يصف سفير باكستان بالجزائر، عطا الله منعم شهيد، العلاقات بين البلدين بالقوية، خاصة في الجانب السياسي، على خلاف الجانب الاقتصادي، ويتحدث الدبلوماسي الباكستاني في هذا الحوار مع الشروق بمكتبه، عن تماثل التجربة الجزائرية والباكستانية في مجال محاربة الإرهاب. ويؤكد السفير منعم شهيد، أن بلاده لن تعترف أبدا ب"إسرائيل"، وستبقى داعمة لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، وهو الدعم الذي يلقاه سكان إقليم كشمير، وبخصوص العلاقة مع العربية السعودية يقول المتحدث "علاقتنا كانت ولا تزال وطيدة مع المملكة العربية السعودية". كيف تقيمون واقع العلاقات الباكستانية الجزائرية، وما هي سبل دعمها وتعزيزها؟ تشير العلاقات بين الجزائر وباكستان إلى العلاقات بين دولتين، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وجمهورية باكستان الإسلامية. إنها دافئة وودية من وجهة نظري، يمكن تقسيم العلاقات بين باكستان والجزائر، إلى ثلاثة توجهات كبرى، سياسية تاريخية واقتصادية. علاقاتنا التاريخية، تعود جذورها إلى ما قبل استقلال الجزائر حيث تم دعم الرئيس الراحل أحمد بن بلة رفقة المناضل السياسي القدير فرحات عباس من أجل دعم القضية الجزائرية في الأممالمتحدة واستعادة الشعب الجزائري أرضه وحقه في تقرير مصيره، قامت أنداك الحكومة الباكستانية بتقديم جواز سفر دبلوماسي لكل من الرئيس الأول للجزائر أحمد بن بلة والسياسي الراحل فرحات عباس سنة 1959 كانت باكستان من أوائل الدول التي اعترفت ب "الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية" وافتتحت بعثتها في كراتشي، عاصمة باكستان آنذاك، عام 1958. أما العلاقات في جانبها السياسي والدبلوماسي جيدة وقوية، وترجمت على أرض الواقع في العديد من المناسبات خاصة تلك التي تخص القضايا ذات الاهتمام المشترك. في المنظمات والمؤتمرات الدولية، الجزائر تدعم باكستان، كما تقوم باكستان بدعم الجزائر. على هذا الأساس ومؤشرات أخرى متعددة، يمكن توصيف العلاقات بين البلدين بالجيدة والوطيدة في المجال السياسي. كانت هنالك عدة زيارات ثنائية بين البلدين. من بينها زيارة الرئيس الراحل هواري بومدين للباكستان خلال عقد إجتماع لمنظمة المؤتمر الإسلامي سنة 1974. زيارة الرئيس الباكستاني برويز مشرف للجزائر سنة 2003. عدد من رؤساء الوزراء الباكستانيين زاروا الجزائر، من بينهم بينظير بوتو (1990) ونواز شريف (1991) وبرويز مشرف،2003)، وهؤلاء من زعماء البلاد، زيارات هذه الشخصيات الكبيرة في بلادنا للجزائر، دليل على وجود علاقات وطيدة وثيقة بين البلدين. في الشق الاقتصادي قيمة التبادلات التجارية ليست بالكبيرة ولا ترتقي بعد لتطلعات الشعبين، خاصة إذا ما تمت مقارنتها بالمواقف التاريخية المترسخة، التبادلات التجارية حاليا لا تجوز 150 مليون دولار فقط، والآن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون منح الموافقة لاتفاقية التجارة وللتبادلات التجارية، وهذا تم نشره في الجريدة الرسمية. هنالك عدة ميكانيزمات، يمكن الاعتماد لترقية التبادلات التجارية بين البلدين، هنالك اتفاقيات بين البلدين، ولجان مشتركة، والاجتماعات بين الطرفين تتم، لكن على فترات طويلة. نحن نسعى حتى تكون هنالك مقابلات ولقاءات بين مسؤولي البلدين في شتى المجالات، لكن هذا الأمر تعذر هذه السنة خاصة مع جائحة كورونا، لكن، بعد تجاوز هذا الأمر، نعمل من أجل عقد اجتماعات ثنائية في جميع المجالات، ونتدارس جميع المسائل والملفات ذات الاهتمام المشترك، وسيكون هذا