رغم تراجع الحصيلة اليومية للإصابات الجديدة بفيروس كورونا على المستوى الوطني، إلا أنّ الوباء لازال يضرب بقوّة في المؤسسات الصحية وفي بعض البلديات والأحياء، حيث يدفع الجزائريون يوميا من خيرة أبنائهم، وهو ما جعل جميع المختصين والخبراء يدعون المواطنين إلى عدم الاستهانة بإجراءات الوقاية وعدم الاطمئنان كثيرا لهذا التراجع الذي يبرره كثيرون بنقص التشخيص وتستر المصابين عن التصريح بحالاتهم. وفي هذا السياق، أعلن إلياس مرابط رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الصحة، في تصريح للشروق، أن تراجع حصيلة الإصابات اليومية بفيروس كورونا في المدة الأخيرة يبقى أمرا نسبيا، مردّه إلى أمرين أساسيين، أولهما تراجع عمليات التشخيص والنقص الفادح المسجل الذي لا يعطينا صورة حقيقية عن انتشار الوباء وبالتالي لا يمكن الحديث عن تراجع حقيقي، خاصة في ظل ما نراه من عودة الانتشار في دول مجاورة عديدة، وثانيهما يتعلق ببساطة الإصابات التي يتراوح تصنيفها بين خفيفة إلى متوسطة، الأمر الذي جعل كثيرا من المواطنين يتكتمون عن التصريح بإصاباتهم الحقيقية. وكشف مرابط عن عدة أسباب ساهمت في تزايد الوفيات في أوساط مهنيي الصحة، حيث نستفيق يوميا على أخبار فاجعة لرحيل أفراد الجيش الأبيض ممن نذروا أنفسهم لمحاربة الوباء وإنقاذ حياة المواطنين، ليس في مصالح "كوفيد19" فقط، بل في جميع التخصصات. وشكّك رئيس نقابة مهنيي الصحة في الأرقام الخاصة بالضحايا من قبل ممثل وزارة الصحة جمال الدين فورار والتي قدرها بنحو 6 آلاف إصابة و97 وفاة، حيث أنّ الواقع والمعلومات المستقاة من مختلف الولايات تشير إلى إصابات قاربت 8 آلاف إصابة بين مختلف الأسلاك المهنية و120 وفاة ثلثاها لدى الأطقم الطبية. وعدّد إلياس مرابط الأسباب الحقيقية لتزايد الإصابات في نقص وسائل الحماية التي لا تصل إلى مستحقيها في كثير من المؤسسات الصحية، حيث يفتقد البعض إلى ابسط المستلزمات، ناهيك عن غياب التشخيص الدوري للكشف عن الإصابة بالفيروس في الأوساط المهنية الصحية، إذ يجب أن تولى الأهمية للحفاظ على هؤلاء وعدم فقدان المزيد منهم، فمعرفة الإصابة في وقت مبكر تمكن من حفظ كثير من الأنفس المتواجدة في الخطوط الأمامية للمواجهة أو على خط النار. وما يزيد من احتمال الإصابة هو ارتفاع الشحنات الفيروسية في الوسط الصحي والاستشفائي، ما يرفع إمكانية التعرض للإصابة، خاصة وان بعض المرضى المتقدمين لقسم الفحوصات العامة أو الاستعجالية ينفون إصابتهم ولا يتقيدون بإجراءات الوقاية وهو ما يعرض حياة الآخرين للخطر. وترتفع احتمالات الإصابة في مثل هذه الظروف في ظل الإرهاق والتعب والإنهاك الذي نال من الفرق العاملة التي لم تتوقف عن النشاط منذ أزيد من 7 أشهر، ما قد يجعلها تخطئ أو تسهو أحيانا في بعض السلوكيات. ودعا إلياس مرابط إلى أهمية الحفاظ على الحسّ الوقائي المدني وعدم التساهل او التهاون، لأن المعركة لم تنته بعد والوقت لايزال مبكرا جدا لإعلان النصر. وتساءل مرابط عن سبب إقصاء الشريك الاجتماعي من رسم الاستراتيجيات العامة لمكافحة الوباء والمشاركة في إدارة الأزمة منذ بدايتها، رغم ما يمكن لهذه الأخيرة أن تقدمه من إضافات.