منذ قرابة عام، اكتشف العالم بشكل لا يكاد يصدق "كوفيد 19". من فيروس بعيد وغير معروف، انتقلنا عبر الأسابيع إلى جائحة عالمية أرتنا هشاشة العالم الذي نعيش فيه ووضعت قدرات مجتمعاتنا على الصمود تحت امتحان صعب. في حين أنه لا يوجد أحد محصن ضد ردود الفعل الأنانية ومحاولات التلاعب بوسائل الإعلام، فإن الاستجابات -الفردية والحكومية- للوباء قدمت أمثلة بناءة للتضامن. في إطار استجابته العالمية للجائحة، أطلق الاتحاد الأوروبي في أفريل 2020 "فريق أوروبا"، وهي مبادرة تهدف إلى دعم البلدان الشركاء في مكافحة الجائحة وعواقبها الاقتصادية الضارة من خلال تجميع موارده، موارد الدول الأعضاء والمؤسسات المالية، ومن بينها البنك الأوروبي للاستثمار والبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية. ويقدر المبلغ الإجمالي لبرنامج "فريق أوروبا" الآن حوالي 38.5 مليار أورو، وكشركاء استراتيجيين للاتحاد الأوروبي، فإن الدول المجاورة للاتحاد الأوروبي هي المستفيد الرئيسي. أدى تنفيذ هذه الاستجابة الأوروبية إلى قيام المفوضية الأوروبية بتعديل برامج المساعدة الجارية في كثير من البلدان، بما فيها الجزائر، من أجل تعبئة الغلاف المالي الخاص بالطوارئ والدعم كأولوية للقطاعات الصحية والاقتصادية والاجتماعية. فيما يخص الجزائر، تبلغ قيمة المساعدات الإجمالية التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي 75 مليون أورو، منها 43 مليونا مخصصة لدعم الجهود التي بذلتها وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات (و ص س إ م) للحد من انتشار الجائحة. ويحدث هذا الدعم التضامني من الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي (ب أ م إ)، على سبيل الذكر لا الحصر، لأن مركز الشراء التابع لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، يمكن أن يتجنب مزالق السوق العالمية التي تشهد توترا غير عادي، ويضمن التوصيل بشكل أسرع للعتاد الصحي، وتجهيزات حماية العاملين في التمريض، بالإضافة إلى اقتناء أجهزة التشخيص المبكر. على سبيل المثال، بدأ فعلا تسليم معدات التشخيص (منها 400.000 اختبار مستضد و100.000 جهاز أخذ عينات واستخراج تفاعل البوليمراز المتسلسل(PCR) ومن المتوقع وصول المزيد في الأسابيع المقبلة. ويشمل هذا العمل أيضا أنشطة التكوين والتوعية التي يشارك فيها المجتمع المدني [1]. فيما بدا من المستحيل في بداية الجائحة تخيل تطوير لقاح ضد فيروس كورونا على المدى القصير جدا، ارتقى المجتمع الدولي إلى مستوى التحدي بفضل جهود البحث والتطوير المشتركة. تمتلك منظمة الصحة العالمية 169 لقاحا مرشحا ضد "كوفيد- 19" قيد التطوير، منها 26 قيد التجربة على الإنسان. بعض هذه اللقاحات قيد التسويق وقد تم بالفعل إعطاء ملايين الجرعات في العديد من البلدان. ومع ذلك، لا يشكل تصنيع اللقاحات في أي حال من الأحوال غاية في حد ذاته في مكافحة الجائحة. وتذكرنا التحديات المتعلقة بتوفر هذا الدواء، والضغوط الشديدة على المختبرات والمصالح التي تلعبها القوى المختلفة، ناهيك عن التهديد من متغيرات جديدة، بأن النصر لم يتحقق بعد. من أجل ضمان التقسيم العادل للقاحات المضادة لفيروس كورونا بين دول العالم ولتجنب سباق التوريد الذي ستكون البلدان الأكثر ضعفا هي الضحايا الأولى له، تم إنشاء "نظام كوفاكس" التابع للأمم المتحدة. نُشرت قائمة أولية للتخصيصات الأولى في إطار هذا النظام، ويسعدنا أن تظهر الجزائر على هذه القائمة بأكثر من 2.2 مليون جرعة. وقد دعم "فريق أوروبا" هذه المبادرة بقوة منذ نشأتها، ويشارك فيها بما يصل إلى قيمة 850 مليون أورو، وهو ما يجعله على هذا الصعيد- لأن مساهمات أخرى لا تزال متوقعة- المانح الرئيسي (حوالي 40٪ من الالتزامات). بالإضافة إلى ذلك، تعمل المفوضية الأوروبية مع الدول الأعضاء فيها لإنشاء آلية تسمح بالمشاركة (عن طريق النقل أو إعادة البيع) لجرعات اللقاح التي تم توفيرها بموجب اتفاقيات الشراء المبكر التي أبرمت مع منتجي اللقاح. واعتمدت المفوضية آلية لضمان الشفافية بخصوص تصدير اللقاحات المضادة لكوفيد 19 من الاتحاد الأوروبي، مع الاستمرار في الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية وضمانات توصيل اللقاحات في إطار "آلية كوفاكس". بُني الاتحاد الأوروبي على فكرة التضامن بين الدول من أجل المنفعة المشتركة. ولهذا السبب، يعتزم هذا الأخير استخدام كل ثقله لمنح العالم ضمانا ملموسا لهذا المبدأ.