صدر للأستاذ الجامعي فتحي منصورية، كتاب نقدي بعنوان "في براديغما العقل التأويلي.. الإمكان المفهومي والتداولي لإبستيمولوجيا نقدية تأويلية عربية". الكتاب صادر عن دار المثقف للنشر والتوزيع، أما الغلاف فهو من تصميم الفنان المبدع سليم منصورية، حيث يأمل فتحي منصورية أن يشكل هذا الكتاب إضافة حقيقية للمكتبة النقدية العربية، وأن يضيف لبنة مهمة للنقد العربي المعاصر. يناقش الباحث الأكاديمي والأستاذ الجامعي فتحي منصورية في مؤلفه الجديد "في براديغما العقل التأويلي.. الإمكان المفهومي والتداولي لإبستيمولوجية نقدية تأويلية عربية"؛ عبر منظومة تحليلية جينالوجية/أركيولوجية مفهومية الأنظمة المعرفية الكبرى التي شكلت مانفستو الحداثة وما بعد الحداثة الغربية، حيث يعمد إلى تحليل الوضعيات المفهومية لتشكل مسار العقل الغربي بتشكيلاته الخطابية المختلفة، وذلك عبر براديغما تأويلية يسعى إلى بناء تصوراتها الإبستيمولوجية عبر فكرة التخلص من الإرث الباطولوجي الذي خلفته الأنساق المغلقة، والانطلاق إلى فضاء التأويل بما هو فضاء هيرمينوطيقي يحتفي دائما بالعلامة الثقافية ويفتح مدلولاتها على الإخصاب. ويعرج الباحث فتحي منصورية على حضور الجانب التاريخي/ الوجداني في الثقافة العربية ويعتبره حضورا سيميائيا مكثفا قد ابتلع هذا الراهن، وقلص من قدرة الثقافة الراهنة على إبداع نموذج مخصوص يحررها من حضور هذا التاريخي/ الرمزي في وجداننا المعاصر؛ هذا النموذج لابد أن ينصرف حسب قوله إلى تحليل النسق المعرفي العربي، والوقوف على وحداته المكونة، وإعادة نمذجتها ومفهمتها ضمن مشروطية مخصوصة لا تتقوقع داخل نسيجها الثقافي/ الوجداني، بقدر ما هي مطالبة بالذهاب نحو الآخر فهما / تأويلا. وفي السياق ذاته، قام الأستاذ فتحي منصورية بتحليل المنعرجات الكبرى لخطاب الحداثة وما بعد الحداثة عند الغرب، حيث يقف على نقاط التمفصل الهامة بين المناهج والنظريات النقدية الغربية، وطبيعة العقل الفلسفي التحيزي الذي أنتجها، معتقدا أن هذه المناهج والنظريات يحكمها ثابت بنيوي واحد وإن اختلفت وتباينت أدواتها التحليلية، فقد انخرطت كلها في إعادة تثوير سؤال الجينيالوجيا بماهو سؤال تدميري لفكرة الميتافيزيقا وتمثلاتها الكبرى، لذلك، يعتقد الباحث أنه لا يمكن الفصل بينها فصلا واضحا، إنما يجب قراءة هذه المصفوفة وفق نموذج تأويلي يسائل المرجعيات، ويعيد تشكيل العلاقات بين هذه المرجعيات وبين نصوصها التي تتحكم فيها. من جانب آخر، ينتقل الباحث إلى إجراء اختبار نقدي لرؤية الناقد كمال أبوديب في كتابه جدلية الخفاء والتجلي، والذي يعتبره من المحاولات النقدية الرائدة في مجالنا الثقافي العربي، والتي تناولت المنهج النقدي البنيوي، ومن خلال الفحص الذي أجراه الباحث، يتصور أن صاحب الجدلية قدم تصورا ميكانيكيا للبنيوية بإخراجها من دائرة الفلسفة، في حين أنها تعتبر فلسفة قبل كل شيء، فهي جسدت بإبستيميتها فكرة القطيعة مع العقل الميتافيزيقي الذي عرج عليه سابقا. ثم يعمد الباحث إلى التعريج على كتاب النقد الثقافي للناقد السعودي عبد الله الغذامي، ويعتبره محاولة جريئة لها مكانها في حيز النقد العربي المعاصر، غير أن الأستاذ فتحي منصورية يتصور أن الغذامي لم يقرأ الثقافة العربية بما أنتجته، بل أعطى للمناهج الغربية ما بعد الحداثية ولاستراتيجياتها دورا أكبر من حجمها الطبيعي في معاينة الثقافة ومحمولها الإنساني، وهذا ما ولد في بعض الأحايين نوعا من القراءة الإسقاطية الجاهزة التي تفتقر إلى تأويل أعمق وخصب يحررها من نسقية التأويلات المباشرة. ومعلوم أن الأستاذ فتحي منصورية، هو ابن بلدية القيقبة بباتنة، من مواليد 1984 بسطيف، باحث أكاديمي شاب، ويعد عضو مخبر بحث "الأدب وحضارة الصورة"، كما أنه عضو مشروع بحث حول اليوتوبيات الحديثة وتجلياتها في الفكر والفن والأدب. ويشتغل أستاذ النقد المعاصر وفلسفة النقد بجامعة العربي التبسي – تبسة.