الاحتفال بيناير وهو أول يوم من السنة الأمازيغية الجديدة حسب التقويم الأمازيغي، الذي يوافق يوم 12 من شهر جانفي من للتقويم الميلادي، ويناير يقدسه الفلاحون ويرون فيه الأمل الذي يبشر بخير وفير، فيتكهنون بما يأتي به العام الجديد كل على فطرته وبراعته وتختلف التكهنات من منطقة إلى أخرى. وبما أن الكسكسي من الأكلات المفضلة لدى الأمازيغ وهو طعام يقدم كل يوم، إلا في اليوم الأول من السنة، يناير، فلا يقدم الكسكسي، بل أن النساء يعمدن إلى القدور ويقلبنها رأسا على عقب، بمعنى انه لا يمكن تحضير الكسكسي طوال هذا اليوم، ويقمن بتحضير أطعمة أخرى وكل عائلة حسب مقدرتها من صنفين إلى سبعة أصناف من الأطعمة، ثم إن العائلات تتعاون فيما بينها في تحضير البغرير "ثغريفين"، و"ثاغريفث"، الأولى تحضرها عادة عجوز مسنة، مرددة أدعية أو أهازيج تختلف من منطقة لأخرى، أيضا من خلال ثغريفث، الأولى يتكهنون بالعام الجديد عام، بينما تقوم أخرى مقدار أصبع من العجين وهو غير متماسك، أي دقيق مع قليل من الزيت والسكر ويسمى ويسمى "أعبور"، تضعه على إحدى ركائز الكانون وهو عبارة عن ثلاثة أحجار متوسطة الحجم توضع حول الحفرة التي تشتعل فيها النار واسمها بالأمازيغية "انيين" وبعد وضع شيء من العجين على الحجر "انيين"، وهو ساخن جدا، ومن خلال هذه العجينة يتكهنون بما سيكون عليه العام الجديد. وتفضل مناطق أخرى تحضير الكسكسي بالديك البري، احشاد، الذي تقسمه أكبر امرأة في العائلة وغالبا ما تكون الجدة، فتقدم صدر الديك لأكبر فرد من العائلة، وقد يشترك في الصدر فرد آخر من الكبار. وهذا حسب العدد، وتقدم الأرجل للأطفال والجناحين للبنات ليتزوجن. هذا، إذا كانت العائلة كبيرة، بينما تقوم عائلات أخرى بذبح أكثر من ديك، إضافة إلى ذلك، تحضر أطعمة أخرى أهمها "البغرير" والخفاف وغيرها، كما يتم توزيع حلويات ليفرح الصغار، تليها حكايات الأمهات والجدات التي تطبع سهرة ليلة يناير.. طبق "الشرشم" فأل للخصوبة والكسكس بلحم الديك رمز لفجر عام جديد هكذا يحيي سكان الأوراس عيد "ينّار" تجديد للمواقد تنظيف للبيوت وطبق واحد للعائلة لنشر المحبة ينتمي احتفال "ينّار" بالأوراس، الذي ينطق كما يكتب بنون مشددة، لرزنامة الأعياد التقليدية الفلاحية، وهو طقس متوارث منذ قرون طويلة، نظرا لارتباطه الوثيق بالحياة الفلاحية والموسمية ويرتكز بالأساس حول "فكرة المعاش"، من خلال توديع عام انقضى، وجلب "الفأل الحسن"، الخصب والرزق الوافر في العام المستجد. ل "يّنار" في منطقة الأوراس طقوس كثيرة لكنها تلتقي في نقطة جوهرية هي الاحتفاء برأس السنة " إيخف أوسقاس"، من خلال وليمة جامعة " أمنسي" في عيد ينار "أومنزونينار". يكتسي المجتمع الأوراسي القديم طابعا تلعب فيه النساء دورا مركزيا ولا يخلو ينار من هذه التجليات التاريخية التي ترسب بعضها، فيما ذاب بعضها الآخر، حيث تقوم النساء بالتغيير الشامل للبيت " الأخام" عبر التنظيف والكنس بما هو متاح أمام أيديهن، ففي المناطق والقرى الجبلية يقوم النساء بهذه الوظيفة من خلال جذور الأشجار والنباتات، فيما يقوم