لا يزال المحققون يسعون لكشف الأسباب التي كانت وراء وفاة شاب فلسطيني بشاطئ موريتي بحر الأسبوع المنصرم حيث لا تزاول الرواية الأقرب للصحة تؤكد بأن وفاة هذا الشاب الذي يحضر شهادته في كلية العلوم السياسية كان بسبب "ارتطام رأسه بدراجة مائية، كان صاحبها يقودها على بعد أمتار من الشاطئ". وفي انتظار الكشف عن خبايا الحادث الذي أودى بحياة الشاب الفلسطيني، يبقى الكثير من المواطنين الذين يسعون للاستجمام في شواطئ العاصمة، يواجهون يوميا خطر السباحة في شواطئ شبيهة بالطريق السريع، خاصة مع غياب حرس السواحل الذين يفترض بهم، كبح جماح المتهورين الذين يخاطرون بحياة الأبرياء. الحادثة التي أودت بحياة الشاب الفلسطيني الذي كان يرغب في قضاء يوم مريح على الشاطئ قبل توديع أصدقائه اليوم الموالي للرحيل نحو بلده فلسطين، لا زالت راسخة في ذاكرة الأشخاص الذين يقضون اغلب أيامهم في هذه الشاطئ بسبب العمل والاسترزاق، أو لقربه من مقر سكناهم. وحسب احد رجال الإنقاذ، فان عملية البحث عن الضحية استمرت منذ المساء إلى غاية ساعة متأخرة من الليل "عملية البحث شملت كافة المنطقة، لكننا لم نتمكن من العثور على الضحية إلا عندما طفت الجثة على سطح الماء في حدود الساعة الثانية ليلا". محدثنا الذي أفضى إلينا من دون أن نكشف له هويتنا، رفض إعطائنا المزيد من التفاصيل عن الحالة التي وجدت عليها الجثة "طبيعة الجروح هي التي ستحدد سبب الوفاة وهذا ما يعمل عليه المحققون في الوقت الراهن". في ذات الوقت، تقاطعت العديد من الشهادات في كون الضحية لم يكن يسبح في مكان بعيد عن الشاطئ، بل كان في يسبح على بعد مسافة معقولة. واعتبر اغلب الناس الذين تحدثنا إليهم، ان الحادثة التي وقعت منذ أيام ما هي إلا "قطرة في بحر التسيب".ففي اغلب شواطئ العاصمة يتجول فيها سائقوا الدراجات المائية بين الأطفال على مقربة من الشاطئ دون حسيب ولا رقيب رغم ان مثل هذه الأفعال الطائشة وغير المسؤولة تنتج عنها في الكثير من الأحياء كارثة في حال اصطدام هذه الدراجات المائية الضخمة بأحد الأطفال. يقتربون من الشاطئ لمضايقة الفتيات الوضعية التي آلت إليها الشواطئ، اشتدت حدتها خلال السنوات الأخيرة مع الاستعمال الواسع للدراجات المائية، بالرغم من وجود القوانين التي تنظم استعمالها وكافة الألعاب البحرية. من بينها المرسوم رقم 13-95 الذي يفرض على مستعملي الدراجات المائية، قيادة دراجاتهم خارج شريط عرضه 300 متر. بالإضافة إلى ذلك فان القوانين تفرض على مستعملي الدراجات المائية الدخول إلى اليابسة من خلال ممرات خاصة و بسرعة جد منخفضة لا تتعدى "ثلاث عقد بحرية" وعدم الاقتراب من أماكن السباحة والبعد عن الممرات المائية للسفن الكبيرة، بالإضافة إلى عدم قيادة الدراجات المائية في المياه الضحلة لأن الماكينة قد تسحب الرمال والحصى مما قد يؤدي إلى تعطلها. لكن بالرغم من كل هذه القوانين التي توضح طريقة الاستعمال إلا أن الواقع الذي تعيشه اغلب الشواطئ يبن أن تلك القوانين ما هي إلا حبر على ورق. حسب بعض المصافين فان مالكي هذه الدراجات، ينتمون إلى الفئة التي لا يطبق عليها القانون "كلهم من أصحاب المال والنفوذ، واغلبهم أبناء رجال مهمين في الدولة لذلك لا احد يجرا على محاسبتهم أو حتى إغضابهم". لكن آخرين لا يرجعون لمكانة مالكي الدراجات المائية في المجتمع بالرغم من أن ثمنها أو السعر الذي تستأجر به والذي لا يقل عن ستة آلاف دينار يحددان الفئة التي ينتمون إليها، حسب هؤلاء فان السبب الرئيسي في تجاوز القانون