما خاصة من الصعب أن يعوضها أحد، وإن شاء الله مثلما كان لنا لقاء منذ فترة بالأخوة والآن بالنحات، إن شاء الله فيه أعمال أخرى تجمعنا.. كورونا أوقفت عهد الدم وهذا هو سبب نجاح مسلسل الرحلة عن النحات رغم نجاح مسلسل النحات برمضان إلا أن الرحلة الذي عرض منذ سنتين لايزال يحصد النجاح عبر منصات الإنترنت.. برأيك ما السبب؟ النحات هو إطار اجتماعي رومانسي ويسرد قصة شاب سوري يدرس فن النحت في إحدى الجامعات السورية 'حيث أقدم ثلاث شخصيات في هذا العمل ومنها شخصيات نحات، حيث يخوض رحلة مشوقة خلال العمل. أما الرحلة، فهو عمل درامي مشوق له نوع من الخيال، أو بالأصح قصص العشق الممنوع. الجمل الحوارية فى مسلسل الرحلة هل كنت تتوقع كل ردود فعلها؟ والغريب أنها أصبحت منشورات تتردد على مواقع التواصل الاجتماعي حاليا.. عندما تأخذ الناس جملة معينة من مسلسل درامى وليس لايت أو كوميديا، بل هو عمل درامي وزائد عن اللزوم قد تقترب من التراجيديا، وتؤخذ هذه الجملة من المسلسل وتتردد فى كوميكسات بالضروري أنها لمستهم في حياتهم، ولم أتوقع نجاح الجملة بهذا الشكل أو الشخصية، وعمري ما رسمت شيئا، والبعض لديهم موهبة معرفة الجمل الحوارية التي تأكل مع الناس، لكن عمري ما فكرت في جملة، مثل «الوحوش اللى بره دول» هتاكل مع الناس، فأنا عندما قلت مثلا «يا دكتور» في مسلسل 30 يوما، لم أكن أتخيل أنها ستصل للناس، ولكنني لدي قناعة بأن ما يخرج من القلب سيصل سريعا إلى القلب. لم يعرض من مسلسل عهد الدم سوى 10 حلقات بعدها توقف ما السبب؟ العمل لم يتوقف، ولكن هي 10 حلقات فقط (مدة الحلقة الواحدة 50 دقيقة)، حيث تعمد المخرج ابتعاده عن نمط الثلاثين حلقة السائد، يعود سببه لأن العمل مقتبس عن عمل آخر أجنبي من عشر حلقات، التوجه الآن هو إلى صناعة هذا النوع من المسلسلات القصيرة المناسبة للعرض على تطبيقات الإنترنت. ولولا انتشار فيروس كورونا لكنا صورنا الجزء الثاني من العمل. الفن يولد من رحم المجتمع بكلّ عناصره.. كما أنّه يحقق ما لا تحققه السياسة صرحت بأنك تحبّ الكوميديا وأنّك قادر على أداء هذا النوع بمهارة، إلاّ أننا لم نرَك حتى اليوم بأي دور كوميدي. لماذا؟ هذا صحيح، رغم أنني أحبّ المشاركة في عمل كوميدي يظهر إمكاناتي في تقديم هذا النوع، إلاّ أنني لن أخوض هذه التجربة، إلاّ إذا وُجد نص كوميدي يناسبني ويدفعني إلى القيام بهذه الخطوة. ما هو الدور الذي تطمح إلى تقديمه على الشاشة؟ أطمح إلى تقديم شخصية يوسف العظمة، وزير الحربية السوري السابق، وهو رجل عظيم شارك في معركة ميسلون ضدّ الاحتلال الفرنسي وقدّم بطولات كثيرة. وأحبّ تقديم هذا الدور، لأنه غني ومميّز ويمثّل رمزا إنسانيا كبيرا في سورية والعالم العربي، مثله مثل الأمير عبد القادر الجزائري. وأنا بطبعي أحبّ تأدية أدوار وشخصيات حقيقية لها قيمتها وأثرها في عالمنا التاريخي المعاصر. أين تصنّف نفسك بين زملائك من نجوم الدراما السورية اليوم؟ ومن هو الممثل الذي يعجبك أداؤه التمثيلي؟ أنا بالطبع من نجوم الصفّ الأوّل، ولكن لا يمكنني أن أدخل في الأرقام لأنني أؤمن بأنّ الأعمال والأسماء تتحدّث عن نفسها. وفي سورية ثمة عدد كبير من الممثلين المتميزين بأدائهم التمثيلي العالي، ومعظمهم نجوم محبوبون ويقدّمون أعمالاً جيدة مثل جمال سليمان، تيْم حسن، قيس الشيخ نجيب وغيرهم. كيف تصف الدراما السورية اليوم؟ وهل تشعر بأنّ مستواها تراجع في الفترة الأخيرة بالمقارنة مع الأعمال المهمة السابقة؟ أعتقد أن حركة الإنتاج الدرامية هي حركة عامة وشاملة، وتكون عادة دائرية الشكل، بمعنى أنها ليست ثابتة في اتجاه واحد، بدليل أنه اليوم كل الأعمال الدرامية في تراجع كبير بسبب ما نعيشه من أزمة فيروس كورونا، الذي أوقف عشرات الأعمال. لكن مع مرور الزمن، قد تزدهر أحيانا وتتراجع أحيانا أخرى، وهذا أمر طبيعي بالنسبة إلى مسيرة أي دراما أو حتى ممثل، لأنه مهما كان مستوى الممثل أو الفنان قد يقع أحيانا في هفوات أو يتراجع مستواه بعض الشيء، ليعود بعدها ويتقدّم. وبالنسبة إلى مستوى الدراما السورية اليوم، فهي جيّدة، ولكن مشكلة قلّة النصوص والوضع الحالي الذي تعيشه سوريا يفرض على الممثل أو المخرج ألاّ يدخل في أي عمل، لأنّ النص هو البذرة الأساسية لأي عمل. هل تعتقد أنه بإمكان الفنان أن يعبّر عن آرائه السياسية؟ مهما حاول البعض عزل الفن عن السياسة، لا يمكن لأحد أن يفصلهما، لأنّ الفن يولد من رحم المجتمع بكلّ عناصره، من السياسة إلى الشارع، ومن رجال السلطة إلى الناس العاديين. كما أنّ الفن قد يحقق ما لا تحققه السياسة، وأهم مثال على ذلك "باب الحارة "، الذي وحّد الجمهور العربي على اختلاف مشاكلهم وأفكارهم وانتماءاتهم. وأنا لا أرى مشكلة في التعبير عن الآراء السياسية بتهذيب ودون تجريح، لأنّ الفنان كأي شخص آخر يهتمّ بالسياسة ولا بدّ من أن يكون له آراؤه التي تميّزه. لا أتكلم في موضوع السياسة في سوريا وما حدث فيها يحدث بين اثنين من أهل البيت الشروق: لذلك ابتعدت بآرائك عن السياسة في سوريا؟ أتكلم بصفة عامة (وحسيت من سؤالك فيه تلميح)، وأنا لا أتكلم في موضوع السياسة في سوريا نهائيا، وأنا ضد الشرخ الذي حدث في بلدي سوريا، وللأسف الشديد، حدث شرخ بالسكين بين أطياف المجتمع ما بين مع وضد، ولازم طوال الوقت نحن نعيش في فترة زمنية قد تكون في حاضرنا فترة طويلة، منذ 7 أو 8 سنوات، إنما للتاريخ ككل لا شيء كأنها رمشة عين، وعلى الواحد أن ينظر إلى المستقبل وأن يحافظ على فكرة العبور من الضفة الأولى إلى الضفة الثانية.. وأنا لا يجوز لي أن أتدخل في السياسة، لأن ما حدث في بلدي يحدث بين اثنين من أهل البيت، لذلك لن أعرف التحدث في ذلك. هل ترفض الأفلام السياسية كممثل؟ الموضوع ليس رفضا، ولكنني لا أحب المشاركة في عمل واضح الأجندة ورسالته موجهة. ما هي خططك في الدراما التليفزيونية خلال الفترة المقبلة؟ لا يوجد أحد يستطيع التخطيط، لأنه لا يوجد نقطة محددة تستطيع الوصول إليها، لو صح التعبير في شغلنا، فالتمثيل هو قوسان مفتوحان في كل ما بينهما من إبداعات متواصلة بالضرورة، وهذا هو المفروض حتى تكون لديك المقدرة على التطور طوال الوقت وتقديم الجديد، وأنا شخصيا، التحدي مع نفسي وليس مع أحد آخر، فأنا عندما أدخل عملا يكون من أجل باسل وليس من أجل ممثل آخر، طوال الوقت أضع نفسي في خانة ضيقة وصعبة تكتشف أشياء جديدة لديك، لم تكن تعلم أنك ستكون لديك القدرة على تقديمها، مثل ما حدث في مسلسل «النحات »، وضعت نفسي في منطقة أقسم بالله لم أكن أعرف ما الذي سأفعله، ولكن أحمد الله عندما أدخل فى الدور.. وكانت لدي الإرادة للنجاح فى تجربة جديدة وصعبة وجيدة وحقيقية، ستجد حلولا منورة أمامك. كيف توفق بين وجودك فى مصر وحياتك خارجها وتصويرك لعملين فى نفس التوقيت؟ استهلاك طاقة كبيرة، وبغض النظر عن عالم الممثل، الذي لا بد من أن يركز أكثر على الشخصية التي يقدمها، فأصبح ذلك يستهلكني بدنيا وتقنيا، بسبب السفر والتصوير مرهق جدا، وفي بعض الأحيان أحس بأنني أريد أن يتم شحني كي تكون لدي طاقة للاستكمال. هل أنت رجل صعب؟ وكيف تصف شخصيتك؟ لست صعبا، ولكنني من نوع السهل الممتنع. وحتى أتعامل مع الأشخاص، عليهم أن يتقبّلوا طريقة تفكيري. وعموما، أنا شخص طيّب وحساس جدا. ما الذي تحبّه في المرأة؟ ومن هي الشخصية النسائية التي تلفتك؟ عادة أحبّ في المرأة ابتسامتها وأنوثتها. وتعجبني نادين لبكي بشخصيتها وحضورها وإصرارها وطموحها. كما أحبّ من الممثلات العالميات وينونا رايدر. ولكن مع كل هذا الإعجاب أنا أب يا طارق.. (خلّ بالك.. يضحك طويلا).