القاطنون في المناطق المتاخمة للصحراء بذلك عبر سعف وجريد النخل، ويستمر التجديد عبر موقد النار الذي ينظف بالكلية، فيجمع رماده القديم ليتم دفنه تحت التراب، أو بنثره خارج البيت دلالة على توديع العام بحلوه ومره، والاستعداد لمرحلة جديدة، ولا تتم تلك المرحلة سوى بالخروج من الدار بحثا عن أحجار جديدة، فتحيين الأثافي القديمة بأخرى جديدة لازمة للكانون ضرورة ملحة للطهي الجديد، كما يقمن بجلب نبتات وأعشاب هي في العادة الشيح والإكليل المنتشرين بكثافة في ربوع مناطق الأوراس الجبلية، ثم يقمن بتنظيف مكان الأحجار الجديدة بها، والاستعداد للوليمة الكبرى التي تتركز في العادة عبر طبقين رئيسين هما " إيرشمن" أي الشرشمو"السكسو" أي الكسكس، بلحم الديك أساسا، باعتبار أن الديك ذلك الحيوان الداجن صاحب خاصية الصياح والايقاظ فجرا لبداية يوم جديد وسنة جديدة، أي في تناسق تام مع الفكرة الأساسية لهذا الطقس الاجتماعي الذي لا يعني سوى التغيير نحو الأفضل. وطبيعي أن يقترن هذا الموروث ببعض الأساطير في منطقة يحسب تاريخ تواجدها بقبائلها وبطونها النوميدية وقبل النوميدية، بآلاف السنين، حيث تلجأ بعض النسوة بتجديد المكانس وطلي الجدر بمادة الجير وملء الأواني بالمياه تيمنا بالوفرة والغلة والخصوبة، فيما يتم تفقد ما تحت الأثافي الجديدة بعد أيام رغبة في استكشاف ما تخبئه الأيام من خلال التأويل الدلالي للحشرات، حيث يرمز الدود لميلاد الأنثى، والعنكبوت لميلاد ذكر، والحشيش لكثرة الرزق والنمل لتضاعف ماشية ورؤوس الأغنام. ساعة الأكل المتنوع ما بين الشرشم والكسكس أو الشخشوخة، بحسب المنطقة ووفرة المادة المعد أساسا يوم 13 من شهر جانفي، تلتئم العائلة حول طبق واحد لكل ملعقته الخاصة، حيث ينبغي أن يكون التناول بالتشارك الجماعي وفي ذلك عبرة دلالية ترمي لضرورة توحد العائلة لمواجهة الألآم الفردية وتحقيق الآمال الجماعية، وأيضا للقضاء على الخصام والنزاع والخلافات، ونبذ كل ما من شأنه تفريق شمل العائلة الواحدة ولإشاعة قيم المحبة والخير والمودة والوحدة بين الجميع. في بعض المناطق يسمى يوم 12 جانفي بمسمى"مزلغ" وهو اليوم الذي يسبق الاحتفال ويرمز له بيوم الخوف والقلق، الذي يسبق الفرحة الكبرى، إذ يكتفي البعض في هذا اليوم بطبق الشرشم وحده، والذي يتم تقديمه لأفراد العائلة، أوبنثره في الحقول وعلى الأشجار لتحقيق الخصوبة والوفرة وطمعا في النتاج الكبير. لا يخلو الاحتفال من الترويح على النفس، من خلال ممارسة بعض الألعاب القديمة مثل لعبة ثاقوست أو ثاكورث أي لعبة الكرة المكورة التي تقذف وتتنازع بين فريقين بواسطة عصي محناة، مصنوعة من جريد النخل المجفف والتي تشبه لعبة الهوكي الشهيرة، وإن قلت هذه العادة حديثا فإنها حاضرة في المهرجانات الحديثة بغرض إحيائها، مثلها مثل كرنفال شايب عاشورة الشهير، بمنطقة تكوت، الذي يحاول ناشطون إعادته لمنشئه الأول ينار بدل عيد الخريف، يشبه كرنفال إيراد لبني سنوس، وهو تمثيل يعتمد على تقمص شخوص الخرفان والأسود وتقديم عرض ذي مغزى فلكلوري، لا يختلف عن منحى تقديم الحيوانات