والحوادث، هو انحطاط أخلاق هذه الفئة "اغلب أصحاب الدراجات المائية يقتربون من الشاطئ بغرض استهواء الفتيات، فشغلهم الشاغل هو إثارة إعجاب الفتيات والتمكن من إغواء واحدة من أصحاب البيكيني". ويرى السيد لعرفاوي محمد مسير نادي الألعاب المائية بشاطئ النخيل أن الأمر لا ينحصر في "البيكيني" والفتيات فقط "فقيادة الدراجات المائية مثل قيادة السيارات في الطريق السريع، فمن تجده مهذبا ويتحلى بأخلاق عالية في الطريق، ستجده بنفس الأخلاق في البحر.. يبحث عن متعته الشخصية دون إلحاق الأذى بالآخرين". بالإضافة إلى ذلك، يؤكد مسير النادي أن السبب الذي يجب على السلطات أخذه بعين الاعتبار وهو كراء الدراجات المائية بصفة غير قانونية "يوجد الكثير من الأفراد الذين يأجرون دراجاتهم دون إعارة أدنى اهتمام لقواعد السلامة، فهم يأجرون مركباتهم في شواطئ تعج بالمصطافين ويتركون المستأجر يعبث بها كما يحلو لهم، المهم لهم هو المال". حسب ذات المسير فان قواعد السلامة التي وضعها القانون، تفرض على صاحب الدراجة النارية حصوله على رخصة للملاحة وقيادة مركبته على مسافة آمنة، زيادة على تجهيزات الأمان " الدراجات التي نأجرها في النادي مجهزة بأجهزة إرسال تمكننا من مخاطبة السائق في حالة قيامه بالعاب متهورة، وفي حالة عدم استجابته، نقطع مباشرة التيار الكهربائي في الدراجة عن طريق جهاز للتحكم عن بعد، زيادة على ذلك فالنادي يوظف سائقين محترفين يرافقان الأشخاص الذين لا يجدون قيادة هذه المركبات، وبالإضافة إلى تجهيزات الأمان، فقد خصصنا ممرات للمركبات يمكن من خلالها الدخول والخروج من الشاطئ دون إلحاق الأذى بأي كان". بالرغم من القانون يفرض توفير مثل هذه الممرات التي ترسم حدودها بالحبال ومجسمات عائمة، زيادة على تحديد المنطقة التي لا يجب اجتيازها بالدراجات المائية، لكن في اغلب الشواطئ خاصة "شواطئ المحميات مثل نادي الصنوبر وموريتي" نزعت هذه الحدود دون أن يعطى أي تفسير لذلك. فمن سيتحمل مسؤولية مراقبة وحماية المصطافين؟ المسؤولية، مراقبة السواحل وكبح جماح "المتهورين" تقع بالدرجة الأولى على عاتق حراس السواحل الذين يفترض بهم تنظيم دوريات أو التدخل في حالة ملاحظة اقتراب أصحاب الدرجات المائية من الشاطئ أو طلب النجدة، لكن ما هو على ارض الواقع لا يبن وجود هذا "الرقيب"، فالشواطئ لا زالت تشهد الكثير من الحوادث، فلماذا هذا الغياب؟.البعض يلقي اللائمة على حرس الشواطئ بأنهم لا يقومون بدورهم، حسب ما قال احد المصطافين " قليلا ما نرى دوريات الحرس، على العكس أصحاب الدراجات المائية يصولون ويجولون كما يحلوا لهم". بنما يرى آخرون أن حرس الشواطئ ينقصهم الإمكانيات في أداء دورهم"في حالة اقتراب أصحاب الدراجات المائية من الشواطئ نخطر حراس السواحل الذين يتدخلون في وقت قصير، لكن برأي لا يجب تحميلهم كل المسؤولية، فهم لا يستطيعون التدخل في كل مكان في وقت واحد، لذلك يبقى المسؤول الأول والأخير هو درجة الوعي". بغرض توعية الشباب بدرجة خطورة الدرجات المائية، نظم نادي الألعاب المائية بشاطئ النخيل بداية الموسم دورة تحسيسية "هدفنا هو توعية الناس خاصة الشباب بمخاطر هذا النوع من الرياضات.. ففي حالة الدراجات المائية، يمكن لأدنى خطا أن يودي بحياة عشرات الأبرياء، ففي حالة وقوع حوادث في البحر، فان الجهة المعرضة للخطر هي الرأس لأنه الجزء الذي يبقى فوق سطح الماء" يقول السيد لعرفاوي " سنجعل هذه الأيام التحسيسية تقليدا سنويا، فالهدف الرئيسي هو التوعية قبل اللجوء إلى الردع". حمزة بحري