لم يكن الجيل الكروي للخضر في زمن رابح سعدان خارقا للعادة، وبقدر ما كان منتخبا عاديا، بقدر ما قال الكثيرون أن الفريق يمتلك مواهب يمكن استعمالها في كأسي العالم في البرازيل 2014 وروسيا 2018 ومنهم بالخصوص النجمين كريم مطمور، الذي قاد ناديه انترخت فرانكفورت في زمن مباراة الطوغو أول أمس للفوز على هوفنهايم الألماني بعد أن لعب 90 دقيقة وارتقى إلى المركز الخامس في ترتيب البطولة الألمانية، وهو إنجاز لم يسبق للاعب جزائري في التاريخ وأن بلغه، أو جمال عبدون الذي يقود فريقه أولمبياكوس لتصدر البطولة اليونانية وهو على موعد مع زميله رفيق جبور لمواجهة ليفانتي في الدور الثاني من أوربا ليغ. ولكن مع حلول خاليلوزيتش الذي اختار سياسة بناء فريق جديد في بلد لا يريد في عالم الكرة أن تحدثه عن المستقبل، ويتلهف لنتائج آنية، وهذا من حقه، لأنه توّج بكأس أمم إفريقيا، ووصل إلى النهائي فيها منذ 33 سنة وشارك في كأس العالم ثلاث مرات، وله لاعبون في كل الدوريات الأوروبية القوية من دون استثناء، ويرى مجرد اللعب ضد الطوغو إهانة فما بالك الخسارة أمام هذا المنتخب المتواضع الذي ينتمي لبلد ضعيف. رحيل خليلوزيتش هذه المرة لن يحل المشكلة ولكن رحيل خليلوزيتش هذه المرة لن يحل المشكلة إن حدث طبعا لأن عودة المبعدين سينسف أيضا مواهب ظهرت في الكان برغم الهزائم، مع أن عودة بعض ركائز أم درمان أيضا مستبعدة، أي أن خاليلوزيتش سيترك الجزائريين الآن في مأزق حقيقي بين منتخبين، أحدهما مفكك والثاني فاقد لثقة الأنصار، ودمجهما لن يمنح أكثر من منتخب آخر فاشل، ناهيك عن صعوبة، بل استحالة إيجاد مدرب آخر جديد، يقود فريقا تفصله شهرين عن استئناف إقصائيات كأس العالم، المنافسة التي لن يتسامح الجزائريون مستقبلا في تضييع أي نقطة فيها سواء داخل أو خارج الديار، لأن أي تعادل سيكون في صالح مالي أو حتى المتصدر منتخب البنين. اما المشكلة الأخرى فهي تعامل خاليلوزيتش مع المواجهات القادمة وأولها في الديار حيث سيكون استدعاؤه لزياني مثلا تنازلا يُفقده هيبته ومواصلته على نفس النهج أيضا كارثة إن بقي مدربا للخضر، ولا أحد فهم لحد الآن سببا واحدا لنسف منتخب بكل لاعبيه المخضرمين والشباب، لأن عامل السنّ غير مطروح مادام المنتخب الحالي أيضا تم الاستعانة فيه بلاعبين في الثلاثينات من العمر مثل ياسين بزاز ومصطفى مهدي. ومع ذلك لا أحد يتصور الآن عودة بلحاج أو مطمور عن قرارهما القاضي باعتزالهما اللعب، ولا أحد يتصور أن هناك من سيحاول إقناعهما بالعدول عن هذا القرار الغريب، رغم أن تقارير صحفية فرنسية قالت أن مجيد بوڤرة سيعود في الصائفة القادمة لبريطانيا، وأن نذير بلحاج سيتقمص ألوان فريق كبير في فرنسا، وحتى مطمور مؤهل للمشاركة مع ناديه فرانكفورت الموسم القادم في أوربا ليغ، مما يعني أن كوادر الخضر في زمن سعدان، الذين قدموا مباريات لا تنسى كانت معجونة بالإرادة بالخصوص وحب الفوز رغم مساوئهم الكثيرة، مازال أمامهم سنوات كثيرة للعطاء، بدليل أن المهاجرين منهم للخليج العربي، يتلقون العروض القوية التي لم تصل لحد الآن المحليين الذين سافروا إلى جنوب إفريقيا مثل إسلام سليماني أو بلكلام، حيث تبينت محدودية غالبيتهم موازاة مع محدودية المنظومة الكروية في الجزائر. وإذا كان المنتخب الجزائري قد سجل إحدى أسوأ نتائجه في تاريخه في الكان الحالي، بالرغم من الظروف التي وفرت لخاليلوزيتش، فإن المسؤولية يتحملها الجميع بما في ذلك الجمهور الذي يتعامل مع النتائج فقط، ويساهم أحيانا في تعظيم لاعبين لا يحفظون نشيد الجزائر.