في نسج روائي مثلما فعل ابن المقفع في كليلة ودمنة، ولافونتين في "لي فابل" لا بل إن باحثين يعتبرونه شكلا مسرحيا قديما يدور حول مفهوم الحلقة الشعبية وتقديم الفرجة والتسلية، بعد تكييفه مع التعاليم الإسلامية حيث تجمع الأموال للفقراء والمحرومين وينتهي بالدعاء لله وبفاتحة الكتاب طلبا للخير والعافية في الدارين الفانية والباقية. اكتست طابعا تضامنيا مع المتضررين من الجائحة احتفالات في المدارس والشوارع والقرى والمداشر يعد يناير الذي يعني أوّل يوم في التقويم الزراعي الأمازيغي عيدا يحتفل به في كامل منطقة شمال إفريقيا وكذا في جزر الكناري حيث توجد لا تزال بعض آثار للتقاليد البربرية، وكان انطلاق الاحتفالات الرسمية الوطنية هذا العام من منطقة "منعة وبوزينة" بولاية باتنة بحضور وزير السياحة والصناعة التقليدية والعمل العائلي والأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، حيث سيتم زيارة مواقع سياحية عديدة تزخر بها الولاية، كما تتخلل المناسبة التي تستمر على مدار 3 أيام كاملة احتفالات حسب طقوس كل منطقة تتعلق في مجملها بالمرأة والأرض كرمز للخصوبة والعطاء وأمل الجميع أن تحمل السنة الجديدة محاصيل وفيرة وسعة في الرزق. من جانبها، أعلنت وزارة الثقافة بالمناسبة عن برنامج ثري ومتنوع شمل الجانب الثقافي والتاريخي، حيث برمجت العديد من المؤسسات الثقافية نشاطات متنوعة تبرز البعدين الثقافي والتاريخي ليناير، أوّل يوم في السنة الأمازيغية، الذي تم تكريسه يوما وطنيا، البعض منها تم افتراضيا تماشيا مع الظرف الصحي الاستثنائي لوباء كورونا الذي تعرفه الجزائر منذ شهر مارس الفارط. ويتضمن البرنامج المعد بهذه المناسبة عرض أفلام ومسرحيات وتنظيم ورشات تعليم اللغة الأمازيغية وكذا ندوات ولقاءات علمية موضوعاتية حول الثقافة الأمازيغية، ينشّطها كتّاب وجامعيين وأساتذة مختصين في هذه اللغة الوطنية التي تم ترسيمها سنة 2019، بالإضافة إلى معرض للفنان والنحات يونس قويدر وحصة بيع بالإهداء لمؤلفات أدبية مترجمة إلى الأمازيغية، كما يقوم مركز الفنون قصر رياس البحر -حصن 23 بتنظيم محاضرات حول الطابع اللباس النوميدي والطقوس الزراعية القديمة في منطقة شمال إفريقيا، بالإضافة إلى ورشة حول الحروف الأمازيغية والرموز البربرية. تنظم وزارة التربية، أنشطة بيداغوجية وثقافية وفنية، بمناسبة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية "يناير" المصادف ل12 جانفي. وإلى جانب ما سبق تتضمن الاحتفالات أيضا جانبا فنيا عبر أرضيات رقمية للوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي (يوتيوب وفايسبوك) وغيرها من التنظيمات والحركات الجمعوية التي تقترح معارض افتراضية. وكعادتها احتفلت مختلف المؤسسات التعليمية في جميع الأطوار برأس السنة الأمازيغية حيث كان التلاميذ في أولى الساعات الصباحية على موعد مع دروس نموذجية للتعريف بالمناسبة ودعت الوزارة، مديري التربية، في تعليمة وجهت إليهم، إلى تسطير برنامج ثري عبر كافة المؤسسات التعليمية، مؤكدة على ضرورة إيلاء هذه المناسبة العناية