قريبا. كما تم توجيه دعوة للسيد وزير الخارجية صبري بوقادوم والسيد رئيس المجلس الشعبي الوطني لزيارة باكستان، لكن هذا الأمر لم يحدث، نتيجة للظروف التي يمر بها العالم مع جائحة كورونا، نأمل بمجرد تحسن الوضع Covid-19 أن يزور وزير الخارجية باكستان. من المساعي التي تعمل باكستان أن تكون آلية لتعزيز العلاقات مع الجزائر وغيرها من الدول، وتقديم المهارات التي نحوزها والمعارف. باكستان تنظم كل سنة دورات تكوين للدبلوماسيين، وتكاليف الدورة التكوينية كلها على عاتق الحكومة الباكستانية. بعد انتهاء أزمة كورونا، أشياء كثيرة وعديدة سيتم تنفيذها. سنة 2014 عرض الرئيس ممنون حسين، على الجزائر الاستثمار في بلدكم ماذا تحقق، وما هي إيجابية الاستثمار في باكستان؟ مكن الاستثمار في باكستان في جميع المجالات، باستثناء مجال الدفاع، والآن هنالك مجال واسع للاستثمار في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني)، وهو حلقة الوصل هام وحيوي بين البلدين ممر تجاري يربط مقاطعة شينشيانغ ذات الأهمية الإستراتيجية شمال غربي الصين بميناء غوادار جنوب غربي باكستان، ومن المتوقع أن يؤمّن هذا الممر الذي يأتي في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، وصول الصين إلى إفريقيا والشرق الأوسط بكلفة أقل، ويمكن لرجل الأعمال الاستثمار في "المنطقة اقتصادية خاصة"، ونأمل أن جميع الدول تستثمر ويستفيدوا من هذا المشروع الهام، خاصة أن الأجانب المستثمرين في المشروع سيكونون معفيين من الضرائب، مع الاستفادة امتيازات أخرى يحضون بها. بالمقابل، هنالك نشاط اقتصادي باكستاني في الجزائر، حيث أن هناك الشركة الباكستانية "شوكت أند رازا" تنشط في مجال البناء، كما أن هنالك عمال باكستانيون ينشطون في عدة مجالات، كما الحال في قطاع النسيج والبناء، وهؤلاء العمال متواجدون بولايات مخلفة من الوطن من بينها أدرار والعاصمة ووهران وسطيف، كما أن هنالك مهندسين يشتغلون في وهران وبني صاف في مجال الأسمدة، هنالك عمل بين البلدين، رغم أنه غير ظاهر لكنه موجود. القضية الفلسطينية أم القضايا لدى الشعوب العربية والإسلامية، ما موقف إسلام أباد في هذا الظرف الذي نلحظ هرولة لبعض الأنظمة العربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وما ردكم على التسريبات التي تُنشر في وسائل الإعلام الصهيونية عن إمكانية تطبيع العلاقات مع تل أبيب؟ باكستان موقفها واضح وصريح، نحن حكومةً وشعبًا لا ولن نعترف بإسرائيل كدولة.. لا.، ونؤكد على ضرورة إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، على حدود 1967، هذا لا مجال للنقاش فيه. أما عن تطبيع العلاقات، فقد أكد رئيس الوزراء عمران خان، أن ما يتم تداوله في السر والعلن، لا أساس له من الصحة، الاعتراف بإسرائيل، ليست بالسهولة التي يتم الحديث عنها، أول ما نطالب به وندعو إليه وندعمه إقامة دولة اسمها فلسطين، حينها سنفكر إذا هنالك إمكانية للاعتراف بدولة اسمها إسرائيل، أما الآن فلا يوجد في قاموسنا شيء اسمه التطبيع مع إسرائيل. قضية كشمير واحدة من أقدم القضايا الخلافية في العالم، كيف يمكن حل هذا الخلاف؟ الكل يعرف بأن الكشمير ولاية مسلمة ومعظم سكانها مسلمين، إلا قائدها كان ينتمي لأقلية الهندوس، وهذا القائد انضم إلى الهند عام 1947. قتل 100 ألف كشميري من القوات الهندية، نهيك عن قمع الفئة المسلمة وسلب حقوقهم ومارس العنف والتعذيب ضد المسلمين وحتى فئة الأطفال، نهيك عن قمع حرية التعبير ومنع الشعوب من حقهم في تقرير المصير وهذا ليس كلام صادر من باكستان فقط وإنما من العديد من المنظمات الدولية القائمة على حماية حقوق الإنسان. حاليا هناك أكثر من 800 ألف جندي يقمعون المسلمين الكشميريين في جامو وكشمير الهندية. تستخدم بنادق الرصاص ضد الشباب لتعميهم وتتعرض النساء للاغتصاب. باكستان تدعم كشمير دبلوماسيًا وسياسيا وإنسانيًا وهذا لا نخفيه، وما نود قوله إن المسؤولية التي على عاتق العالم وأخص هنا الأممالمتحدة والإتحاد الأوروبي وغيرها. هؤلاء عليهم القيام بواجبهم فقد تم تنظيم حوالي 3 اجتماعات لمجلس الأمن في هدا العام ولكن دون نتائج، على العالم أن يعي أن إقليم الكشمير بين قوتين نوويتين ونحن لا نريد التصعيد فقط ما نريده هو حق تقرير المصير للشعب الكشميري الذي يعرف إلى أين يتجه. سنبقى نتذكر ما فعلته الهند بأهلنا في كشمير، ونخلد هذه الذكرى الأليمة في يوم 27 أكتوبر يوم 27 أكتوبر من كل عام، وهو يمثل أحد أحلك الفصول في تاريخ جامو وكشمير. في مثل هذا اليوم من عام 1947 نزلت قوات الأمن الهندية في سريناغار لاحتلالها. قمع وترهيب الأبرياء في منطقة جامو كشمير الهنديةالمحتلة بشكل غير قانوني في انتهاك صارخ للقانون الدولي والأخلاق. في 5 أوت 2019، اتخذت خطوات إضافية لتغيير الوضع المتنازع عليه للإقليم من جانب واحد وتغيير هيكلها الديموغرافي وهويتها. أيد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من خلال العديد من قراراته، الحق الأساسي للشعب الكشميري في تقرير مستقبله من خلال استفتاء عام نزيه ونزيه يُجرى تحت رعاية الأممالمتحدة. تنكرًا لهذه القرارات، واصلت الهند طريق القمع الوحشي لشعب كشمير، حيث ترتكب القيود المفروضة على حرية التنقل والتجمع جرائم لا توصف ضد الشعب الكشميري، بما في ذلك النساء والأطفال، مع الإفلات التام من العقاب. وحتى اليوم لا يزال الضحايا يسقطون، وأقل شيء أن الشباب الذين يخرجون في مظاهرات للمطالبة بالحق في تقرير المصير، ترد عليهم الهند ردت بالرصاص المطاطي الذي تسبب في فقئ أعينهم. ما تقييمكم لمواقف الدول العربية والإسلامية من قضية كشمير؟ في منظمة المؤتمر الإسلامي على سبيل المثال، كل الدول مع القضية الكشميرية، لكن هذا يحتاج إلى معالجة من خلال الإجراءات. ومع ذلك، فإننا ممتنون لدول منظمة المؤتمر الإسلامي لدعمها للكشمير. أنتم دولة نووية، هل هذا استعراض قوة أم وسيلة للدفاع عن النفس؟ وجب التأكيد أن القوة النووية ليست للاستعمال طبعا، نحن دولة محترمة، وتعمل على تحقيق السلم في العالم وفي جوارنا، والسلاح النووي الباكستاني للدفاع عن النفس وفقط. لكن تمكننا من اكتساب السلاح النووي، وهذا شرف بأن نكون بين النادي النووي، السلاح النووي سمح بتحقيق التوازن مع الهند، وألا تقع حرب مع دول أخرى، نحن 230 مليون وهم 1.2 مليار نسمة. انخرطتم في التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، بقيادة العربية السعودية، ماذا حقق هذا التحالف؟ باكستان انخرطت في هذا التحالف، نحن نقوم بمهام التدريب والتكوين، والمساندة الدبلوماسية فقط، إذا احتاجتنا المملكة العربية السعودية، التي يكن لها الباكستانيون كل الحب والتقدير، خاصة وهي تحوي أقدس المدن الإسلامية مكةالمكرمة والمدينة المنورة، هنالك علاقة وطيدة بين باكستان والمملكة العربية السعودية منذ 1947، ونحن لا نتوانى في دعمهم في حدود المعقول. لكن نطاق انخراطنا في التحالف الإسلامي لا يزيد عن توفير التدريب والتكوين والمساندة الدبلوماسية، نحن لم ننفذ عمليات قتالية في اليمن أو في أية دولة أخرى. تؤكد على متانة العلاقات مع الرياض، لكن بعض الشواهد وما يتم تداوله، تشير أن هنالك فتورا في العلاقات مع المملكة؟ علاقتنا كانت ولا تزال وطيدة مع المملكة العربية السعودية، وهذا لا يمنع من وجود تباين في المواقف حول بعض القضايا، على سبيل المثال للسعودية علاقات مع الهند، وهذا لا يضرنا، يستحيل أن يكون هنالك تطابق في المواقف حيال جميع القضايا، ولكن العلاقات قوية جدا. وأنا لم ألحظ وجود فتور أو أي شيء مما يتم تداوله في وسائل الإعلام، هنالك دول تسعى لأن لا تكون علاقاتنا مع السعودية قوية. وماذا عن علاقتكم مع إيران؟ إيران دولة جارة، وعلاقتنا بها وطيدة جدا. قبل سنة انخرطتم في تحالف إسلامي جديد ضم ماليزيا وتركيا وقطر كذلك، هل هذا سيكون على حساب تحالفاتكم التقليدية، وعضويتكم في منظمة المؤتمر الإسلامي؟ أولا اللقاء الذي عُقد في العاصمة الماليزية لم يحضره أي مسؤول باكستاني، وفي منظمة المؤتمر الإسلامي هنالك 57 دولة، ونحن دولة مؤسسة لهذه المنظمة، لا يمكن أن تكون هنالك آراء متطابقة داخل المنظمات الدولية والإقليمية، لكن على الأقل نسعى لنسمع صوتنا وموقفنا مع وجود اختلافات في المواقف. ما هي الآليات والسياسات التي اعتمدتها الحكومية الباكستانية لمحاربة التطرف؟ أعتقد لدى كل من الجزائر وباكستان تجربة مماثلة في مكافحة الإرهاب. نحن نحارب الإرهاب منذ عام 2010. كانت باكستان في طليعة الحرب ضد الإرهاب الدولي منذ عقد ونصف. بدأت عملية "زرب عزب" في عام 2014 لإعادة السلام والازدهار والاستقرار في المنطقة. نتيجة لهذه العملية، تم تدمير الإرهابيين وبنيتهم التحتية للاتصالات بشكل كامل. من أجل الحفاظ على المكاسب التي تحققت نتيجة لعملية "زرب عزب"، أطلقنا عملية "رد الفساد" في عام 2017. كما قمنا بتطوير خطة عمل وطنية، وهي إستراتيجية أمنية شاملة، للتعامل مع جملة أمور من بينها التطرف العنيف والإرهاب بما في ذلك التمويل والطائفية. استفادت هذه الخطة الأمنية ليس فقط لباكستان بل للمنطقة بأسرها. هنالك الكثير من الممارسات تم اتخاذها لمواجهة هذه الظاهرة، لقد قامت الحكومة بغلق المدارس التي كان يتم معاقل للتشدد، مع التأكيد أن لا علاقة مع الإسلام والتطرف، كما تم وقف التمويلات المالية لهذه المدارس. كانت هنالك مدارس غير مسجلة لدى الجهات المختصة، وتم توقيف هذا الأمر، والآن كل المدارس معروف ومسجلة وتحوز الاعتمادات اللازمة. علاوة على ذلك كما تم غلق الجمعيات غير المعتمدة، كما تم منع استعمال السلاح، ووقف التعصب القبلي أو وجود قبائل واقعة خارج دائرة الحكومة، والآن باكستان دولة واحدة لا وجود للإسلام المتشدد في بلادنا لقد أعطت باكستان تضحيات هائلة في الدم والكنوز في القتال الدولي ضد الإرهاب من أجل السلام العالمي والاستقرار الإقليمي، هذه جملة من بين عشرين 20 آلية تم اعتمادها في حربنا ضد الإرهاب والتطرف. هناك صورة نمطية عن المرآة الباكستانية، أنها ترتدي النقاب، ولا يظهره منها شيء، أتابع معك قناة تلفزيونية محلية، البرنامج تظهر فيها المرأة الباكستانية سواء العاملات أو في الشارع، أن بينهن غير محجبات ويلبسن لباسا غربيا؟ في باكستان قافات مختلفة وهذا ما يظهر في لباس المرأة، وستجد أقل من 5-10 بالمئة فقط، من الباكستانيات من يرتدين البرقة، لكن ولو تشاهد مختلف المدن تجد عالما آخرا، ألبسة متنوعة، والنساء يتبوأن مناصب مختلفة، خاصة لدى الجيل الجديد، هنالك 100 قناة تلفزيونية باستثناء، قناتين فقط حكومتين، وستجد الكثير من العنصر النسوي فيها. ومع ذلك، نحن نحترم اختيار الجميع للملابس.