إذا كان المنتخب الوطني لكرة اليد قد ودع بطولة كأس العالم الجراية بمصر من بوابة الجولة الثالثة دون رصيد، ما تحقيق فوز وحيد على حساب المغرب في مباراة الافتتاح بنتيجة 24/23، إلا أن الكثير من عشاق الكرة الصغيرة استغلوا الفرصة لاستعادة ذكريات الزمن الجميل لكرة اليد الجزائرية التي صنعت التميز في فترة الثمانينيات بالخصوص، وهذا تحت قيادة المدرب عزيز درواز التي هندس له على الصعيدين القاري والإقليمي قبل أن يترك المشعل لبعض تلامذته خلال التسعينيات ومطلع الألفية الحالية. أجمع الكثير من المتتبعين على المشاركة المتواضعة للمنتخب الوطني في بطولة كأس العالم لكرة اليد الجارية في مصر، ورغم أن زملاء الهداف أيوب عبدي قد دشنوا بدايتهم بفوز صعب وثمين أمام المنتخب المغربي بنتيجة 24 مقابل 23، في مباراة لم يدخلها "الخضر" بشكل جيد قبل أن يعودوا إلى الواجهة في الشوط الثاني مقلبين الموازين في الدقائق الأخيرة، حين حوّلوا هزيمة شبه حتمية إلى فوز صنع الكثير من الحدث، إلا أن عناصر الآن بورت لم يتسن لهم مواصلة التأكيد في المحطات الموالية، بدليل الخسارة الثقيلة أمام أيسلندا (93-24) والانهيار في المباراة الثالثة أمم البرتغال بواقع 26-19، وفي الجولة الثانية قدموا مردودا طيبا أمام منتخب فرنسا، حيث كانوا متقدمين بفارق مريح في بداية المباراة قبل ان يتراجع الأداء، ما تسبب في خسارتهم بنتيجة 29 مقابل 26. وفي الجولة الثالثة استسلم أبناء بورت لإرادة منتخب النرويج بنتيجة 36 مقابل 23، ليودع "الخضر" بطولة العالم بخسارة خامسة على التوالي أمام سويسرا بنتيجة 27 مقابل 24. كرة اليد الجزائرية ضعيفة عالميا رغم تاريخها ويصف الكثير المشاركة المخيبة لمنتخب كرة اليد في بطولة العالم 2021 بأنها تصنف في خانة تحصيل حاصل، وهذا بناء على جملة من المشاكل والتراكمات التي حالت دون ظهور زملاء بركوس بالوجه المعتاد، وفي مقدمة ذلك نقص المنافسة وقلة التحضيرات، وكذا الأزمة التي مرت بها كرة اليد الجزائرية خلال السنوات الأخيرة، سواء من الناحية الإدارية والتسييرية وكذا الفنية، ما جعل الأمر يختلف عن سنوات التميز التي عرفها فترة الثمانينيات بالخصوص، حين توجت ب 5 كؤوس إفريقية متتالية، ناهيك عن الألقاب وميداليات في مختلف المنافسات الإقليمية، على غرار الألعاب الإفريقية والعاب البحر الأبيض المتوسط، كما سجلت حضورها في الألعاب الأولمبية في عدة مناسبات، خصوصا في فترة الثمانينيات، وهو ما يؤكد على نجاعة سياسة التكوين المنتهجة منذ عهد الإصلاح الرياضي نهاية السبعينيات وخلال فترة التسعينيات، قبل أن تتراجع النتائج خلال فترة الأزمة الأمنية فترة التسعينيات، وصعوبة العودة إلى الواجهة خلال مطلع الألفية بنفس الإيقاع الذي عرفته اليد الجزائرية خلال الثمانينيات. سوء التسيير أجّل العودة إلى الواجهة ويجمع العارفون لخبايا الرياضة الجزائرية، بأن الوزير والمدرب السابق عزيز درواز يعد شيخ كرة اليد الجزائرية وأبرز مهندسيها دون منازع، وهذا بناء على البصمة التي تركها على صعيد المنتخب الوطني الذي نال معه ألقابا بالجملة، خاصة في فترة الثمانينيات، حين نال 5 كؤوس إفريقيا متتالية، آخرها كانت في الجزائر عام 1989 على حساب المنتخب المصري، ناهيك عن إنجازات مماثلة في عدة منافسات، على غرار ألعاب البحر المتوسط والعاب الإفريقية، وكذا الحضور في منافسات الألعاب الأولمبية وبطولة العالم. وقد سمحت بصمة عزيز درواز بوضع الأرضية المناسبة التي سار على خطاها العديد من تلامذته الذين تولوا قيادة "الخضر" منذ مطلع التسعينيات، حيث أن أغلبهم يعدون من نجوم منتخب الثمانينيات، على غرار كمال عقاب وبوشكريو وأسماء أخرى حاولت رد الاعتبار لليد الجزائرية في مختلف المنافسات والمشاركات، وهذا بصرف النظر عن المشاكل التي تواجهها الأندية وكذا الاتحادية لأسباب تنظيمية وإدارية وأخرى تتعلق بصراعات خفية وأخرى مكشوفة. نكسة المونديال فرصة لمراجعة الحسابات واستعادة المجد الضائع وإذا كان المنتخب الوطني قد ودع مونديال كرة اليد بفوز وحيد على حساب المنتخب المغربي، فوز تبعته 5 هزائم متتالية وبأداء متباين، فإن هذه النكسة تعد حسب الكثير فرصة لمراجعة الحسابات، وهذا بغية الوقوف على النقائص المسجلة والاستثمار في الإيجابيات الموجودة، مع ضرورة توظيف كل الجهود من أجل استعادة مجد كرة اليد الجزائرية، وهي تحديات تفرض إعادة النظر في الجانب الإداري بالخصوص، مع الاهتمام بالبطولة التي تتوفر على خزان هام من المواهب، في ظل البروز اللافت لعديد الأندية الناشطة في القسم الأول، والحرص في السياق ذاته إلى تفادي الصراعات التي كانت لها انعكاسات سلبية على تسيير دواليب الاتحادية خلال العشرين سنة الماضية، صراعات انعكست سلبا على أداء المنتخب والأندية، بدليل التتويجات القليلة والنادرة على الصعيد القاري منذ مطلع الألفية الحالية مقارنة بالتسعينيات وفترة الثمانينيات بالخصوص.