التي تستحقها وتوفير الشروط الملائمة لإنجاز الأنشطة المقترحة. وتمثل البرنامج التربوي المحضر في هذا السياق في أنشطة بيداغوجية وثقافية وفنية ومعارض، يتم فيها التقيد بالإجراءات الوقائية من فيروس كورونا التي ينص عليها البروتوكول الصحي للدخول المدرسي. وأشار بيان الوزارة إلى إمكانية استغلال هذه المناسبة لتنظيم عملية تشجير خلال يومي 9 و12 جانفي، داخل مؤسسات التربية. وتهدف مشاركة وزارة التربية في هذه الاحتفالية إلى غرس ثقافة الاعتزاز بالموروث التاريخي والثقافي والحضاري المتنوع لبلادنا عند الناشئة وترسخ مقومات الهوية الوطنية بأبعادها الثلاثة الإسلام والعروبة والأمازيغية. وفي سياق ذي صلة صنع تمثال شيشناق الذي نصب على مدخل مدينة تيزي وزو الجدل بين الجزائريين وحتى بين الجزائريين والمصريين الذين أكدوا أحقيتهم التاريخية. ويبلغ طول التمثال 3.5 م قام بنحته الفنان الجزائري حامد الفردي، ونصّب بالقرب من المتحف الجهوي للمدينة. وانقسم الجزائريون بين مؤيد للمبادرة التي ترمي حسبهم إلى تجسيد البعد الأمازيغي وتعزيز الارتباط بالهوية الوطنية الامازيغية وبين مستنكر لها من منطلق تنصيب صنم لا يجوز شرعا، فيما غاص آخرون في الجانب التاريخي والتشكيك في انتمائه للجزائر أو عدم وجوده أصلا واعتباره خيالا. تحت شعار "يناير البركة والخير" لجان القرى بالبويرة تخصص أموال الاحتفال للمتضررين من كورونا تميز الاحتفال بيناير لهذه السنة بقرى ومداشر البويرة بقيام لجان عدة قرى، وحتى جمعيات فاعلة بالمنطقة، بتوجيه الأموال المخصصة لتنظيم التظاهرات الثقافية والرياضية لفائدة الأيتام،المعوزين والفقراء وضحايا كوفيد 19. يناير الخير والبركة، هو شعار الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة هذه السنة بعدة قرى ومداشر بولاية البويرة، حيث أرغمت جانحة الكورونا إلغاء تنظيم أغلبية الاحتفالات المبرمجة لعدة أيام وهذا لتفادي تجمع المواطنين وانتشار الفيروس، حيث حول أغلبية المحتفلين الميزانية المخصصة للاحتفالات من أجل اقتناء المواد الغذائية وحتى الألبسة والأغطية وتوزيعها على العائلات المحتاجة، بما فيها العائلات التي تضررت ماديا مند قرابة سنة بسبب الوباء، وهو ما أثلج قلوب الجميع خاصة أن الفكرة جيدة ومشجعة، كون الصدقات تقدم للفقراء في المناسبات الدينية أو في غير مناسبة، إلا أن مناسبة يناير لم يسبق لأي منطقة من الوطن أن خصصت صدقات معتبرة، بل الأمر يقتصر على الاحتفال والتشهير بالإرث الثقافي الأمازيغي. أئمة يردون على فركوس ويطمئنون الجزائريين الاحتفال ب "يناير" حلال لأنه عادة وليس عبادة ما زالت الفتاوى الشاذة والغريبة والدخيلة تفسد على الجزائريين أفراحهم واحتفالاتهم، فكلما اقترب عيد من الأعياد أو مناسبة وطنية وحتى دينية أو عرفية تصنع هذه الفتاوى الجدل وتقسم الجزائريين وتحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى حلبة صراع فكرية ودينية.. وهذا ما حدث هذه المرة مع احتفالات السنة الأمازيغية "يناير" التي أكد العقلاء أنها احتفالات مباحة لا غبار عليها وليست