تصوير - مكتب قسنطينة قال المخرج السوري نجدت إسماعيل أنزور، في لقائه بالشروق اليومي، إنه كان يحلم كثيرا بزيارة الجزائر، وتقديم عمل فني على أرضها، مضيفا أن الممثلة الجزائرية آمال بوشوشة، ستكون مفاجأة مسلسل "ذاكرة الجسد" المزمع عرضه خلال شهر رمضان المعظم، كما أنه أعجب كثيرا بالمناظر الطبيعية الجزائرية، وكذا بمواهب الممثلين الجزائريين، متمنيا إخراج عمل فني تاريخي جزائري، حتى يكون واحدا من السباقين لإنشاء توأمة فنية مع الجزائر، ولمعرفة المزيد عن هذا المبدع العبقري الذي أحدث زلزالا فنيا بمسلسلات الفانتازيا وغيرها، تنفرد الشروق اليومي برحلة جوارح وليست كواسر مع المبدع نجدت أنزور. * تأخرت في الوصول إلى قسنطينة رفقة باقي فريق العمل؟ * المهم بعد شوق كبير نزلت في بلد طالما حلمت بزيارته، وسعادتي لا توصف على الرغم من متاعب الرحلة والحرارة المرتفعة داخل الطائرة وأيضا هنا في قسنطينة. وربما أنتم أدرى مني بمشاكل برامج الرحلات الجوية والتأخيرات (يبتسم). * * أخذت تجربة كبيرة في مجال إخراج أقوى واكبر المسلسلات العربية، برأيك ما هو الشيء المميز في رواية "ذاكرة الجسد" مقارنة ببقية الأعمال؟ * في البداية أريد أن أقول إن ملحمة ذاكرة الجسد لم تعد مجرد رواية للقراءة، أو مجرد مسلسل يتابعه المشاهدون فقط، بل تعتبر بالنسبة لي ملحمة حقيقية، لأنها تحمل في طياتها تاريخ الجزائر، أو بالأحرى تاريخ فترة حساسة جدا في الجزائر، من الثورة إلى عملية الانتقال ودخول الإسلاميين إلى السلطة والتغييرات السياسية التي حدثت على مراحل بعيدة ومختلفة، حيث أن الرواية تتطرق إلى جذور هذه التغييرات، لذلك نحن جد سعداء بأننا نقوم بعمل يؤثر في الجمهور، ولازلنا نعيش أحداثه إلى اليوم. * * هل لك أن تكشف لنا المزيد عن هذا العمل، وهل برأيك سيحقق النجاح؟ * سنوات الثمانينات ليست بعيدة كثيرا عن هذا الجيل الذي يعيش هذه الفترة الزمنية، والذي سيكتشف الكثير من الخبايا التاريخية التي تطرقت لها الكاتبة الكبيرة أحلام مستغانمي في هذه الرواية، التي تعود بنا إلى جانب جد مهم من تاريخ الثورة الجزائرية، ويعتبر خالد بن طبال الذي يجسد شخصيته في المسلسل النجم جمال سليمان، نموذجا للمناضل المكافح الذي عايش الثورة من فترة ما قبل الإستقلال إلى نهاية الثمانينات، وهو لم يتغير على مدار سنوات حياته وظل متمسكا بمبادئه وقيمه الثورية وظل واحدا من رموز الشخصية الجزائرية الأصيلة. * * ألا تعتقد أن عنوان الرواية هو سر نجاحها وربما أيضا فشلها؟ * لا أعتقد أن العنوان هو السبب في هذا الرواج الكبير لرواية "ذاكرة الجسد" ولكن العمل في حد ذاته ذو قيمة أدبية وفنية عالية مرتبط بجزء هام من ملحمة التاريخ الجزائري، ويصور أحداثا واقعية مرتبطة بالشخصية الجزائرية التي يعتز بها كل مواطن عربي، وأظن أن طبع أكثر من ثلاثة ملايين نسخة من هذه الرواية، لن يكون إطلاقا على أساس العنوان بل هو على أساس الموضوع والذي ستكتشفون خلال عرض المسلسل انه يستحق بأن يصنف من بين أكبر الأعمال الأدبية على المستوى العربي، كما أن ذاكرة الجسد وعكس ما يظنه البعض فهو ليس قصة حب عادية كما يتبادر للذهن من خلال العنوان، بل هو قصة حب للجزائر وارتباط بالوطن في أحداث درامية معبرة عن واقع الجزائر وشعبها على مراحل مختلفة من التاريخ. * تم تصوير أحداث المسلسل في بلدان عربية متعددة هل الهدف من ذلك مزيدا من الرواج؟ * كما سبق وأن قلت أنا جد سعيد لإخراج هذا العمل الكبير، الذي أتوقع له أن يكون من أكثر الأعمال الفنية نجاحا خلال شهر رمضان المعظم، ليس من حيث الأداء الفني للمثلين أو إخراج الصورة وتسلسل الأحداث فيها فقط، وإنما أيضا لارتباط هذه الرواية بواقع الجزائر، ولإعطاء مصداقية أكثر لهذا العمل كان من الواجب علينا تصوير بعض المشاهد في دول عربية أخرى خاصة منها الأردن ولبنان، ونحن اليوم في قسنطينة لتصوير بعض المشاهد من الجزء الأخير لهذا المسلسل. * * كيف تقيمون الإنتاج الفني التلفزيوني والسينمائي الجزائري؟ * نحن نقوم بتصوير بعض حلقات هذا المسلسل الذي يستمد أحداثه من واقع الجزائر، هنا في أرض المليون ونصف مليون شهيد، لفك الحصار التلفزيوني عليها وتشجيع المنتجين العرب للخوض في مختلف القصص والروايات الجزائرية التي تروي تاريخ هذا البلد الجميل، الذي يستحق فعلا أن يكون رائدا في مجال العمل السنيمائي والتلفزيوني ليس على المستوى العربي فقط، بل حتى على المستوى العالمي، بالنظر لطبيعته وتاريخ شعبه المتمسك بعاداته وتقاليده وطيبته وبساطته، ربما التي لم نجدها في أي بلد آخر، وهذه فرصة لنا للإطلاع أكثر على واقع هذا الجزء الهام من الأمة العربية، ومحاولة نقل صورتها لكل شعوب الأقطار العربية. * * في ظل إعجابكم هذا، كيف وجدتم الجزائر عموما ومدينة قسنطينة على وجه الخصوص؟ * في الحقيقة، وإن لم تكن لي الفرصة من قبل لإخراج بعض الأعمال الفنية الجزائرية، فأنا لا أعرف الجزائر من خلال رواية "ذاكرة الجسد" فقط، ولكن ارتباطي بالجزائر وشعبها له جذور تاريخية، فأنا شخصيا من بين أكثر المتأثرين بالثورة الجزائرية ورجالها من الثوريين الذين انتفضوا ضد الاحتلال وضحوا بأنفسهم ضد الظلم والقهر والغطرسة الاستعمارية، وهو ما وجدته في رواية أحلام مستغانمي، وكنت جد متحمس لتصوير بعض المشاهد في الجزائر العاصمة وأخرى هنا في هذه المدينة العريقة والرائعة، وأنتم تحسون ربما الآن بمدى سعادتي وفرحتي بوقوفي هنا في هذا المكان الرائع، ليبحر بي عبر العديد من سنوات التاريخ المجيد الذي طالما قرأت وسمعت عنه، فسكن وجداني وملأ مخيلتي. * * في أول تجربة لكم مع الممثلين الجزائريين كيف تقيمون أداءهم مقارنة مع باقي الممثلين العرب؟ * ونحن على وشك الانتهاء من تصوير حلقات هذا المسلسل، لم نصادف أية مشكلة مع الممثلين الجزائريين، بل بالعكس لقد وجدنا مستواهم جد ممتاز ولا فرق بينهم وبين الممثلين السوريين أو المصريين، كما أنهم يتقبلون الفكرة ويتجاوبون معها بسرعة رغم قلة التجربة والخبرة لدى البعض منهم، وأنا دائما أقول إن الفنان الذي يملك موهبة وطاقة فنية إن وضعته في بيئة خصبة يثمر ويعطي نتيجة تشجعه على التألق والأداء الجيد، وهو فعلا ما وجدناه لدى الممثلين الجزائريين الذين أبدعوا حقا في أداء أدوارهم في هذا العمل. * * ألم تكن لديكم بعض التخوفات من إقحام آمال بوشوشة وإعطائها دور البطولة في أول تجربة لها مع التمثيل؟ * لا بالعكس، فكرتي دائما كانت إعطاء الفرصة للفنانين الموهوبين، وتفجير طاقاتهم لا يكون سوى بتحميلهم مسؤولية كبيرة في عمل فني كبير تكون فيه أسماء كبيرة، وأعتقد أن وجود الفنان الكبير جمال سليمان، كان بمثابة حل عقدة هذه الفنانة الجزائرية المتألقة، والتي سيكتشف المشاهد العربي أنها كانت أكثر من رائعة في أداء أول دور تمثيلي لها، ويخيل لكم وكأن لديها تجربة عشربن سنة من التمثيل، إضافة إلى أن كاتبة الرواية" أحلام مستغانمي" هي من اقترحت آمال بوشوشة ودافعت على ضرورة وجودها في المسلسل، لأنها تشبهها كثيرا، وسوف لن أتحدث أكثر من هذا وأترك لكم تكتشفون المفاجأة من خلال متابعة حلقات المسلسل. * * خارج ذاكرة الجسد هل لديكم مشاريع لإخراج أعمال جزائرية أخرى؟ * كما قلت أنا جد مرتبط بتاريخ الجزائر، التي ظلت على مدار عقود مبعدة من الأعمال التلفزيونية العربية، قبل أن تأتي رواية ذاكرة الجسد لكسر هذه الحواجز، وإن كنت قد وجهت الدعوة للمنتجين العرب لضرورة النظر بجدية في مختلف الأعمال الروائية الجزائرية، فأنا أولهم، وبحول الله لقد أخذت الكثير من هذه التجربة التي سوف لن تكون بالتأكيد الأولى والأخيرة بالنسبة لي، بعد نجاحنا في تحقيق التقارب بين الدراما السورية والجزائرية والاحتكاك بين الممثلين من كلا البلدين، وأصارحكم أن جمال سليمان أبهرته الجزائر وهو مصمم على أداء العديد من الأعمال فيها وحبذا لو تكون أعمالا ذات قيمة تاريخية، وسنكون جد سعداء بذلك بالتأكيد. * * مسك الختام كلمتك لقراء الشروق والجمهور العربي ؟ * (بابتسامة كبيرة) لقد كنتم جد طيبين يا شروقيون، فلماذا يتهمونكم بأنكم بتاع مشاكل!؟ المهم أوجه شكري وتقديري لكم ولقرائكم الذين نعدهم ومن خلالهم كل الجمهور العربي أننا نعمل بجد وكد لتقديم واحد من اكبر الأعمال الدرامية العربية وبنخبة من الفنانين العرب، يتقدمهم النجم جمال سليمان، والمتألقة أمال بوشوشة، إضافة إلى النجم اللبناني جهاد الأنديري، وبهية راشدي وغيرها من الأسماء التي ستكون قنبلة الموسم الفنية، ناهيك عن طابع الرواية التي ستحدث بالتأكيد تحولا كبيرا في الساحة الفنية الجزائرية والعربية على حد سواء.