محرمة لأنها تتعلق بالعادة وليس العبادة.. أكد رئيس التنسيقية الوطنية لنقابة الأئمة، جلّول حجيمي، في تصريح ل"الشروق"، أنّ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إذا كان عادة وليس عقيدة فلا مشكلة ولا حرج في ذلك، لأنه لم يرد هناك نص في الأصل يحرم الاحتفال به، أمّا إذا كان المقصود منه تقليد الكفار في عاداتهم وتقاليدهم وجعل يناير عيدا وعبادة يجب أن يقيموها، فهذا محرم ولا يجوز على الإطلاق. وذكر حجيمي في سياق ذي صلة: "لا أظن أن القصد من الاحتفال تقليد الكفار، وإنّما هو عادة يحضرون فيها أطباقهم التقليدية فقط"، مُؤكدا أنه لم يرد أي نص في أشياء الإباحة، وأضاف قائلا: "ممنوع علينا تكفير الناس فقط لأنهم أقاموا احتفالا بعادة من عاداتهم التي ألفوها بالأكل والشرب"، وشدّد حجيمي على أنّ العادة مُحكمة شرط ألا تخالف نصوص الشريعة الإسلامية. جاء تصريح رئيس التنسيقية الوطنية لنقابة الأئمة، جلّول حجيمي، بعد الفتوى التي أطلقها الشيخ فركوس، التي صنعت الجدل بين الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الأخيرين، التي أعلن خلالها تحريم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، معتبرا عيدي الفطر والأضحى وحدهما الأولى بالاحتفال، وما عداهما ليس من الدين الإسلامي الحنيف، ونزلت الفتوى مثل النار على منصات التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ومعارض. وقد لقيت هذه الفتوى طوفانا من الانتقاد على مواقع التواصل الاجتماعي لمواطنين ذكّروه بعدد من الفتاوي التي أطلقها عن تناول الزلابية في شهر رمضان ومشاهدة الرسوم المتحركة ولعب كرة القدم، وأيضا عن صمته تجاه القضايا الحساسة التي مرّ بها الوطن من حراك وسنوات الفساد، وأيضا الأمة الإسلامية على غرار التطبيع مع الكيان الصهيوني ووصفوها بوصمة عار في جبين علماء السلفية الذين رفضوا الخوض في الموضوع سيرا على خطى حكامهم… سليم محمدي: احتفالات يناير عادة حميدة وفتوى فركوس باطلة كما يرى في هذا الشأن المفتش بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، الإمام الشيخ سليم محمدي، أنه لا ضرر في الاحتفال بيناير إذا كان الغرض منه تذكير بعادات وتقاليد الأجداد والآباء توارثها الأبناء على مرّ عقود من الزمن، فهو لا يبعد عن التوحيد ولا عن التدين والاعتقاد، فالاحتفال به يجوز ولا مشكلة فيه من ناحية الدين والشرع، خاصة وأنه كما ذكر محدثنا مرتبط بقيم التكافل والتضامن والتعاون والشكر للمولى عز وجل، وكل ذلك من الدين. أما إذا كان القصد منه هو الافتخار والتباهي والاعتقاد بأمور تخالف الدين فهذا محرم ولا يجوز شرعا، مؤكدا، وبشأن فتوى الشيخ فركوس، التي حرم فيها الاحتفال بيناير، ذكر سليم محمدي أنها غير صحيحة وإسقاطها خاطئ. تحت شعار "يناير" عامل للوحدة والتناسق الاجتماعي عاصمة الحماديين تتزين بألوان "يناير" تحتضن عاصمة الحماديين بجاية منذ بضعة أيام فعاليات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة تحت شعار "يناير عامل للوحدة والتناسق الاجتماعي". عرفت مختلف الفضاءات العمومية بولاية بجاية نشاطا ثقافيا بمناسبة الاحتفالات الخاصة برأس السنة الأمازيغية "يناير" 2971 حيث تشارك في تنظيم الفعاليات كل من بلدية بجاية والمؤسسات الثقافية التابعة لوزارة الثقافة والفنون على غرار المسرح الجهوي عبد الملك بوقرموح، مديرية الثقافة والفنون إلى جانب مكتبة البلدية وقصبة بجاية التي احتضنت عدة نشاطات بالمناسبة. وقد كانت "قصبة بجاية " قبلة سياحية تغازل زوارها بحلتها التاريخية الأصيلة للمدينة التي تحكي زخم الحقب المتعاقبة عليها منذ العهد الموحدي، التي تحتضن في ثناياها معالم وبنايات شاهدة على الأصالة والعلم، وتخلد الأثر الطيب لعلماء آثروها وأحبوا المقام بها كابن خلدون والإدريسي وابن العربي الذين أموا في مسجدها العتيق وحرصوا على تعليم أبنائها الذين لم يترددوا في زيارتها لمتابعة مختلف النشاطات التي برمجت فيها على غرار اللقاءات الشعرية والمعارض المتنوعة لمختلف الأطباق والألبسة التقليدية في إطار الدورة الثالثة ل"سوق يناير"، إلى جانب العروض الفنية التي قدمتها مجموعة "كورال ايميليرا" لولاية بجاية فيما احتضنت المكتبة البلدية عدة معارض خاصة بتاريخ الولاية والتراث اللامادي المحفوظ لدى اليونيسكو إلى جانب معرض حول "مغارة افالو بورمال" وآخر حول ترقية الكتاب الأمازيغي وكذا تاريخ طبق الكسكسي وعرض لوحات زيتية للفنان شافع وزاني. وألقى السيد ابراهيم تازاغرت محاضرة حول شخصية "شيشناق" المرتبطة بتاريخ شمال إفريقيا، فيما قدم الدكتور فريد خربوش محاضرة وبيع بالتوقيع لكتابه المعنون ب"قيلدمين". هذا، وعرفت دار الثقافة "طاوس عمروش" ببجاية توافد الجمهور لمتابعة فعاليات احتفالية يناير كالمعارض ومسابقة الرسم تحت شعار "يناير بالألوان"، فيما احتضن المسرح الجهوي عبد الملك بوقرموح الطبعة الثالثة لمسابقة الطبخ الخاص بطبق الكسكس وعرضا للأزياء لاختيار ملكة جمال بجاية، بالإضافة لتقديم لوحات استعراضية لطقوس العرس التقليدي القبائلي. وتشهد مدينة بجاية تنظيم جولات استكشافية في المناطق السياحية التي تزخر بها عاصمة الحماديين طيلة أيام الاحتفالية التي ستتواصل إلى غاية 14 من الشهر الجاري. الطارف تحيي أسبوع التراث الأمازيغي في طبعته الرابعة تحتضن المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية "فرانسواز لويز" المدعوة "مبروكة لقاسم"، أسبوع التراث الثقافي الأمازيغي في طبعته الرابعة بمشاركة العديد من الوفود الثقافية التي ستصل من مختلف ولايات الوطن وذلك من اليوم إلى غاية 16 من شهر جانفي الجاري. التظاهرة من تنظيم مديرية الثقافة بالتعاون مع جمعية "أمي الزهراء" لإحياء التراث والتقاليد، وقد تمّ تسطير برنامج ثقافي ثري على امتداد أيامها حيث ستكون أجنحة لعرض مختلف المنتجات الطبيعية كالعسل والزيوت، والكتب المدونة بالأمازيغية، والتحف، والملابس والحلويات التقليدية والعصرية، والمخطوطات والفخار والنسيج والزرابي والرسومات وتقطير الماء والغليون والمرجان والخيمة، بالإضافة إلى مسابقة تحضير أفضل طبق "كسكس طارفي" بمشاركة حرفيبن ومختصين في فن الطهي من المنطقة، أين سيتكفل زوار هذه الطبعة باختيار أفضل وأجود طبق. كما ستشارك الفرق الفلكلورية المحلية ناهيك عن ندوات فكرية عن الموروث التاريخي والحضاري الأمازيغي ينشطها أساتذة ودكاترة من جامعة الشاذلي بن جديد، وعرض أشرطة وثائقية مع تنظيم خرجات وزيارات ميدانية استكشافية لمناطق أثرية لكل من لمروج ببلدية بوقوس، قصر لالا فاطمة وواد الجنان بالعيون، والمحمية العالمية طونقة، على أن تختتم الفعاليات بحفل ختامي يعلن فيه الفائز بجائزة أفضل طبق كسكسي، وتوزيع الهدايا والتكريمات على المشاركين والضيوف. قرية آيت وعبان مثال للتضامن وإحياء التراث والتنظيم المحكم هكذا تحتفل مداشر تيزي وزو برأس السنة الأمازيغية تحتضن قرية ايت وعبان الواقعة ببلدية اقبيل دائرة عين الحمام ولاية تيزي وزو فعاليات الاحتفال برأس السنة الامازيغية "يناير" في أجواء يسودها التعاون للحفاظ على تراث المنطقة الذي يعود لعام 1876. تقع قرية ايت وعبان وسط جبال جرجرة الخلابة على ارتفاع 1000 متر، تبعد عن عاصمة الولاية بحوالي 80 كلم لتكون بذالك ضمن المنطقة الجغرافية التي تربط ثلاث ولايات عريقة (تيزي وزو ن بويرة وبجاية) ويبلغ عدد سكانها حوالي 5000 نسمة، ويعرف سكان ايت وعبان بحفاظهم على عادات وتقاليد المنطقة التي تجسدت في مظاهر الحياة اليومية كالتويزة وثيمشرط وحتى الأعراس التي لا تزال تخضع لعادات وتقاليد الأسلاف المتداولة بين الأجيال التي تربت وترعرعت على قيم التعاون والاحترام في مختلف المناسبات. وتعتبر مناسبة عشاء يناير (امنسي نيناير) واحدة من أهم الاحتفالات التي يوليها السكان عناية خاصة كونها تجمعهم جميعا في أجواء عائلة واحدة رغم تعدادهم الكبير،حيث تشرف لجنة القرية رسميا على تنظيم الاحتفالات بمشاركة كل السكان الذين لا يدخرون جهدا في تحضير مختلف الإطباق التقليدية كالكسكس واللحم والبغرير(ثيغريفين) و"اغروم نلحوال" (خبز تقليدي متبل)… الخ والتي تتعاون نساء القرية بمختلف أعمارهن في تحضيرها بكل حب، الى جانب تسطير برنامج ثقافي وفني منوع كالشعر "اسفرا" و"اشويق" وثيبوغارين" بالاضافة إلى تنظيم مسابقات ومعارض للألبسة والإطباق التقليدية وكذا عدة أنشطة للأطفال كالمسرح والموسيقى وعروض الأزياء. وتولي القرية أهمية كبيرة لشخصياتها التي صنعت النجاح في مختلف المجالات لذا تعمل على تكريمها من خلال احتفالات يناير ليقع الاختيار هذه السنة على شخصية "خقار ارزقي" الذي لمع اسمه في رياضة الملاكمة وسيتم تكريمه بحضور أسماء رياضية لامعة كمحمد بن قاسمية وحماني واخرون. وقد اشتهرت قرية ايت وعبان بطريقتها المحكمة في تنظيم التظاهرات المحلية ك ثيمشرط" أي الوزيعة و"ثاشمليث" أي تويزة و"اولزوز" أي سوق الإنتاج الريفي مما اكسب سكانها خبرة في التنظيم الذي تجسد في احتضانها لتظاهرة "raconte art الدولية في عام 2017 والتي اجمع على نجاحها المنظمون والمشاركون معا كما ساهمت خبرة السكان في تسيير ومواجهة أزمة جائحة كورونا من خلال العمل الجماعي الذي أعطى نتائج ايجابية اقتدى بها سكان المداشر الأخرى لمجابهة الجائحة.